أيقظتني زوجتي مبكراً كعادتها دائماً عندما تريد شراء بعض المستلزمات الضرورية للبيت وطلبت مني قيمة لبن بدرة وشاي حب وسكر وقالت لي: + انت عارف بتاع الدكان ناقِّي في الجرورة عندك كاش وللا نتوكل نرسل الولد.. قلت بانزعاج: * لا ما ترسلي ما حيديه خلي الموضوع علي أنا بمشي أديه حنك حنكين يمكن ربنا يهديه. ثم خرجت إليه مهموماً أفكر في السيناريو المرافعة التي سأقدمها له وما إن وقفت نظر إليّ بغيظ وسرعان ما أزاح بصره عني والتفت لرجل نزل من سيارته على التو وقال له مرحب يا أستاذ فطلب كيلو جبنة وأربعة أكياس مكرونة وكيلو طحنية وعلبة مربة كبيرة فسارع عبد المنعم صاحب الدكان بتلبيتها بارتياح بالغ ثم استلم المبالغ ودسَّها في الدرج ثم تجاهل وجودي مرة أخرى هنا لزمت الصمت برهة، وقلت له يا أخي عليك الله أديني سكر وشاي ولبن بدرة فرد على الفور: + حسابك جرّ كتير ما بنقدر نديك وعليك حساب قديم من الشهر الفات. فقلت له: * ايوه عارف لكن في النهاية حتاخد حقك + أختو متين لحدي ما الدكان ده يعفش. * لكن يا أخي الله ما جاب اليوم ده نحن عارفنك راجل فيك الخير وبدقدر ظروف الناس. + نحن قدرنا لكن أنت ما عملت العليك كلما مرة تدفع شوية وتخلي الحساب يتراكم * المرة دي أعدك حديك القروش كلها ولا علي أسوأ الفروض حديك جزء كبير منها + ما هو عشان حكاية الجزء دي نحن ما بنقدر نتعامل معاك تاني بعدين أنا عارفك أنت ما بتقدر تدفع كل الحساب القديم ومعاه الجديد عشان كده نحن حنوقف حسابك لحدي ما تصفيه ويبقى نضيف وبعد داك نديك وكمان بحسابات معينة هنا أخرجت جهاز هاتفي الجوال من جيبي ووضعته على الطاولة وقلت له: * الموبايل ده رهينة عندك لحدي آخر الشهر أكان ما دفعت شيلو هنا تحرك من أمام الطاولة ولم يعر الهاتف أي اهتمام وخرج من داخل الدكان وجلس في كرسي في الخارج وقال لي: + شيل موبايلك ده وأتكل علي الله * الموبايل ده أقل حاجة حيجيب ليك تلتمية جنيه. فهز رأسه وقال بسخرية: + خلاص أمشي بيعوا وجيب التلتمية وأنا بجررك تاني * يا أخي الله يرضيك مواعيد المدرسة قربت وما في طريقة أمشي أبيعوا. هنا قال بغضب: + عليك الله أنت جادي في كلامك هس الموبايل ده بجيب أكتر من تلتين جنيه وتقول لي تلتميه يا أخي أمش شوف ليك زول تاني تدقسو غيري * أنا والله أشتريتو بتلتمية السنة الفاتت. + لكن هسي بقي خرده وأنت رابطوا بلستك وتقول لي بجيب تلتمية يا أخي ده هسي أنا عشرة آلاف ما بدفعه فوقو. * طيب خلاص خلينا الموبايل أدينا الحاجات وأعدك الليله اشوف قريشات من واحد صاحبي حديك منها مبلغ كويس. + يا أخوي يفتح الله الفيلم ده خشينا قبل كده. هنا لم أجد بداً من إنهاء النقاش مع الاحتفاظ برباطة الجأش وحبس الغضب من الانفجار حتى لا أخسره تماماً ثم عدت الى البيت أجرجر قدمي بتثاقل وحين دلفت الى البيت فارغ اليدين قالت لي زوجتي + طبعًا أبى يجررك * طبعًا + هسه الأولاد الصغار ديل ذنبهم شنو يمشو المدرسة بدون شاي هنا أدركت أنني سأقع في كماشة زوجتي خاصة وان الصداع كان قد زاد فقلت لها بحسم. * أسمعي ما عايز نقة من الصباح رأسنا براه موجعنا ثم دلفت الى الحمام وأغلقت الباب بينما واصلت في إطلاق وابل من الاحتجاجات الكثيفة.