إلى قريبي د. عبد الهادي إبراهيم: إن لم ترد الرفق بنفسك فارفق بأهلك عجبت وعجب كثيرون من كثرة اللقاءات التي قامت بإجرائها بعض الصحف مع د. عبد الهادي إبراهيم بعد خروجه من السجن .. فقد نشرت صحيفتا الدار وحكايات لقاءين معه في نهاية شهر رمضان وكانت فقرات اللقاءين هي العناوين الرئيسة وتوقعت أن الأمر سيتوقف عند ذلك ، وبعد عيد الفطر وفي يوم الثلاثاء 6 سبتمبر صدرت صحيفة الوطن وفي العنوان الأول للصحيفة قرأنا «طبيب الإجهاض يخرج من صمت السنين مذكرات د. عبد الهادي بيد الوطن» ، ثم اطلعنا يوم الأحد الماضي الموافق 11سبتمبر في صحيفة السوداني على لقاء آخر معه .. ولا أدري هل هذه هي كل اللقاءات التي أجريت معه بعد خروجه من السجن أم أن هناك لقاءات أخرى ولم أطلع عليها!! بعض هذه الصحف وصف نشره لهذه المادة بأنه «خبطة صحفية من العيار الثقيل» !! ولم أجد من يخالفني في أن عمل هذه اللقاءات ونشرها من عدم التوفيق لهذه الصحف .. فهي ربما تدر عليهم مبلغاً من المال بزيادة عدد المشترين لوجود مثل هذه اللقاءات ذات النوعية التي تجذب كثيراً من القراء.. لكن في ميدان وساحة رسالة تلك الصحف وواجبها فهو عدم توفيق !! فلتسأل هذه الصحف نفسها : ما الجديد في ما نشرته في لقاءاتها مع د. عبد الهادي ؟! فقضيته قد عمت القرى والحضر كما عبرت بذلك صحيفة السوداني !! ووقائع جلسات المحكمة بتفاصيلها .. منشورة ومثبتة في الهواء الطلق عبر شبكات الإنترنت .. فما الجديد الذي يستحق أن تركض له مجموعة من الصحف في هذه القضية ؟! ولم أر جديداً في ما نشر إلا سعي د. عبد الهادي لإظهار التماسك وأن العقوبة التي تمت معاقبته بها لم تهزه وأن موقفه في عداء الدين والأخلاق وقناعاته لم تتغير .. هذا هو الجديد وهو أمر معلوم عن د. عبد الهادي فمن يعرفونه عن قرب ويعلمون عن شخصيته كانوا يتوقعون منه ذلك قبل خروجه من السجن .. حرصاً منه على عدم الانكسار وللظهور بعزة وكبرياء. فكيف سمحت بعض الصحف لنشر ما قاله د. عبد الهادي وكثير منه لا يجوز أن ينشر؟! ففيما نشر تعدٍ على مبادئ وتعاليم دين الإسلام الذي يدين به غالبية أفراد المجتمع وتسفيه لقيم الفضيلة والحشمة ومهاجمة للأمة في أعز ما تملك وهو قيمها وأخلاقها، وفي ما نشر سخرية من د. عبد الهادي واستخفاف بمجتمعنا وثقافته، وقد ذكر أن من حاكموه يفوقهم وبينه وبينهم خمسون عاماً علماً ومعرفة حتى يصلوا إلى فهمه، وفيما نشر إحصائيات ونسب لمن أجرى لهن عمليات الإجهاض، وحدد أن 90% منهن طالبات جامعيات و10% زوجات مغتربين، وقد أجرى حسب إفادته 10.000 عملية !! وفي ما نشر سؤاله سؤالاً مباشراً وإجابته عما إذا حملت ابنته سفاحاً فما موقفه؟! .. وفي سؤال الصحيفة وإجابة د. عبد الهادي إساءة لأسرة هذه الفتاة.. فذووها وأهلها لهم حق ولا يستطيع أبوها تجريدهم منه.. وقد تأذوا من السؤال والاجابة.. فعجباً لكِ صحف بلادي !! بلغ بك الحرص على جذب القراء وزيادة عدد المشترين إلى نشر مثل هذه الترهات التي باتت بضاعة «ممجوجة».. كيف تتجرأ هذه الصحف بنشر عبارات من يردد إنه يدعو للتثقيف الجنسي والتعريف بالجنس الآمن ؟! ألهذه الدرجة تعيش هذه الصحف في فقر فلم تجد موضوعات مناسبة تنشرها بين الناس وتجذب بها القراء؟! ما هذا العبث ؟! وأين دور الجهات المختصة في الرقابة على هذه الصحف ؟! ألا فلتتوقف هذه الصحف عند هذا الحد ولتدفن هذه القضية المخزية المخجلة في عمومها ومجملها، والمبكية في تفاصيلها وأحداثها الدقيقة التي نشرت عبر الآفاق. وأما قريبي الدكتور عبد الهادي إبراهيم وهو من أبناء العمومة وتربطنا به مع القربى نسب ومصاهرة .. ولي به صلة مباشرة منذ عودته من بريطانيا وزرته في سجن الدامر، ونصحي له من السهل وصوله إليه مباشرة، لكن لما كثرت هذه اللقاءات ونشرت عبر هذه الصحف ومن ثم تناقلتها أكبر المنتديات السودانية، رأيت أن يكون حديثي له ورسالتي عبر هذه الصحيفة وهو يعلم قدر حرصي ومحبتي للخير له، فأقول موجزاً حديثي في ما يلي: لا يختلف اثنان في مهارة وخبرة وذكاء د. عبد الهادي وبراعته في تخصصه بصفته طبيباً، وهو شيء يشرف كل من عرفه وله به صلة.. لكن .. لم يهنأ بذلك من هم حول عبد الهادي من محبي الخير له نظراً لأفكاره وقناعاته والتي خرج ببعضها قبل سفره .. إلا أنه رجع بأفكار أكثر تطرفاً وبعداء واضح لكثير من التوجيهات والشعائر الإسلامية وبعض العبادات من أركان الإسلام .. بل له عداء واضح وكلام لا يمكن ترداده في ربه الذي خلقه وأوجده .. وقد اجتهد كثيرون من أقاربه في مناقشته ومجادلته لفترات طويلة، وقد تم جمعه مع علماء ومتخصصين في الشريعة، إلا أنه لا يزيد في كل مرة إلا انحرافاً .. وليته احتفظ في نفسه بأفكاره وما يعتقده .. فهو قد نصّب نفسه داعية ومبشراً لبعض أفكاره المخالفة لما عليه مجتمعنا ، وقد وجد مجالاً في بعض الصحف ووسائل الإعلام لنشر ذلك. ورغم جرأة د. عبد الهادي في طرح أفكاره ورغم شهرته في تخصصه إلا أنه وبفضل الله لم يؤثر بأفكاره هذه في أصغر طفل من أهله وقرابته فضلاً عن غيرهم، وبات الناس إما من يحكي أقواله وأفكاره مشفقاً عليه وحزيناً، أو متندراً على ما يقول .. فلك أن تعلم أنه قال إن واحداً من أهم أسباب أمراض الركبة هو الصلاة !!! قريبي د. عبد الهادي لقد تناقض قولك فأنت تشكو من بعض الصحف أنها استغلت قضيتك للمتاجرة بها فقلت في لقاء صحيفة السوداني: «الإعلام لم يتناول القضية من ناحية مهنية فقد كانت بعض الوسائل تريد بيع أكبر عدد من النسخ ودي قضية للنشر «اهو دكتور كبير وغلط وفضيحة».. واستخدمها كدعاية مع إنو أنا زميلهم لكن ما مشكلة سامحهم الله»... ثم تأتي في فترة أسبوعين بعد خروجك من السجن وتنشر لك أربع صحف لقاءات وتسميك بعضها «طبيب الإجهاض».. فهلا تنبهت وتوقفت عن هذه اللقاءات التي ليس فيها جديد وإنما هي مادة تروج بها بعض الصحف لزيادة مبيعاتها. د. عبد الهادي أراك لم تتنبه حتى الآن إلى أنك تعيش في مجتمع لا يوافقك ولا يقرك في قناعاتك .. وينظر إليك بأنك منحرف عقدياً .. وأنك لم تلتزم بأخلاق المهنة ولم تكن أميناً فيها .. وأنك تعين على الفاحشة وتساهم في ترويجها وتسعى في نشرها وتردد عبارة الجنس الآمن .. وأنك قاتل بل «قاتل قتلا» بعمليات الإجهاض التي أجريتها وأنك تنشر ثقافة الجريمة وأنك تعين على الغش والخيانة بإجرائك لعمليات ترقيع البكارة التي تفاخر بأنك قمت بإجرائها .. إلى آخر تلك الأوصاف والألقاب التي يرى غالبية أفراد هذا المجتمع أنك تستحقها بجدارة .. وبالتالي فأنت نبت لا يستقيم له عود في هذا المجتمع .. طالما أنت بهذا الوضع والفكر ومجاهرتك به .. ولك أن تكتب اسمك في محرك البحث «قوقل» وتقرأ في الموضوعات المنشورة عنك في المنتديات وترى كثرة السخط عليك من أناس كثيرين رغم اختلاف مفاهيمهم .. وإذا كان قد تم القبض عليك وفي عيادتك طفلان من حملين غير شرعيين وتمت إدانتك ومحاكمتك وعقوبتك بالسجن وكل ذلك قبل انفصال الجنوب أي في عهد «دغمسة الشريعة» على حد تعبير فخامة الرئيس عمر البشير .. فالوضع في مقبل الأيام يختلف «كثيراً» عن سابقه وقد ذهبت الحركة الشعبية التي طالما أولعت بها واحتفيت بها وأظهرت محبتك لها حتى ذهبت إلى جوبا لتشييع جثمان الهالك جون قرنق عليه من الله ما يستحق... ولذلك فإنه يلزمك أن تدرك ما أنت عليه وحقيقة المجتمع الذي تعيش فيه لتكون تصرفاتك وتصريحاتك وفق المقبول بهذا المجتمع وأن لا تدعو بما يخالف ثوابته .. وأرجو ألا يحول بينك وبين ذلك اجتهادك في أن تظهر نفسك وأنك أقوى مما كنت عليه قبل السجن .. وأن هذه العقوبة لم تغير شعرة في قناعاتك كما ذكرت ذلك في لقاء حريات.. د. عبد الهادي كيف تناقض نفسك بأنك تجري تلك العمليات حفاظاً على أرواح هؤلاء البنات ؟! فأين حفظ أرواح تلك الأجنة من خلق الله ؟! أليسوا هم من بني آدم؟! وأنهم من البشر الذي يستحق أن يعيش بعد أن خلقه الله ولم يكتمل وقت خروجه ؟! إن قتل هؤلاء هو قتل لنفس حرمها الله وإثم ذلك وعقوبته كبيرة وهؤلاء هم خصمك يوم القيامة إن كنت تؤمن بذلك !! وفي شريعة الإسلام فإن الأجر الذي يدفع مقابل ذلك هو من المال الحرام ... ولا أظنك ستقول إن كل العمليات التي أجريتها وقد بلغت 10.000 عملية أن الأطفال كانوا موتى، ويكفي في بيان حقيقة ما قمت به عباراتك التالية: في لقاء أحد الصحافيين معك وهو منشور في الانترنت قولك «ثانياً: نأتي لعمليات الإجهاض.. أنا في رأيي الشخصي أخف الأضرار بالنسبة لمجتمعنا السوداني هو عمل اجهاض.. لأنه في حال حمل البنت بالحرام.. وهذا يرجع لعدم التوعية المنعونا منها.. لأنه أصلاً في وجود القنوات الفضائية والإنترنت والموبايل أصبحت هناك إباحية شئت أم أبيت.. إذاً لو لا بد يجب على الشباب والشابات أنْ يعرفوا أنَّ هنالك واقياً من الحمل، وأنَّ هنالك حبوباً في الصيدليات، وأنَّ هناك لولباً.. والحل الأصعب هو عمليات الإجهاض.. وفي رأيي هو أخف الأضرار.. لأنه في حال وضوع ابن الحرام هذا كتب على كل الأسرة الضياع والدمار والتفتت والشتات.. ناهيك عما سيلحق بالمولود في كل حياته بأنه دا ود حرام.. دي بت حرام.. حيث يكون هناك مزيد من الإنحلال والتفكك» وقد ذكرت مثل ذلك في لقاء صحيفة السوداني في بدايته ، كما أنك قلت في الاجابة عما إذا حملت ابنتك سفاحاً قلت: «هى حرة.. طالما أن الجنين في بطنها، فإذا ارادت الاجهاض ساعدتها، واذا فضلت أن يعيش الطفل فهى حرة، وابنتى سافرت إلى انجلترا وهى الآن في مجتمع يبيح الاجهاض». وهو كلام واضح في أنك تقوم بقتل الجنين قبل إخراجه وهذا هو واقع غالبية من يحملن سفاحاً فإنهن يحضرن للمختص أو المختصة لقتل الجنين ثم إخراجه، فغالبيتهن لا يستطعن قتله قبل أن يحضرن للمختص الذي يتولى الأمر من ألفه إلى يائه .. وللأسف فإنك ممن سخروا أنفسهم لهذا العمل المشين .. وأعلم عن إحدى القريبات وهي زوجة أحد أعمامك وقد كانت تعمل «داية» فإنها تركت هذه المهنة لما تكرر قدوم من يأتيها للولادة وقد شكت في أن حملهن غير شرعي فتورعاً منها تركت ذلك وحتى لا تقع في الإثم أو الإحراج .. خوفاً من ربها عزَّ وجلَّ وحرصاً على الجنة التي تريد دخولها.. وليعلم الجميع أن الإجهاض محرم في جميع الأديان وقد كان محرماً وعليه العقوبات الشديدة في الدول الكافرة، إلا أنهم أباحوه في زمن قريب نتيجة لضغط الجمعيات الماسونية والإباحية وأمثال ذلك ممن يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمعات ولتحقيق مصالحها ولنشر الفساد والدمار في العالم نظير إباحتهم للشذوذ الجنسي والصداقات .. والعلاقات المفتوحة الإباحية. د. عبد الهادي تمنينا أنك لم تسمح للصحيفة بسؤالك عن ابنتك .. وأغضبنا وأغضب كل من نعرف من أقاربنا إجابتك التي خرجت من منطلق أفكارك الخربة المنبوذة .. فهل الحرية تعني أن تؤذي أعمامها وعماتها وتؤذيها وقرابتها بقولك الذي قلته .. فكيف تسمح لنفسك بهذه الأذية لهم وأنت تعلم أنه لا يوجد بينهم من يوافقك على ترهاتك .. وقد رددت النساء قبل الرجال أن ابنتك قد تربت وسطهم وهي من أبعد الناس عما تجرأت المحاورة لطرحه، حتى أصبحت للأسف هذه الجزئية هي عنوان لمواضيع منشورة على منتديات الانترنت .. لست مفوضاً من أهلي وقرابتي لتوجيه هذه الرسالة للدكتور عبد الهادي، لكني بمعرفتي الدقيقة بالأهل والأقارب فإنه لا يخالفني أحد حسب علمي في ما قلت .. فيا عبد الهادي أن لم ترد الرفق بنفسك فارفق بأهلك وارفق بوالدك الذي افتقدك سنوات عديدة وقد تجاوز المائة من عمره، إلا أنه لا يزال في وعي وبشر بزائريه وكرم ضيافة رغم معاناته ومرضه، ومن حفظ الله في الصغر حفظه الله في الكبر .. ورفقاً بوالدتك الحنينة فهي بحاجة لقربك منها ورفقاً بجميع أهلك .. فاحتفظ لنفسك بشذوذ أفكارك فإن أعياك ذلك فارحل فإن أرض الله واسعة، وكما حكمت بوحشيتك وعدم خوفك ممن خلقك برحيل أطفال من الحياة وأخرجتهم من أرحامهم وقطعت حبال رزقهم ورميتهم في القمائم، فارحل عن هذا المجتمع فإنه لا عيش لك فيه طالما أنت بذات القناعات متقمصاً دور المرشد والمبشر وحامل لواء التثقيف.. وفاقد الشيء لا يعطيه .. وأسأل الله لك المعافاة والهداية، وأن يكفي المجتمع شرك المستطير.