كنا من قبل نتحدث عن الإنقاذ من الإنقاذ.. ومن سياسات الإنقاذ.. ومن انبطاح الإنقاذ.. ومن فساد أهل الإنقاذ.. ومن مكر الإنقاذ.. ومن دهاء الإنقاذ.. ولكننا اليوم نجد أنفسنا نفكر ونتحدث ونتفاهم مضطرين حول إنقاذ.. الإنقاذ.. وإنقاذ الإنقاذ ممن؟ هل من عدو خارجي.. كلا هل من عدو داخلي؟ كلا فممّن إذن؟ إنقاذ الإنقاذ من الإنقاذ.. وإنقاذ الإنقاذ من نفسها!! إن أجسام الإنقاذ كلها اليوم مريضة.. ومعتلة الحركة. معتلة ومختلة.. والدولة معتلة ومختلة.. والتنظيم «الحزب.. وأعوذ بالله من النطق بمفردة حزب» معتل ومختل.. إلا أن اختلال التنظيم ليس اختلالاً عارضاً بل هو اختلال جوهري لأن التنظيم حزب. إن الحديث عن مرض الرئيس بقدر ما فيه من الحقيقة أو الإشاعة.. جعل الدولة تفقد توازنها بعض الشيء.. فالتصريحات متضاربة.. ومتشائمة.. وغير متناغمة.. وتجعلك تحس بالخطر وأن هناك نوعاً من التنافس وأن هناك جيوباً في الدولة وفي التنظيم «وأعوذ بالله من قولة حزب» وأن الحركة لا في العير ولا في النفير.. ويجعلك تحس بالخوف من أن يحدث مكروه لا قدر الله لأن عاقبته غير محمودة.. وغير محسوبة.. وصاحب الحاجة أرعن.. فإذا كانت الحاجة هي الكرسي أو المنصب وليست الوطن ولا الدين.. فإن التنافس المحموم سيؤدي إلى ضياع الوطن والدين لحساب الكرسي والمنصب.. وأحياناً إلى ضياع الجميع. إن رئاسة الجمهورية ليست ملكاً يتوارثه الأبناء والعشيرة وهي ليست وظيفة حزبية تؤول للحزب عند خلوها.. إن الرئاسة وظيفة دينية.. مضبوطة بأحكام وشروط.. ومجرد الحديث عن خلافتها حديث ممجوج ومستهجَن نحن نتمنى للأخ الرئيس تمام الصحة وتمام العافية ونسأل الله أن تكون الشائعات التي طارت في الآفاق مجرد شائعات ونسأل الله له التوفيق في إعادة ترتيب البيت السوداني الكبير بما يُرضي الله ورسوله والمؤمنين. وأرجو أن يكون هذا الظرف العصيب الذي مر به هو ومرت به البلاد قد اتاح له الفرصة لفهم حقيقة الذين حوله من حيث موقفهم منه ومن الوطن ومن التكليف الديني.. فإن الابتلاءات تكشف معادن الرجال.. إن الهجمة الخارجية الظالمة اليوم على السودان هي أشد مما كانت في أي زمان مضى. وأظن أن هذا لا يخفى على الرئيس والسودان الآن معرض لويلات لا يعلم مداها إلا الله.. ولن يُنجيه من هذه الويلات إلا القيادة الرشيدة التي تتمسك بأهداب الحق والشرع وتدور معه حيث دار.. إن الإنقاذ هي بنت الحركة الإسلامية.. صحيح أن المؤتمر الوطني هو ابن الحركة الإسلامية ولكنه للأسف ابن عاق لذلك لا بد من إسقاطه من حساب أية عملية إصلاحية حقيقية لتعيد للسودان دوره ومكانته وريادته. فإذا كانت الإنقاذ هي بنت الحركة الإسلامية والحركة الإسلامية هي بنت الإسلام «لا أب لها سواه» فلا بد للإنقاذ من إنجاب وريث شرعي يمت بالصلة والوشيجة القوية للأب الأكبر. إن التنافس المحموم على السلطة سوف يُنسي هؤلاء المتنافسين أن بين الصلب والترائب نطفاً وماءً دافقاً.. وأن الأصلاب والأرحام الطاهرة النقية ما زالت ولوداً ودوداً. ورغم كل هذا فإن البشريات أكثر وأوفر من الهواجس والمخاوف والظنون. فهناك الآن تجمعات لبعض الطوائف في أوربا التي تعتقد أن القيامة سوف تبدأ يوم 12 ديسمبر عام 2012 وهناك نبوءات بأن أكثر من ثلثي الكرة الأرضية الآن آيل للدمار وسيبدأ الانشطار والغرق «من عند الزانية الجالسة على الصخرة وسط اللجة» وهو وصف لا ينطبق إلا على أمريكا.. وحدها دون سواها ليس ذلك فحسب فإن البشريات التي وردت في النصوص تكاد تطابق نصوصاً أخرى وردت في أسفار اليهودية والنصرانية وكلها تبشر بأن الانتصار القادم لن يكون إلا للإسلام.. لذلك فإن القراءة المتأنية تقول إنه لن يكون هناك هزيمة ماحقة لأية جماعة إسلامية على ظهر الأرض بل إن انتصارات الإسلام سوف تتوالى وتتلاحق وإن الربيع الإسلامي الذي سُمِّي خطأ بالربيع العربي هو في الواقع بادرة وبشارة ونذارة والسبب في ذلك ظاهر للعيان.. فالصراع لم يكن عنصرياً ولا اقتصادياً.. ولا سياسياً.. كان الصراع حول القِيم قِيم الحق والعدل والاستقامة.. أي قيم الدين.. وإن القادم في السودان.. والقادم في سوريا والقادم في أية بقعة إسلامية في بلاد العرب أو خارجها لن يكون إلا بديلاً إسلامياً.. ربما بدرجات متفاوتة ولكنه قطعاً بديل إسلامي.. إن القاعدة الذهبية في نظرية الإدالة والتمكين الإسلامية مبنية على قوله تعالى «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ» وقوله أمثالكم لا يعني إلا أنهم يكونون خيراً منهم.. لأن المجال مجال امتنان.. ومجال قدرة.. ومجال فضيلة.. فلا فضيلة تحملها الآية إلا إذا كان القادم أفضل من الماضي.. إن قانون التمكين والإدالة قانون عام يجري ويسري على الناس.. كل الناس.. في كل العهود والعصور «وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ» فإذا ذكرنا أهل الإنقاذ بهذا القانون.. فليس ذلك لأننا نتمنى ذهابهم بل نتمنى إذا ذهبوا أن يذهبوا مرضياً عنهم مغفوراً لهم وأن يتركوا أثراً حميداً .. ونتمنى ألا يُفاجأوا بالذهاب ولا بالإدالة. ومن أخطأته الإدالة لم يخطئه الموت لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى لكالطِّول المُرخَى وثِنياه باليدِ وقال تعالى «إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مّيّتُونَ ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ» وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فالشقي من لم يعتبر به ولم يتعظ. { أخرجوا الإثيوبيات من بيوتكم فإنهنّ عار عليكم كل من كان عنده إثيوبية في المنزل فليُخرجها وليشترِ غسالة أو يستخدم غيرها بالساعة.. وكل من له سلطان على قريب أو نسيب أو صديق فليمارس معه سلطانه بالود والمحبة والإقناع.. وليتدرج إلى درجة المقاطعة.. وأخطر ما في الأمر هو السرقة والزنا.. كل الحوادث لا تدور إلا حول السرقة والزنا ولا حول ولا قوة إلا بالله.