معذرة إن دخلت إلى عمودك بدون فلوس، فالفلوس ذهبت مع تعليم الأبناء.. ما زالت خدمات جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج تترى وتنهمر كالمطر على رؤوسنا التي لم يعد فيها مكان خال من كدمة أو سحجة أو «فلقة» ولم يعد في صدورنا مكان لآهة أو زفرة وكل خدماته المقدمة للمغتربين تندرج تحت الهالة الإعلامية التي تسمعنا جعجعة ولا نرى لها طحناً. وآخر ما تفتقت عنه عقلية القائمين بالجهاز هو الترويج بأن الدراسة في جامعات الولايات لا تختلف عن الدراسة في جامعات العاصمة القومية.. فقد قام الجهاز بزيارة مكوكية، كشأنه دائماً، تصحبه فيها أدواته الإعلامية «برنامج ألو مرحباً»، لبناتنا الطالبات بجامعة الفاشر ليس لتلمس مشاكلهن ولا لمواساتهن في محنتهن ولا لرفع الغبن عنهن بل لتسجيل فقرة في سجل نشاط الجهاز المملوء أصلاً بالزيارات واللقاءات والمؤتمرات وورش العمل والترويج للاستثمار.. وغيرها. بناتنا اللاتي قادهنّ حظهنّ العاثر لدراسة الطب بجامعة الفاشر يقبعن في مدرجات كلية الطب بهذه الجامعة منذ تسعة أعوام ولم يتخرجن بعد.. ذهبن وهن يعقدن الآمال العراض وتصحبهن دعوات الآباء والأمهات وشددن الرحال إلى فاشر السلطان في رحلة اغتراب داخلي.. ذهبن وتذكرة الطائرة في متناول اليد قبل تسع سنوات.. ذهبن وتكاليف المعيشة أرخص قبل تسع سنوات.. ذهبن وجئن لحضور تخريج أخواتهن الأصغر منهن من الجامعة وهن ما زلن منتظرات الفرج.. وفوق ذلك كله وجدن أن الجامعة تفتقر للكثير من معينات الدراسة فلا معدات ولا كادر تدريس ولا يألو مسؤولوها جهداً في مناشدة ومخاطبة المركز لتحسين أوضاع الجامعة، واستبشرت بناتنا خيراً بجهود بروفيسور أرباب في مساعيه الدؤوبة لمعالجة تخرج الدفعات المتأخرة بتوزيعهن على جامعات أخرى ولكن تردد إلى مسامعهنّ صدى يهمس لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.. أعود لزيارة وفد الجهاز الذي استمع إلى معاناة بناتنا ووعدوا كعادتهم بالبحث في كيفية حلها وهو الذي لم يأتِ أصلاً لتلمسها، فقد مضى عام على تلك الزيارة الميمونة وبناتنا اللاتي تم توزيعهن على جامعات الزعيم الأزهري والجزيرة وجامعة الخرطوم ما زلن حتى يومنا هذا ينتظرن موافقة تلك الجامعات على قبولهن فماذا أنت فاعل أيها الجهاز؟ فهذه فرصة لتسجيل أول أهدافك في مرمى المغتربين فلا تدعها تفلت من بين يديك.. والله من وراء القصد... حبيب زين العابدين