بلينكن عن التدقيق في مزاعم انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان: سترون النتائج قريبا    عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    الخطوة التالية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاولة الانقلابية...كشفت حجم خلافات الإسلاميين
نشر في الانتباهة يوم 23 - 11 - 2012

قوش وإخوانه..الإسلاميون العسكر.. انقلاب أم تغيير «بعض» الوجوه؟!
تحليل: أحمد يوسف التاي..أسامة عبد الماجد
المحاولات الانقلابية لتغيير نظام الحكم في السودان خلال ال «23» عاماً الماضية والتي اصطلح عليها ب«المحاولات التخريبية» على كثرتها وقوتها وكثرة عدد ضحاياها جراء ردة الفعل الحكومية إلا أنها لم تثر جدلاً، وتترك تساؤلات كما فعلت الأخيرة التي تسرّبت المعلومات الكافية بشأنها وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة قبل أن يعلنها رسمياً وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال في مؤتمره الصحافي أمس... ومن هنا يبرز السؤال الجوهري: لماذا أثارت هذه المحاولة التي برز فيها اسم مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق صلاح قوش، والعميدمحمد عبد الجليل «ود إبراهيم»، واللواء عادل الطيب «سلاح الإشارة» ،لماذا أثارت دون غيرها كل هذا الجدل، ولماذا حظيت بالاهتمام المتعاظم من وسائل الإعلام العالمية والمحلية، هذا فضلاً عن استحواذها على مساحة واسعة على مجالس السياسة والإعلام، وعامة الناس..وثمة أسئلة أخرى لا تقل أهمية يمكن طرحها في هذا المقام: هل ما حدث حقيقة، أم أنها عملية مفتعلة لتصفية بعض الحسابات الشائكة داخل البيت الإنقاذي؟ وهل صحيح أن للعملية بعدًا خارجياً كما ذكرت الحكومة رسمياً؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟.
للإجابة عن كل تلك الأسئلة يمكن الإشارة ولو عرضاً إلى بعض المعطيات التي يمكن أن تسهم بشكل واضح في الاقتراب من الإجابات الصحيحة، وذلك على النحو التالي:
قوش، الرجل الخطير
أولاً: هذه المحاولة الانقلابية والتي تسمى «التخريبية» في عرف الإنقاذ تختلف عن سابقاتها، حيث كانت الحكومة في كل المحاولات السابقة تتهم جهات معارضة للنظام ذات انتماءات لأحزاب معارضة، الأمر الذي اختلف هذه المرة حيث أشارت أصابع الاتهام بشكل جلي إلى أقوى عناصر الإنقاذ نفسها، والدليل هو اعتقال قوش وهو يعتبر من أخطر عناصر الإنقاذ التي مرت على جهاز المخابرات والأمن، وكذلك العميد محمد عبد الجليل «ود إبراهيم»، وهو من أصلب عناصر الإنقاذ العسكرية، وكذا اللواء عادل الطيب « سلاح الإشارة»، وهناك آخرون أكثر خطورة لم تفصح عنهم الحكومة، ربما لأن ذكرهم لن يكون مفيدًا لها على الأقل في التوقيت الحالي.
نبوءة الترابي
ثانياً: ظهور تلك الشخصيات في المحاولة، واعتقالها له دلالات وأبعاد كثيرة مرتبطة بالإنقسام الداخلي وصراع مراكز القوى داخل المؤتمر الوطني، وهو أمر يؤكد بشكل قاطع نبوءة الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي الذي صرّح قبل أسبوعين بتوقعاته حدوث انقلاب عسكري من داخل الإسلاميين أنفسهم، حيث أشار إلى أنه لو حدث إنقلاب سيكون من الإسلاميين أنفسهم.. ولا شك أن تنبؤات الترابي لم تأتِ من فراغ إذ أن الأجواء الخلافية داخل صفوف المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية باتت تنبئ بأكثر من ذلك حيث جعلت الساحة مفتوحة لكل الاحتمالات.
خلافات عميقة
ثالثاً: إذا صح أن قوش وآخرين يرتبون لتغيير النظام القائم، فإن الأمر في مجمله يعكس دلالات خطيرة وهي أن حالة الانقسام داخل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني أصبحت عميقة جدا إلى الدرجة التي لا ينفع معها الحوار وليس كما قال وزير الإعلام في مؤتمره الصحفي: « محاولة إسقاط النظام أحلام ليس لها سيقان، والتركيبة الحاكمة على أفضل ما يكون وأعلى انسجام، وما يجري لا يشكل تهديداً لسلامة البلاد وأمان المواطنين»... ووزير الإعلام يقول ذلك وكأن اعتقال «13» من المشتبه بهم من بعض ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات والمدنيين، وعلى رأسهم الفريق أول صلاح عبدالله »قوش« واللواء عادل الطيب والعميد محمد إبراهيم »ود إبراهيم« أمر طبيعي ..!!!.
اغتيالات سياسية
رابعاً: ثمة دلالات أخرى وهي أن ما حدث يشير إلى أن أجواء الصراع بين النخبة الحاكمة في البلاد إذا ما استمرت على ما هي عليه، فإنه لم يُستبعد حدوث إاغتيالات سياسية، وتصفيات لبعض الشخصيات في مقبل الأيام، طالما أن الخلاف بلغ ذروته ودفع البعض إلى التفكير في الانقلاب العسكري، ومعلوم أن مثل هذه المغامرات ليست نزهة أو طريقاً مفروشاً بالورود، إذ لابد من ضحايا محتملين، وهو أمر أيضاً تعززه بعض التنبؤات التي تشير إلى أن نهاية حكم الإسلاميين في السودان سيكون فيما بينهم.
خامساً: أما من حيث التوقيت فإن العملية اُختير لها توقيتاً حساساً للغاية، وهو التزامن مع مرض الرئيس البشير، والشائعات التي انطلقت في هذا الصدد، واستعداد وتسرع بعض الإسلاميين في اختيار خليفة للبشير، هذا فضلاً عن إسقاطات مؤتمر الحركة الإسلامية الذي كانت ربما نتائجه معروفة لدى المتهمين بالمحاولة ربما ربما...
--
الإسلاميون العسكر.. انقلاب أم تغيير «بعض» الوجوه؟!
قبل شروق الشمس بساعات قليلة من يوم أمس كان الفريق مهندس صلاح عبد الله «قوش» بمنزله بالخرطوم منهمكًا في القراءة وكان كل شيء من حوله فيه كثير من الروتين قبل أن تنقلب رأسًا على عقب.. حالة قوش رسمها لي صديق عزيز كان قد هاتفه بساعة أو يزيد قبل أن تأتي السلطات لتعتقله بتهمة المشاركة في محاولة انقلابية لا يزال يكتنفها الغموض، حيث لم تُفصح الحكومة عنها شيئًا إلا تفاصيل قليلة جدًا مثل عدد المتهمين فيها وهم نحو «13» رجلاً أبرزهم قوش والعميد محمد إبراهيم عبد الجليل ومصطفى نور الدائم واللواء عادل الطيب من سلاح النقل بينما تناقلت مواقع إسفيرية أسماء عدد من الضباط والمدنيين وجلُّهم لا علاقة لهم بالمحاولة ولم يتم التحفظ عليهم مثل قائد الفرقة «20» بابنوسة اللواء كمال عبد المعروف قائد معركة تحرير هجليج، ووالٍ سابق بإحدى ولايات دارفور هاتفته وهو غارق في الضحك عندما أبلغته بورود اسمه، وبالسخرية التي عُرفت عنه سفَّه الأمر.
المهم أن جميع من تم ذكرهم إن كان رسميًا أو من باب التخمينات هم من أبناء الإنقاذ وممَّن أبلوا بلاءً حسنًا في مشروعها بدءًا من قوش الذي أدار جهاز الأمن في مدة عصيبة ويمتلك كل مفاتيح السلطة، وما من شفرة إلا والرجل يعرف كيفية فكها، بجانب العميد محمد إبراهيم عبد الجليل «ود إبراهيم» الذي عمل ضابط أمن بالقصر الجمهوري « 2001 إلى 2004» وهو من الضباط البارزين المجاهدين إذ يلقَّب بأمير الدبَّابين، وأذكر في رمضان الماضي لبَّينا دعوة إفطار بمنزله بحي المزاد بالخرطوم بحري الذي توافد إليه المئات من المجاهدين وهو من رجال المؤسسة العسكرية الذين يعرفهم الجيش الشعبي من خلال عمليات صيف العبور بالجنوب وتلشي بجنوب كردفان وتربطه علائق وثيقة بقيادات المجاهدين الذين تبوأوا مناصب وزارية على رأسهم وزير الكهرباء أسامة عبد الله ووزير الدولة بالرياضة السابق منسق الدفاع الشعبي عبد القادر محمد زين، وعمل ود إبراهيم قنصلاً بسفارة السودان بكينيا «2004 2008» وعاد والتحق بالاستخبارات العسكرية ثم إلى الأكاديمية العسكرية «إدارة التدريب».. شارك في عملية تحرير هجليج ويتردد أن المجاهد الوزير عيسى بشرى الذي حضر إفطار المجاهدين الأخير بمنزل ود إبراهيم وكذلك غازي صلاح الدين تربطه علاقة وثيقة بالرجل، وقد طلب من الرئيس أن يرافقه إلى هجليج.. ويلتف المجاهدون خلف ود إبراهيم خاصة عندما يردِّد معهم قصيدته ذائعة الصيت التي عرفه بها عامة الناس «ليش ليش يا مجاهد» والتي تقول
كلاشنكوفك والجيم أفهم .. في الرأس تنشينك لالا ترحم
للقاء أعدائك لا تهاب الدانة لا تخشى لغم
أنصار ود إبراهيم
لكن من المهم التوقف عند محطة ود إبراهيم وليس قوش وذلك أن ثلاثة آخرين من ال «13» مقربون جدًا منه، وقد تم القبض عليهم، وبحسب مصدر موثوق هم النقيب أمن علاء الدين محمد عبد الله من أبناء قوز المطرق بولاية نهر النيل كان بإدارة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات قبل أن يتم نقله قبل عام ونصف إلى وحدة صغيرة قرب مدينة عطبرة تسمى سيدون وهي مناطق القيادي البارز بالوطني قطبي المهدي، والثاني نقيب أمن بإدارة العمليات إبراهيم عبيد الله من أبناء جنوب كردفان، والاثنان من المجاهدين القدامى الأصفياء شاركوا في عدد من متحركات الجهاد قبل التحاقهم بالجهاز وعملوا تحت إمرة ود إبراهيم بمناطق الإستوائية ويحبونه لوجه الله حتى إن علاء الدين عند احتلال هجليج استأذن قائده ورافق ود إبراهيم الذي قاد محور العرب «المسيرية» والذي ساهم في تحرير هجليج والثالث هو العقيد فتح الرحيم عبد الله من أبناء الدفعة «38» بالقوات المسلحة أول قائد للقوات المشتركة السودانية التشادية من «2010» إلى «2012» وعلاقته بود إبراهيم بدأت عندما كانا سويًا في مناطق غرب النوير، فتح الرحيم من الضباط الأكفاء وهو شخصية قيادية معروفة في أوساط الجيش وفي الأصل هو ضابط مدرعات، وبمناسبة المدرعات تم القبض على ضابط منسوب إليها يُدعى رشاد وهو الآن متفرغ حيث يدرس بكلية القادة والأركان، ولعل وجود اثنين من سلاح المدرعات جعل مواقع إسفيرية تورد اسم قائدها الأسبق اللواء «م» صديق فضل ضمن أصحاب المحاولة، وهذا ليس بصحيح، وفضل من أميز ضباط الجيش وتربطه علاقة وثيقة بالرئيس البشير وهو من استلم سلاح المدرعات ليلة «30» يونيو، وتم لاحقًا المفاضلة بينه وبين الشهيد إبراهيم شمس الدين أيهما يتم الإعلان عنه ضمن مجلس قيادة الثورة، وتم الاتفاق على أن يتولى فضل سد ثغرة.. فأدى واجبه على أكمل وجه إلى أن تقاعد للمعاش مؤخرًا. وتم القبض أيضًا على مقدَّم بسلاح المدرعات يُدعى حسن.
صراع البيت الواحد
قوة قوش وود إبراهيم تجلَّت في السلطة والمال اللذين كانا بيد الأول والتفاف المجاهدين خلف الثاني، وكان طبيعيًا تردُّد اسميهما في عدد من التعديلات الوزارية في وقت سابق، ود إبراهيم للداخلية وكذلك قوش، وهذا يعني أن الشخصين ورغم انحدارهما من مؤسستين نظاميتين إلا أنهما حاضران في المسرح السياسي، ومؤكد هذا أمر طبيعي طالما كانا مؤثرين كلٌّ في مجاله، لكن ظلت هناك حالة من الحذر تسيطر على البعض حال ذكر الرجلين سيما وأن إبراهيم كاد يعود للقصر مرة أخرى لربما مديرًا لمكتب الرئيس.
اللافت أن المجموعة المتهمة من الإسلاميين ما يعني أن الصراع هو صراع البيت الواحد، وبالتالي هنا تتكسر الحواجز بين المؤسسة الأمنية والعسكرية، إذ أن المتعارف عليه عدم مشاركة الأمنيين جنبًا إلى جنب مع العسكريين في المحاولات الانقلابية أو على الأقل ساعة الصفر التي تستهدف القيادة العامة بواسطة مدرعات.. لكن ثمة أمرًا لا بد من الإشارة إليه وهو الحديث عن تحفظات ل«السائحون» و«المجاهدون» وكثير من الإسلاميين في المؤسسات النظامية على أداء شخصيات عسكرية ومدنية متنفِّذة في الحكومة، ولذلك لو نجحت المحاولة كان بائنًا أن التغيير لن يطول البشير أو على الأقل أن الرئيس سيكون في مأمن رغم أن أي محاولة تغيير تبدأ برأس الدولة، وسبب ذلك أن كل المذكرات المعلنة والخفية المطالبة بالإصلاح والتغيير لم تمس البشير، وهذا يعني أن مشكلة أولئك مع من هم دونه، المهم أن المثل الشعبي «أبو القدح بعرف مكان بعضي أخو» كان حاضرًا قبل الأجهزة الأمنية، مع أن الترابي قال ذات مرة: البديل للحكم سيكون إسلاميًا.
--
دعم ودور الدول الكبرى تجاه الانقلابات
كتب : المثنى عبدالقادر
المحاولة التخريبية التى أحبطتها السلطات المختصة فجر أمس «الخميس» التى كان محدداً لها الخميس الماضي بحسب وزير الإعلام د. أحمد بلال عثمان الذي قال إن هنالك «بُعداً خارجياً» تم رصده في مجموعة المشتبه فيهم المعتقلين، وحسب التاريخ السياسي للانقلابات، فإن أمثالها في العالم لا تقوم إلا برضاء وقبول دولي، خاصة أن التعاون الخارجي بين أطراف الانقلاب مع الخارج قد لا يتضح منذ الوهلة الأولى، لكن الشئ الثابت أن، انقلاب الإنقاذ 1989م وجد اعترافاً من مصر ثم من عدد كبير من الدول التى باركته، هذا، كما أن حديث وزير الإعلام أمس وضع تساؤلات عديدة، خاصة عندما نفى حديث الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد، عندما تحدث عن الاختراقات في القوات المسلحة، ولعل سيناريو دولة مالي وما حدث فيها من انقلاب عسكري أعقبه هجوم للمتمردين، ثم حالة انفلات أمني كان قريباً من المخطط الذي أُحبط صباح أمس، لكن المؤكد أن حالة الاختراقات التى أكدها وزير الإعلام تشير لوجود الاختراق الخارجي أكبر مما يمكن تصوره، خاصة أن الانقلابات تستبق الدعم الخارجي قبل القيام بها، ويضيف الوزير بأن الدعم الداخلي للانقلاب تم عبر الشائعات التى انطلقت منذ زيارة رئيس الجمهورية إلى السعودية للاستشفاء، وهنا يكون السؤال هل تلقى فعلاً أعضاء المحاولة الانقلابية دعماً خارجياً، فكل المحاولات الانقلابية تكون قصيرة العمر تماماً كما حدث في دولة مالي أخيراً، حتى إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، نتذكر ثورة 1952 التي جرت في مصر رغم أنها كانت ثورةً شعبيةً إلى حد ما، لكن كان هناك تغاضٍ أمريكي عنها، وهي تنقلب إلى ثورة عسكرية، وحتى في سوريا 1949، وفي السودان عام 1985، يعني أن تاريخ الانقلابات في المنطقة العربية وفصيلتها كله شاهد على أن الدعم الخارجي إما أن يأتي لاحقاً، وإما أن تكون هناك إشارات إيجابية قبل تنفيذ الانقلاب بشكل ما، وبحسب الدراسات التى أجرتها مراكز بحثية دولية عبر استطلاعات عامة، فإنها اتفقت على أن أكثر من 95% من الانقلابات تكون بدعمٍ خارجي، لأنه لا يستطيع أحد أن يقوم بالانقلاب إلا العسكر، فلذلك دائماً الأصابع تكون خارجية، وفي مثل ثالث نجد أن آخر انقلاب جرى في موريتانيا أكبر دليل على هذا، لأننا شهدنا في الأيام الأولى للانقلاب سكوتاً أمريكياً لم ينددوا به، لكن سفراء أمريكا وفرنسا والدول المؤثرة استدعوا في اليوم الثاني للانقلاب وبعد ساعات من وقوعه، وهذا يعني أن هناك أكثر من مشارك في الانقلاب، لكن الدلالات التى ستترسخ في العقلية اللاحقة والأسئلة التى يجب الإجابة عنها، هل يفتح هذا الانقلاب شهية العسكريين العرب في الجيلين الثاني والثالث لتصحيح أوضاعهم بالقوة، هذا بالإضافة أن كثيراً ما تعطي الوثائق الأمريكية والفرنسية والبريطانية التى يفرج عنها بعد أكثر من ربع قرن من حدوثها ربط تلك الانقلابات بها سواء عبر دعم مباشر أو غير مباشر، أو أقلّه الاجتماعات المتكررة التي تنعقد بين سفراء تلك البلدان وقادة الانقلاب منذ اللحظة الأولى لوقوع الحدث، وحتى فترات متقدمة منه، إلى جانب مستوى التنسيق الذي تعكسه الوثائق المتوفرة في كثير من الحالات، ما يشير إلى الاهتمام الرئيسي لتلك البلدان بضمان ما لها من نفوذ ومصالح عسكرية، كالقواعد ومخزون الأسلحة والتحالفات الإقليمية وغيرها، إلى جانب ما نعرفه جميعاً عن مصالحها الاقتصادية المتعددة، لكن وقوع السواد الأعظم من الانقلابات في التاريخ العربي ضمن مرحلة ما، عرف بالحرب الباردة، وهكذا سيتأكد في بعض الأحيان وجود تنسيق مسبق بين حركة زعيم انقلابي وإحدى الدول الكبرى لإنجاح تحرك الأولى وضمان مصالح الثانية، هذا ما تشير إليه بعض الوثائق والمذكرات كتلك المتعلقة بانقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949، أو انقلاب عبد السلام عارف في العراق عام 1963، بينما تشير غالبية الوثائق إلى انطلاق الدول الكبرى على مبدأ التفاوض والتنسيق أو الاعتراف وتقديم الدعم اللازم والمشروط، بعد التأكد من سيطرة الانقلابيين على جميع أرجاء البلاد. قد لا تبدو هذه ظاهرة منطقية، فلماذا يحتاج الانقلابي إلى الدعم الخارجي بعد إحكام سيطرته على البلد؟
--
الإنقاذ.. مشوار طويل مع المحاولات التخريبية
تقرير: هنادي عبد اللطيف
«لا يمكن إسقاط الإنقاذ إلا عبر عملية انقسام داخل أجهزة الحزب ومحاربته لنفسه»، جملة خرجت من نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد مستبعدًا حدوث أي محاولة لإطاحة الإنقاذ من سدة الحكم سواء عبر الثورات الشعبية أو الانقلابات العسكرية. وبالأمس بعد أن تم إحباط محاولة تخريبية لتنضم إلى بقية المحاولات التي استطاعت الإنقاذ السيطرة عليها. والتي يراها عضو القطاع السياسي بالحزب الحاكم ربيع عبد العاطي أن بعضها لا تخرج من كونها تخريبية وأن ماحدث أول أمس هو أشبه بجماعة ومخطط مجموعة من الآراء المتشددة ولها اتجاهات متباينة مع متخذي القرار وهي محاولة لا تعتبر أن تكون انقلابية، فالانقلاب الوحيد هو الانقلاب الذي قاده البعثيون في أوائل عهد الإنقاذ حد قوله .
انقلاب وتخريب
جرت عدة محاولات ما بين تخريبية وانقلابية ضد الإنقاذ منذ مجيئها، وأول الأمس تم الإعلان عن محاولة تخريبية تم إحباطها من قبل أجهزة الأمن والمخابرات وهي من ضمن المحاولات التي تم الإعلان عنها وهذه المحاولة الأخيرة ضمت عسكريين ومدنيين وذلك بحسب وزير الإعلام من خلال المؤتمر الصحفي الذي كشف من خلاله أن منفذي »المحاولة التخريبية« التي أعلن عنها جهاز الأمن تمت من قِبل قيادات عسكرية ومدنية محسوبة على الإسلاميين الحاكمين في السودان، حيث شملت الاعتقالات بعض عناصر مجموعة ما يسمى ب«السائحون« داخل الحركة الإسلامية. يذكر أن »ودإبراهيم« يتميز بتأثير لافت وسط العسكريين والإسلاميين.
الإنقاذ والانقلابات
أول محاولة انقلابية كانت بعد ستة أشهر من مجئ الإنقاذ وهو الانقلاب البعثي الشيوعي بقيادة اللواء محمد علي حامد واللواء الكدرو الذي ردعته الإنقاذ وأعدمت بعض من قام به، وتلتها محاولة البعثيين في شهر رمضان عام 1990، ثم أحبطت محاولة انقلاب الشيوعيين الذي خطط له عصام ميرغني وبقيادة فتحي أحمد علي في العمارات، وكان مخططاً أن تكون رئاسة الانقلاب في كسلا، وأن يهبط القائد العام الذي يقود الانقلاب بطائرة هناك. وفي العام 2004 تم الإعلان والكشف عن محاولة انقلابية اتهم بها المؤتمرالشعبي بزعامة د.حسن الترابي وكان محدد لها ساعة الصفر الثانية من بعد ظهر الجمعة، وبحسب بيان وزارة الداخلية آنذاك فإن قادة الانقلاب الذين ألقي القبض عليهم اعترفوا »بأن المسؤول التنفيذي الأول والمباشر لهذا العمل هو الحاج آدم يوسف مسؤول الاتصال التنظيمي في المؤتمر الشعبي«..ويأتي الانقلاب الأشهر في العام 1999 وهو الذي عرف بحركة 28 رمضان بقيادة الفريق خالد الزين والتي أعدم فيها «28» ضابطاً. وفي بداية العام الحالي في شهر أبريل تم اعتقال مبارك الفاضل من قبل أجهزة الأمن كما اعتقل معه مسؤول كبير في حزب الأمة والإصلاح و«12» من ضباط الجيش المتقاعدين بتهمة القيام والتخطيط لأعمال تخريبية في البلاد. وأكد جهاز الأمن أنهم اعتقلوا مجموعة الضباط المتقاعدين بناء على معلومات وتقارير رصدت تحركات للقيام ب«أعمال تخريبية»، للقيام بانقلاب عسكري الحكومة.
تبريرات الحكومة
ومع كل انقلاب تأتي تبريرات الحكومة خاصة إن كان هناك مشاركون من الجيش أو الأجهزة النظامية وربما تكون هذه المحاولة الثانية التي ضمت عسكريين من الجيش كالمحاولة التي كانت في بدايات الإنقاذ وأُعدم فيها «28» ضابطاً من القوات المسلحة الأمر الذي أثار تساؤلات في كل مرة عن حقيقة وجود تململ داخل الجيش لكن سرعان ما نفت الحكومة على لسان وزير الإعلام وجود تململ وسط الجيش، مضيفاً أن الأوضاع الآن في الخرطوم مستقرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.