السودان بلد صاحب تاريخ في مسرح الفنون ولا نحصر الفنون في الغناء فقط بل التمثيل والتلحين وغيرها من الضروب التي زخرت بها الساحة منذ وقت طويل وجرت العادة ان يدخل احد افراد العائلة هذا المجال ويمهد الطريق للبقية او ان تكون البداية جماعية كما حدث مع البلابل صاحبات التجربة الاكثر شهرة حتى الآن في الاسر الفنية التي ترتبط ببعضها ماديًا ومعنويًا وفي الغناء غالبًا ما نجد الأبناء يرثون صوت الوالد وجمهوره وكثيرًا حضوره كما في حالة محمد خضر بشير وعماد احمد الطيب وعبد الوهاب وردي وغيرهم وفي حالات اخرى يشق الابناء طريقًا آخر غير نهج الوالد كما حدث في تجربة آل خيري التي سنتوقف عندها قليلاً بدءًا بالاب المبدع الذي اثرى المسرح السوداني والدراما عمومًا ولد محمد خيري احمد في يوم 1/2/1935 م بحلة حمد بالخرطوم بحري من اسرة ذات اصول محسية تعود جذورها الى جزيرة بدين بالشمالية.. وبعد ذلك بفترة بسيطة رحلت اسرته الى حي الدناقلة جنوب. بدأ دراسته بخلوة المريوماب وخلوة الفكي حسين بميدان عقرب ومدرسة بحري الابتدائية واتم دراسته الثانوية بمدرسة الكلية القبطية في العام 1953م. وبعد تخرجه عمل مدرسًا بعدد من المدارس ببحري ثم التحق بوظيفة كاتب بمشروع المعونة الامريكية وبعد انتهاء المشروع عمل موظفًا بمكتب الخطوط الجوية الإثيوبية وترك العمل به عند نهاية الستينيات ليعمل موظفًا بالتأمينات الاجتماعية حتى بلوغه سن المعاش في نهاية الثمانينات. في خمسينيات القرن الماضي كانت بحري تزخر بالفنون وبها هواة فن المسرح وكان معهم محمد خيري احمد والمرحوم عباس محمد عثمان شقيق الفنان التشكيلي المرحوم رضا محمد عثمان وسيد كامل وثلاثتهم من حي الدناقلة واول دور مسرحي قام به في بداياته كان في مسرحية قراقوش...شارك في اول مسرحية تعرض بالمسرح القومي بامدرمان في يوم 22/10/1967 م وهي مسرحية المك نمر والتي قام بتأليفها الشاعر الراحل ابراهيم العبادي. ادى في السينما فيلم عرس الزين الذي اخرجه الكويتي خالد الصديق وفيلم بركة الشيخ والذي تم عرضه في التلفزيون ونال إعجاب المشاهدين.. ومن ادواره المسرحية مسرحية المهدي يحاصر الخرطوم ومسرحية هو وهي مع علي مهدي وتحية زروق وسبانا الحالم وود ضيف الله ياسف لما حدث.. ومن المسلسلات التلفزيونية البيت الكبير وبيوت من نار.. ومن ادواره الإذاعية قلوب من خشب واشترِ وخزن وغيرها كثير. قدم ايضًا برامج مثل برنامج ظلال للدكتور حسن ابشر الطيب وبرنامج تحية واحترام للدكتور تاج السر عطية وكانت له فقرة فكاهية في السهرة التلفزيونية تحت الأضواء للمذيع التلفزيوني حمدي بولاد واشتهر في تلك الفقرة بأداء دور «حاج فريني» وبعد كل هذا العطاء توفي عام 2008 لكنه كان قد اطلق في الساحة قنبلة فنية غنائية اسمها التومات قدمن خلالها اجمل اغنيات ثنائي العاصمة قبل ان تختفي التومة ايمان وتعتزل بعد الزواج لتواصل اماني مشوارها كما اكدت لتقاسيم ان غياب توأمها لن يؤثر على ادائها وستترك الحكم للجمهور على البومها القادم الذي سجلت بعض اغنياته وقبل ان تنطلق تجربة التومات كانت قد سبقتهما الاخت الكبرى نجوى مع والدها في مجال التمثيل والمسرح وقدمت الكثير قبل ان تهاجر لأمريكا حيث واصلت دراسة المسرح والعروض من هناك.