يتمتع إنسان الشرق بسخرية كبيرة في أحلك المواقف لتوصيل رسالته بلهجة تهكمية وببرود لا يوصف فقالوا إنهم سألوا نهر القاش عن أسباب انسيابه بهدوء وسلاسة ولم أنه لم يتمرد كعهده دائماً ويخرج عن مساره ويحدث في المدينة الدمار؟ وهل هذا يعود إلى جهود حكومة الولاية ووحدة ترويض النهر؟ فأجابهم النهر المجنون إنه ما كان ينوي فعله من دمار تكفلت به حكومة الولاية التي أزالت وسط المدينة وطمست معالمها الأمر الذي جعل النهر يعود إلى رشده وصوابه على الرغم من أن خريف هذا العام يعد أفضل من الأعوام الماضية. وهذا لا يجعلنا نجحد حق حكومة الولاية متمثلة في وحدة ترويض نهر القاش التي بدأت مبكرًا في أعمال الترويض والحماية ووضعت خطة محكمة بتكلفة تقدر بحوالى ثمانية ملايين جنيه وأن العمليات الفعلية بدأت بتنفيذ عمليات موجهات التيار وإقامة العراضات ونظافة المجرى وذلك من خلال الدعم الذي تلقته الوحدة من حكومة الولاية والبالغ مليون جنيه، كما أن اهتمام الوحدة بعمليات الرصد والإنذار المبكر على طول النهر بالتعاون والتنسيق مع دولة إرتريا الشقيقة برز جلياً من خلال التقارير اليومية التي ترد للوحدة من محطات الرصد والقياس حيث أضحت معدلات المنسوب ترتفع وتنخفض حيث بلغت أعلى مناسيبها إذ بلغ 535.90 فيما وصل عند كبري القاش 506.80 بناءً على تصريح المدير التنفيذي للوحدة الترويض المهندس محمد بشير عبد الله وأكد أن هذه تعد من أعلى المناسيب التي وصل إليها النهر خلال أربعة الأعوام الماضية، مؤكدًا أن النهر يسير في مجراه ولم يخرج منه وأن عمليات موجهات التيار وإقامة العراضات ونظافة المجرى كان لها الأثر الإيجابي في السيطرة على مسار النهر، هذا فضلاً عن المتابعة المستمر لأعضاء حكومة الولاية لمواقع العمل وتفقدهم لأعمال الحماية وتقوية الجسور التي لم تتوقف قط. إلا أن مخاوف مواطني المدينة تبقى حاضرة طوال الموسم وذاك لأن ذاكرة المواطن ما تزال تحتفظ بمشاهد الفيضانات التي ضربت المدينة وألحقت بها أضراراً كبيرة كما يؤكد المدير التنفيذي لمحلية كسلا ورئيس لجنة الطوارئ أن المحلية كونت غرفة عمليات تعمل خلال ال24 ساعة تتلقى الشكاوى والبلاغات وتعمل على المتابعة المستمرة لمنسوب النهر وتضم قوة من الدفاع المدني، وقبل هذا وذاك يأتي التضرُّع والدعاء للمولى عز وجل من مواطني الولاية أن ينعم عليهم بفصل الخريف لا ضار ولا غدقا.