تعتبر المعدية «البنطون» وسيلة مواصلات في بعض مناطق الولاية، ولكنها ليست في الطرق البرية وإنما في الطرق النهرية، أي بين ضفتي النهر لتنقل البشر والدواب والمركبات كبيرة كانت أو صغيرة إلى الضفة الاخرى من النهر، وقد شكلت في فترة من الفترات مزيجاً بين اللوحة الثقافية الجمالية والمعاناة من حيث إهدار الوقت وتعطيل سرعة الوصول، كما شكلت مرتعاً خصباً للشعراء والرومانسيين والمحبين الذين تعتبر محطة البنطون إما محطة أخيرة لتوديع المحبوبة أو أول محطة لاستقبالها. وبالشمالية يكاد يكون استعمال هذه الوسيلة ضرباً من ضروب الذكرى والتاريخ للزمن الجميل، وتكاد تذهب الوسيلة نفسها إلى متحف من متاحف التاريخ، وذلك بعد أن أنشأت الحكومة الحالية عدداً من الكباري بين المدن الكبيرة بالولاية، بداية بكوبري الصداقة الذي يربط بين «كريمة مروي» ثم كوبري الدبة الذي يربط بين «الدبة ارقي» ثم كوبري دنقلا الذي يربط بين «دنقلا السليم »، بينما تعمل المعدية «البنطون» بمناطق محدودة بالولاية الشمالية بكل من القولد «القولد دنقلا العجوز»، دلقوا «كوكا كدرمي» ثم معدية حلفا تربط بين شرق وغرب المحلية وغيرها من المناطق، بينما كانت هذه الوسيلة مصدر دخل جيد وتدر أموالا ضخمة لخزينة المحليات التي تعمل بها، وبعد إنشاء هذه الكباري أصبحت المحليات تعاني كثيراً في تعويض فاقد تحصيل عائدات البنطون التي تعتبر قليله التكلفة كبيرة المنفعة سهلة الإيرادات، وخلاف الولاية الشمالية فإن كثيراً من مناطق السودان كانت تستخدم المعدية وسيلة للمواصلات، وحتى في ولاية الخرطوم التى تعتبر العاصمة القومية للسودان تخلت عن المعدية قريباً جداً، حيث كانت تستخدم وسيلة مواصلات لأهل جزيرة توتي، وحتى الآن بعد إنشاء جسر توتي فإن البعض يستخدم المعدية وسيلةً للترفيه بعد رهق عمل اليوم الشاق، وفي بعض مناطق الولاية الشمالية أيضاً مازالت المعدية تعمل لنقل المواطنين وبضائعهم واحتياجاتهم، وستظل هذه الوسيلة واحدة من الوسائل المهمة التى ستظل ذكراها راسخة في العقول حتى وإن انشئت الكباري في جميع مدن السودان، وتظل المعدية ذات أثر طيب في نفوس أهل الولاية الشمالية، وهي التى ارتبطت في وجدانهم بالكثير من الذكريات منها الجميل وغيرها غير ذلك.