السؤال: السلام عليكم فضيلة الشيخ، أنا والحمد لله رزقني الله بطفل وعمره الآن أربعة أعوام وأريد أن أعوده من الآن على حفظ القرآن وأداء الصلوات، ولكنه عنيد جداً يريد أن يفعل ما يريده ومشاهدة مسلسلات الأطفال «سبيستون» وكلما قلت له صلِّ معي يقول لا ويلعب وأنا أصلي، وإذا ذهب مع والده إلى المسجد يلعب ويشغل المصلين ويغضب والده ويشتمه ويضربه بعض الأحيان ويهدده بأن لا يشتري له ما يحبه، وقبل أن يذهب معه يقول له سأبقى هادئاً علماً بأنه ليس لديه إخوان، وكيف تكون تربية الطفل على الأسس الإسلامية؟ وهل عمره صغير على الفهم والتعليم؟ وما دور كل من الأب والأم؟ وهل على الأم فقط أن تتحمل كل المسؤولية في التربية لأنها تكون طوال اليوم بالمنزل؟ علماً بأننا خارج السودان. الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد. فبداية لا بد من التنبيه على أن الشتم لا يجوز للطفل ولا لغيره؛ لعموم قوله تعالى «ولا تنابزوا بالألقاب» وقول النبي صلى الله عليه وسلم «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» وعليه فما ينبغي للأب أن يعمد إلى شتم ولده بالألفاظ النابية مهما فعل ذلك الطفل، وإلا كان الخطأ يعالج بالخطأ، وأما ضربه إياه لكونه يشوش في المسجد فما ينبغي أيضاً لأن الطفل ابن الأربع سنين ما بلغ المرحلة التي يُضرب فيها حال خطئه، بل إنه ما بلغ المرحلة التي يصحب فيها والده إلى المسجد، لكن لو صحبه أحياناً فينبغي للوالد أن يتحمل ما يحصل منه من خطأ أو تشويش؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحمل ما يصدر عن الصغار من بكاء أو عبث؛ وتلك من الرحمة التي جُبل عليها صلى الله عليه وسلم. وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم العمر الأمثل لتدريب الطفل على العبادات فقال «مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر» أما قبل السبع سنوات فإنه يشجع على الصلاة ويحفَّز عليها لكن لا يؤمر بها أمراً فضلاً عن أن يُضرب عليها، وكونه يلعب حال صلاتك أو صلاة أبيه إنما هو أمر عادي ما ينبغي الضجر منه ولا معاقبته عليه. ثم إن التربية واجب مشترك على الأبوين معاً، وما ينبغي لأحدهما أن يُلقي بالتبعة على الآخر؛ بل عليهما جميعاً أن يتقيا الله في الأطفال ويحرصا على تنشئتهم على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، لكن دور الأم أعظم حال صغر الطفل لكونه معها في أغلب الأوقات، وهي التي تملك التأثير عليه وتوجيهه أكثر من أبيه، والله الموفق والمستعان. حكم من أخر الحج السؤال: ما حكم من أخر الحج متعمدًا وهو قادر على أدائه؟ الجواب: الحج في قول جمهور العلماء واجب على الفور لا يحل للمسلم تأخيره متى ما كان قادراً على أدائه؛ اعتباراً بنصوص القرآن والسنة كقوله سبحانه: «وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض» وقوله: «فاستبقوا الخيرات» وقول النبي صلى الله عليه وسلم:««يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا»» وقوله: ««تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له»» ولو أن مسلماً مات قبل أن يحج وقد كان قادراً عليه فإن الواجب على ورثته أن يخرجوا من ماله ما يُحج به عنه وذلك قبل قسمة التركة لقوله صلى الله عليه وسلم:««فديْن الله أحق أن يقضى»» والله تعالى أعلم. كيف تصوم المرأة شهرين متتابعين؟ السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحسن الله إليك يا شيخنا د.عبد الحي يوسف 1- من كفارات القتل الخطأ صيام شهرين متتابعين، أود معرفة إذا كان القاتل امرأة فكيف تصوم هذين الشهرين المتتابعين مع أمور الحيض؟ 2- الإيمان يزيد وينقص فكيف السبيل إلى المحافظة عليه في وضعية الزيادة مع نفس تتنازعها الشهوات والمعاصي؟ 3- إذا المرء دخل الجنة فهل بعد ذلك خروج؟ وكيف التوفيق بين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» فهل الروضة تتبع إلى الجنة؟ ومن أتاها وصلى بها يدون من ساكني الجنة ولا يخرج أبداً منها؟ 4- في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «.. الإسلام يجب ما قبله...» فهل المرء إذا اغتسل يومياً ونطقه الشهادة «أسلم من جديد أو جدد إسلامه » ينطبق عليه الحديث أي تسقط كل آثامه السابقة؟ شاكر لكم حسن صبركم علينا وفقكم الله. الجواب: أولاً: من وجب عليه صيام شهرين متتابعين كفارة عن قتل خطأ أو ظهار أو إفطار متعمد في نهار رمضان فعليه أن يسرد الصيام في ذينك الشهرين ولا يقطع التتابع؛ فإن حصل عذر كمرض أو حيض أو مجيء يوم يحرم صيامه كيوم فطر أو يوم نحر فإنه يفطر، ثم يواصل صيامه ويعوض اليوم أو الأيام التي أفطرها. ثانياً: أسباب زيادة الإيمان كثيرة، ومنها: معرفة الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وطلب العلم الشرعي، وقراءة القرآن بالتدبر، والتأمل في آيات الله الكونية ونعمه الحسية، والإكثار من ذكر الله عز وجل، وحضور مجالس الذكر وحِلَق العلم، والابتعاد عن المعاصي، مع الإكثار من الدعاء لله عز وجل بزيادة الإيمان؛ وقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم إني أسألك إيماناً صادقاً ويقيناً ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة» وكان من دعائه «اللهم إني أسألك إيماناً يباشر قلبي حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، ورضني من المعيشة بما قسمت لي» وكان من دعائه «وثبتني، وثقل موازيني، وحقِّق إيماني، وتقبل صلاتي، واغفر خطيئاتي». ثالثاً: من دخل الجنة في الآخرة فإنه لا يخرج منها؛ لقوله تعالى «لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين» لكن من دخلها قبل ذلك فقد يخرج منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج ثم خرج منها، وكذلك أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام دخلاها ثم خرجا منها، وأما حديث «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» فمن العلماء من حمله على ظاهره فقال: إن تلك البقعة المباركة تحمل يوم القيامة حتى تكون في الجنة، ومنهم من حمله على المعنى المجازي، وهو أن ذلك المكان لا يخلو من ذاكر لله تعالى، فهو بهذه المثابة روضة من رياض الجنة رابعاً: ليس مطلوباً من المسلم إذا أذنب أن يجدد إسلامه من أجل أن يغفر له، بل مطلوب منه أن يجدد التوبة، فكما أن الإسلام يجبُّ ما قبله فكذلك التوبة، والله تعالى أعلم. طلاق الحائض السؤال: رجل طلق زوجته وهي حائض وهو لا يعلم هل يقع الطلاق؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فما ينبغي للمسلم أن يطلق امرأته وهي حائض؛ لأن ذلك خلاف ما شرع الله عز وجل، فعن عكرمة قال: قال ابن عباس «الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال ووجهان حرام، فأما اللذان هما حلال فأن يطلق الرجل امرأته طاهراً من غير جماع، أو يطلقها حاملاً مستبيناً حملها، وأما اللذان هما حرام فأن يطلقها حائضاً أو يطلقها عند الجماع لا يدري اشتمل الرحم على ولد أم لا «رواه الدارقطني. وطلاق الحائض واقع عند جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، رغم كونه على خلاف السنة، والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال «مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً» رواه الجماعة إلا البخاري، ومعلوم أن الرجعة لا تكون إلا بعد طلاق؛ فلو لم يك واقعاً لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها، وفي رواية عنه أنه طلق امرأة له وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال «ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله تعالى» وفي لفظ «فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء»رواه الجماعة إلا الترمذي، ولمسلم والنسائي نحوه وفي آخره قال ابن عمرو «قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن» وفي رواية متفق عليها «وكان عبد الله طلق تطليقة فحسبت من طلاقها» وفي رواية «كان ابن عمر إذا سُئل عن ذلك قال لأحدهم أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني بهذا وإن كنت طلقت ثلاثًا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك وعصيت الله عز وجل فيما أمرك به من طلاق امرأتك» رواه أحمد ومسلم والنسائي؛ وفي رواية أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة فانطلق عمر فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم «مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت فليتركها حتى تحيض فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها وإن شاء أن يمسكها فليمسكها فإنها العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء» رواه الدارقطني، والله تعالى أعلم.
