اخترقت أحلامها صرخة آلام حادة جعلتها تنتفض جالسة وعيناها مغمضتان تحاربان النوم لتفتح أجفانهما، أرهفت وفاء سمعها لثواني..لا شيء.. الصمت يسود المكان ألقت نظرة على سرير والدها الخالي وعاودت النوم..لكنها سرعان ما سمعت أنّة عميقة تعرفها جيداً..إنها والدتها لقد عاودتها الآلام من جديد هزتها برفق وهي تناديها..لكنها لم ترد عليها. فاعتصرت قلبها قبضة الخوف.. وندت عنها صرخة كتمتها بيدها حتى لا توقظ أخاها الصغير، نهضت ببطء واتجهت نحو الباب الخارجي.. بقامتها الضئيلة وسنوات عمرها التسع..لابد من إحضار الطبيب.. ولكنها الثانية صباحا.. نظرت مرة أخرى إلى سرير والدها بأمل أن يكون قد خانها بصرها وأنه موجود وارتد بصرها حسيرًا.. بدأ تصميم مفاجئ على وجهها وأمسكت بمقبض الباب لتديره .. أمسكت بيدها قبضة الخوف فتيبست هناك..أنّة أخرى من والدتها أطلقت إسارها.. فتحت الباب ببطء فداهمتها أشباح الليل قابعة وراءه..أغلقته بيد مرتجفة وقد هوى قلبها فزعاً.. ظلت مستندة إليه فترة طويلة وعيناها معلقتان بشبح أمها على السرير بلا حراك..تنهدت بعمق وأعادت فتح الباب وهي تحاول أن تخترق بعينيها طبقات الظلام من حولها.. تقدمت خطوات إلى الخارج.. ثم توقفت وقد اجتاحها الرعب فور سماعها عواء كلب صادر من مكان ما.. ركضت في اتجاه الباب المفتوح بأقدام مرتجفة.. لكنها توقفت فجأة.. هل تسمع صوت أخيها الصغير؟هل استيقظ هو الآخر؟لابد من إغلاق الباب حتى لايخرج وراءها .. أغلقته في هدوء ووقفت ترهف السمع وقد أصبحت جزأً من الليل توقف عواء الكلب فسارت وفاء بخطى مترددة في اتجاه منزل الطبيب في الجزء البعيد من المدينة .. أنشب الخوف أظافره في كبدها وهي تسمع صوت خطوات تسرع في اتجاهها.. لم تعد ترى باب بيتهم فانزوت داخل باب اصطدمت به يدها المرتجفة وحبست أنفاسها وهي تحس بمرور شخص مسرع كريه الرائحة بالقرب منها .. وهو يتجه نحو منزلهم .. ياللهول.. سوف يقتل أهلي.. هل أعود إليهم؟ وإذا عدت هل استطيع إنقاذهم ؟ ليتك كنت هنا يا أبي..ابتعدت الخطوات فتنفست وفاء الصعداء .. وواصلت سيرها المتردد.. واجفة القلب.. ثم توقفت حائرة: هل يجب أن ألف يمينا الآن أم أنني يجب أن أواصل سيري خطوات أخرى؟انبثق ضوء قوي فجأة في وجهها فاطلقت صرخة مدوية وركضت في اتجاه منزلهم وشخص يجري خلفها يناديها لكن الخوف قد أصم أذنيها.. وسقطت بعد أن تعثرت في رعبها ونهضت راكضة صارخة.. والضوء في أعقابها :وفاء انتظري .. هناك من ينادي اسمها..لابد أنه الجن كما حكت لها جدتها.. قبضة قوية أمسكت بيدها تهزها بعنف. وعلى الضوء القوى لمحت منزل الطبيب فأسرعت تطرق بابه في قوة ولهفة باليد الأخرى ووجه الرجل الضوء إلى وجهها فنظرت إليه وفاء المذعورة.. إنه الطبيب.. وسالت عينيها فرحا وأماناً.