شرَّف الأستاذ عابدين خضر محمود المشهور ب «درمة» المسؤول والمشرف على مقابر أحمد شرفي بحي «ود نوباوي» ومقابر البكري بحي العمدة بمدينة أم درمان منتدى الأربعائية الثقافي الاجتماعي بجِدة برفقة مضيفه عضو الأربعائية الأستاذ عبد الرحيم الصديق لأداء فريضة الحج وهو مسؤول وحدة دفن الموتى بالبعثة الطبية لحجاج السودان.. قدم درمة في ندوة الأربعائية محاضرة قيمة عن كيفية تجهيز الموتى ودفنهم حسبما يقتضيه الشرع الإسلامي الحنيف، ثم طرز المحاضرة بحديث طيب عن وصايا المشاهير من رؤساء وشعراء وعلماء وفنانين، كالرئيس النميري الذي وصى بأن يكون قبره في مكان ظاهر خارج المقبرة حتى لا تدوس الأقدام القبور وهي لا تعلم فترتكب ما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، وقد تحدث عن كثرة زيارة المسؤولين السودانيين للمقابر، ومن تلك الزيارات ذكر أن الشهيد الزبير في آخر زيارة له، لاحظ أن الطوب الخاص بالمقبرة موضوع في العراء وقد يتعرض للأمطار فأمر ببناء غرفة خاصة لحفظ الطوب وطلب من درمة أن يزيد كمية الطوب، ثم استشهد في اليوم التالي واضطر الناس للاستعانة بالطوب الذي أمر بزيادة كميته في قبره هو ومن استشهد معه، ثم عرج إلى الحديث عن حالات الموتى في قبورهم وكيف أن الأرض لا تأكل أجساد الصالحين منهم، ذكر قصة العروس التي وجدوها بكامل هيئتها بعد خمس وعشرين سنة من موتها، حتى نقش الحناء على معصميها كأنه نُقش قبل لحظات، وقد ذكر زوجها أنها توفيت أيام عرسها إثر حادث حركة.. وكانت محاضرة درمة من أروع المحاضرات، ووعد درمة بأن يخص الأربعائية بندوة عمَّا يمكن تسميتُه ب (ثقافة الموت) وكيفية تجهيز الموتى، وهو أمرٌ ضروري يدخل في إطار التكريم الذي خصَّ به الله سبحانه وتعالى الإنسان.