حينما يقوم رئيس الوزراء المصري هشام قنديل ووزير الخارجية التونسي السيد عبد السلام بزيارة إلى قطاع غزةبفلسطين أثناء تجدد العدوان الإسرائيلي عليه، فإن هذا لا يعني كما قد يعني للكثير أن هاتين الدولتين بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم فيهما عبر العملية الانتخابية أجرتا تعديلات على سياساتهما الخارجية بناء على مواقف الإسلاميين المتوحدة مما يجري في فلسطين منذ عام 1948م وقبل أن يصلوا إلى الحكم، لا يعني هذا فحسب، ولم يكن هذا هو وحده الدافع فحسب، بل لأن قطاع غزة وكل فلسطين ينبغي أن تكون محل اهتمام العالم الإسلامي، مثلما أن ما يصيب دولة أوروبية واحدة يكون اهتمام كل دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.. ومثلما أن ما يصيب دولة إسرائيل يكون محل اهتمام الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وكل اليهود وأغلب النصارى في العالم إضافة إلى الحركات المتمردة التي تتلقى الدعم الإسرائيلي فتلك ليس من مصلحتها بالطبع زعزعة استقرار الدولة اليهودية في فلسطين بصواريخ المقاومة الفلسطينية.. وإذا كانت إسرائيل قد غضبت جداً من عدم زيارة الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما إليها، ولم تكن تريد فوزه لولاية ثانية أو بالأحرى للولاية الثانية لأن الدستور هناك لا يسمح بالترشح للثالثة، فإن الأولى أن يغضب الشعب الفلسطيني من عدم زيارة مسؤولي الدول الإسلامية إلى بلاده بعد زيارة قنديل وعبد السلام.. ومثل هذه الزيارة المهمة ذات الرسالة المهمة والمضمون القوي ليس بالضرورة أن تكون في إطار العلاقة بين حركة حماس والحكومة التي يمثلها المسؤول الزائر، فمن يُقتلون برصاص وقنابل الآلة العسكرية اليهودية هم أبناء الشعب الفلسطيني من نساء وأطفال وشيوخ وشباب ينتظره مستقبل بلاده، ثم من يستقبل مسؤولي حكومات دول العالم الإسلامي في غزة هم أعضاء حكومة منتخبة أُقيلت بسبب الضغوط الإسرائيلية على رئيس السلطة في قطاع غزة عباس محمود أبو مازن أي أن إسرائيل اغتالت الديمقراطية الفلسطينية كما اغتالت عددًا كبيرًا من رموز وشباب المقاومة تحت لواءات التنظيمات الفلسطينية المختلفة.. ولا يمكن أن تحدد إسرائيل من يقاومها في أرضه ومن لا يقاومها، لا يُعقل أن تقول لا نريد مقاومة يقودها الإسلاميون، وإلا اعتبرناها إرهاباً واستعدينا عليهم المجتمع الدولي وقصفنا المصانع الحربية في الدول التي تقدم الدعم للشعب الفلسطيني.. مثل السودان والعراق أيام صدام حسين ومصر قبل اتفاقية كامب ديفيد وبعد انطلاق الحياة الديمقراطية التي خرجت من ثورة 25 يناير 2011م. إذن لا بد من تكثيف زيارات المسؤولين الكبار في الدول الإسلامية إلى غزة حتى لا يكون من زارها قليلين وتنظر إليهم إسرائيل على أنهم معزولون لا ترتقي زياراتهم على قلتهم إلى تشكيل عنصر ضغط يفيد في حماية الفلسطينيين. لا بد من زيارة مسؤولين حكوميين كبار من الدول الإسلامية الأخرى حتى تكون الرسالة قوية ومؤثرة إيجاباً في اتجاه حماية الدم الفلسطيني من رصاص وقنابل إسرائيل المدعومة بسخاء من واشنطن. لا ينبغي أن نجعل زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل إلى غزة معزولة حينما لا تقوم حكومات الدول الإسلامية الأخرى بنفس زيارته. ولا ينبغي أن ننظر إلى علاقة مصر بفلسطين على أنها علاقة جوار، ففلسطين مع كل دول العالم الإسلامي تربطها علاقات أممية، فهي جزء من الأمة الإسلامية، فهل سيزور وزير الخارجية السوداني غزة بعد زيارة وزير الخارجية التونسي لها؟!!