عشرات المهاجرين من السودان الذين يقصدون الهجرة يدخلونها من بوابة اللجوء السياسي وذلك لأن اللاجئ عندما يخرج من وطنه الأصلى، يكون حجته المعاناة من اضطهاد بسبب عرقى أو سياسي، ويدّعي انه غير قادر على الحصول على الحماية من بلده وغير قادر على العودة مرة أخرى بسبب الخوف من الاضطهاد، ولكن قد يكون السبب الرئيس هو العامل الاقتصادي البحت، حيث ظل معظمهم يعاني من عدم الحصول على وظيفة ثابتة بعد تخرجه بعد أن ضاقت مواعين العمل الحكومي عن استيعابهم، وحتى الذين حصلوا عليها فان العائد لا يفي بمتطلبات الحياة في ظل الازمة الاقتصادية الطاحنة، وكثيرون يرون ان عائد العمل بالدول العربية لا يلبي طموحهم لتأمين المستقبل أو لا يكاد يختلف عن العائد بالسودان لذا فكثيرون يرون أن لا جدوى من الاغتراب بها برغم سهولة ايجاد العمل وسلاسة دخلها ويحبذون الدول الاوربية ويتحايلون على صعوبة الحصول على العمل أو مجرد الدخول للدولة الاوربية المعينة باللجوء السياسي هذا مع وجود فئة أخرى تضطر الى اللجوء حقيقة بفعل معارضتهم للنظام السياسي الحاكم والسؤال المهم هل يساهم اللاجئ السياسي أو المغترب العادي في رفع اقتصاد السودان؟؟ فبالرغم من ان السودان يعد من الدول الكبيرة التي ترفد الخارج بالموارد البشرية وهو من الدول المساهمة في بناء الكثير من المجتمعات الا أنه لم يعرف كيفية الاستفادة من عائد هذه العمالة فى تعزيز ودعم التنمية الاقتصادية.. هذا الوضع جعل د. عثمان حسن عثمان مدير إدارة البحوث والدراسات بمركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان الى ضرورة رعاية ومساعدة وتدريب وتأهيل المغتربين «أياً كان نوع هجرتهم» وفقاً لحاجة سوق العمل العالمي وتيسير سفرهم وتحسين مظهرهم ومساعدتهم من خلال استخراج الوثائق المطلوبة لتحقيق نصيب أكبر من سوق العمل العالمي مشيرًا إلى أن المغترب أصبح يقدم خدمة ويتقاضى أجراً يعود جزء كبير منه إلى الدولة فيما يعرف بتحويلات أو عائدات المغتربين.. وقد اشار خلال الورقة العلمية التي تحمل عنوان «آليات تعزيز دور المغتربين في دعم الاقتصاد الوطني» والتي قدمها في المؤتمر العلمي السنوي الأول «السودان الواقع وآفاق المستقبل» والذي نظمته جامعة إفريقيا العالمية كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في وقت سابق من هذا العام وأكد أن من إيجابيات الهجرة توطين ونقل التكنولوجيا الى الداخل بجانب دور المغترب في الاقتصاد السوداني والذى يتمثل فى تحويلات المغتربين أو العاملين بالخارج والتى تعد من أهم مصادر الإيرادات بالعملات الأجنبية، وذلك نسبة لمساهمتها في تحسين موقف ميزانية الدولة من المدفوعات، وتخفيض العجز في الحساب الجاري، وزيادة معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي، وبالتالي المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً وان السودان يعد من الدول النامية التي تواجه نقصًا من موارد النقد الأجنبي ويحتاج فعلياً لتخفيف مستوى الفقر والبطالة بتوفير فرص العمل وإيجاد مصادر للدخل الاستهلاكي والإنتاجي بزيادة التكوين الرأس مالي، وهذا لا يتم الا بالهجرة. ووفقًا لتقديرات البنك الدولي فإن تحويلات المغتربين قد تصل إلى «10» مليارات دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة وقدرت في العام «2010م» ب«3.2» مليار دولار فضلاً عن الموارد التي يدفعونها نظير الخدمات التي تقدَّم لهم في الداخل والخارج ورسوم الجمارك التي يدفعونها على مستورداتهم. علماً بأن التحويلات التي تتم عبر القنوات الرسمية والسوق الموازي يتم توظيفها لعمليات استيراد السلع والخدمات الشيء الذي يحقق موارد مالية حقيقية للخزانة؛ وهذا يوضح العلاقة بين الهجرة والتنمية. ويقدر عدد المهاجرين السودانيين بحوالى مليوني فرد عبر أكثرهم من خلال المنافذ غير الرسمية ودون استيفاء شروط وضوابط الهجرة إما بالتسلل عبر الحدود براً عبر الحدود مع ليبيا ومصر بل وحتى عبر البحر الأبيض المتوسط بالقوارب إلى أوروبا وقد أكد مؤتمر اقتصاديات الهجرة الأول في العام الماضي أن هنالك ملايين المهاجرين السودانيين بأوربا ومليارات الدولارات بين أيديهم وكان يمكن أن تسهم في معالجة ندرة النقد الأجنبي. ايضًا نجد ان تحويلات المغتربين تتأثر بعدد من العوامل الداخلية والخارجية، تؤدي لتحسن أداء المؤشرات الاقتصادية، ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي، واستقرار سعر الصرف ومعدل التضخم، إضافة إلى تقدم تطور البنية التحتية والاقتصادية للدول المضيفة للعمالة واضعاف هذه الاستفادة للسودان كل هذه اذا تمت الاستفادة من العائدات بالصورة الصحيحة.