ثمة دوافع أمنية واقتصادية، وسياسية ربما تشكل رافعة قوية لاستمرار الحوار بين الخرطوموجوبا، وهي ذات الدوافع التي ربما تجعل من اليسير انعقاد قمة رئاسية بين البشير وسلفا كير في أي وقت يطلب فيه الوسطاء الدوليون والإقليميون لبحث القضايا الخلافية وإيجاد حل لها، لذلك لم يكن عسيرًا على الوسطاء الجمع بين الرئيسين عمر البشير وسلفا كير ميارديت في قمة رئاسية ويتم الاتفاق، لكن من الصعوبة بمكان الثقة في التزام جوبا بمخرجات تلك القمة أو هذه على الأقل المخاوف التي يثيرها كثير من المراقبين، ومن هنا يظل المحك الأساسي في عدم التزام دولة الجنوب خاصة وأنها خاضعة لتأثيرات القوة الدولية التي دفعت فاتورة الحرب أثناء تمرد الحركة الشعبية الحاكمة الآن . وبحسب رؤية مراقبين أن الدولتين تعانيان من الاختلالات الأمنية جراء الحروب، السودان وافقت على انفصال الجنوب مهرًا للسلام، الظروف الموضوعية الضاغطة عليهما واعتماد دولة جنوب السودان على القوة الدولية ومحاولتها الدفع بالقضايا لمجلس الأمن، كل هذه ظروف لا بد من وضعها في الحسبان وهي ظروف موضوعية بالنسبة للدولتين وهما بحاجة إلى حل المشكلات، غير أن قضية الحدود تظل شائكة ومعقدة في كثير من دول العالم لأكثر من ثلاثين عاماً، غير أن المحلل السياسي عبد الملك النعيم يعوِّل كثيرًا على القمة المرتقبة بين البشير وسلفا كير لحيثيات كثيرة مشيرًا إلى أن الرئيسين عقدا خمسة اجتماعات قمة في الجولة الأخيرة بأديس أبابا وكانا شهودًا للاتفاقيات التي وقعت وتبقت بعد انعقاد القمة آليات التنفيذ وما يصاحبها من اجتماعات لوضع برنامج للتنفيذ، ويمضي عبد الملك في حديثه ل«الإنتباهة» أن أولها كانت اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة بين الدولتين وبعد التأجيل المتكرر اجتمعت مرتين، غير أنها فشلت حتى في التوصل لاتفاق على جدول الأعمال، مرجعاً أسباب الفشل لتمترس دولة الجنوب في محطة واحدة غير منطقية، خاصة وأنها ترى أن لا يرتبط ملف الترتيبات الأمنية بفك الارتباط بين الفرقتين التاسعة والعاشرة، هذا بجانب تمسكها برؤيتها أن ما يحدث في النيل الأزرق وجنوب كردفان تمرد داخلي غير مسؤولة عنه، وهي فرضية غير مقنعة خاصة وأن الفرقتين تجدان الدعم المالي من دولة الجنوب، ويقول النعيم:«قد تجد دولة الجنوب صعوبة في مسألة فك الارتباط، لكن ينبغي عليها أن ترفع يدها عن الفرقتين تماماً»، مشيرًا إلى إيواء الحركات المتمردة والتمويل الذي وجدته الجبهة الثورية في بانتيو، ويلفت الانتباه إلى أن كبير المستشارين المبعوث الأمريكي في دارفور دعا دولة الجنوب للكف عن شن الهجمات على السودان، من منطلق كل هذه الحيثيات يرى النعيم أنه لا يوجد مبرر يجعل من الرئيسين للاجتماع لعقد قمة، ينبغي عليهما الجلوس جنبا الى جنب لإيجاد آلية التنفيذ لما توصلا إليه في القمة الماضية، كما يجب على دولة الجنوب الاعتراف بأن هناك قضية وأن جزءاً كبيراً من الحل بيدها فهي التي تأوي وتمول وترعى حركات التمرد، وفيما يتعلق بأمر قضية أبيي يقول إن الوسيط الإفريقي لم يكن طرفا محايدا وان مجلس الأمن ذهب في ذات الاتجاه، ويرى النعيم أن لا دواعي لعقد قمة إلا إذا أرادت الدولتان دعماً معنوياً لذلك، غير ان الامر يتطلب من الوسيط الافريقي ودولة الجنوب ان يلعبا دورًا اكثر موضوعية حيال القضايا وان يتبنى الوسيط الافريقي رأياً مجايدًا لكل الطرفين غير أن استاذ العلوم السياسية البروفيسور حسن الساعوري يقول إن مؤتمرات القمة عادة ما تتم بعد حسم الامور من قبل الفنيين والخبراء، ويرى ان الامور بين الدولتين غير مرتبة وجاهزة، وان ما يسفر من انعقاد قمة البشير وسلفا كير مجرد وعود فقط، ولم يتوقع الساعوري نجاح القمة خاصة وأن من قبل انعقدت أربع قمم فشلت منها اثنتان، وما تبقى انتهى بإعلان الاتفاق الذي لم ينفذ بعد، ويشير الى انه ليست هناك عوامل نجاح في هذه القمة حتى لو وصلت لاتفاق وليس بالضرورة أن يوافق باقان ومن معه على ما اتفق به مع البشير، خاصة وان سلفا كير يقاد ولا يقود وبالتالي اي اتفاق غير مضمون مع سلفا كير ودولته، مشيرا الى وجود آخرين يؤثرون عليه من داخل الجنوب وإن حدث اتفاق لم يطبق على ارض الواقع . إذن وبإلقاء نظرة فاحصة لمجمل ما يثيره المراقبون والمحللون السياسيون والخبراء، فإن فرص نجاح القمة تبدو ضئيلة لأسباب تبدو موضوعية وهي عدم الثقة في التزام ما تتعهد به حكومة الجنوب لأسباب خارج عن إرادتها.