لم يكن الذين كتبوا من أهل التنظيم والمناوئين منصفين للرجل الذي اختارته الشورى نائباً لأمينها العام في ممارسة ديمقراطية.. قطيعة تقطع الديمقراطية.. التي فلقوا بها رؤوسنا ثم إذا مورست أبوا نتائجها ليس في بلادنا وحدها بل في أي مكان، فدائماً ما ينزع الخاسرون لنتائج الانتخابات إلى اتهام خصومهم بالتزوير ونحو ذلك.. وقد تردَّد.. ميت رومني.. طويلاً قبل أن يعترف بخسارته أمام أوباما!! وما من «إجراءات داخلية» لحركة سياسية كانت أم اجتماعية وجدت من الاهتمام ما وجدته الحركة الإسلامية في مؤتمرها العام.. أو طريقة اختيار أمينها العام.. أو انتخاب واستكمال مجلس شوراها.. وإن كان هذا مما تُغبط عليه الحركة الإسلامية.. لكنه بالمقابل يضعها تحت «مجاهر» الأصدقاء والأعداء على حد سواء مع أن عضويتها لم تصل إلى رقم المليون وهذا قليل مقارنة بالمؤتمر الوطني الذي تجاوزت عضويته سبعة ملايين!! ولا تجد إعادة تشكيل أماناته وتدوير قياداته «معشار» ما تجده الحركة الإسلامية من اهتمام ومتابعة بل وممارسة ديمقراطية حقيقية أُعيدت بموجبها انتخابات الأمين العام لولاية الخرطوم. ٭ ومن ضمن إجراءات مجلس شورى الحركة الإسلامية في دورة انعقاده الأولى بعد استكمال عضويته حسب اللوائح أجرى تعديلاً في بعض الأمانات. واختار أربعة نواب للأمين العام أولهم الفريق أول بكري حسن صالح الذي ختم مسيرته العسكرية بأعلى رتبه. وتوَّج عمله التنظيمي بموقع رفيع نائباً للأمين العام للحركة الإسلامية التي بدأ علاقته بها من مدرسة دنقلا الثانوية يسبقه بعام دراسي الشهيد كمال علي مختار ويليه بعامين دراسيين مكاوي محمد عوض.. يزامله رفيق دربه عبد الرحيم محمد حسين والبروفيسور النجيب سليمان مدير معمل إستاك.. وقد عمل بكري فور تخرجه في مصلحة الغابات قبل أن ينضم للكلية الحربية الدفعة «24» لتبدأ مسيرته في التنظيم الخاص بالضباط الإسلاميين والذي كان يقوده منذ بداية الثمانينيات الشهيد مختار محمدين.. والعميد عمر حسن.. واللواء علام .. وعبد الرحيم.. وبقية إخوانهم الشهيد الزبير والطيب إبراهيم وبكري ومحمد الأمين خليفة والشهيد إبراهيم شمس الدين والشهيد كمال علي مختار والهادي عبد الهادي وحسان عبد الرحمن والشهيد أحمد قاسم وصلاح كرار وفيصل أبو صالح وعثمان أحمد حسن وإبراهيم سليمان وإبراهيم نايل والمرحوم محمد عثمان محمد سعيد وحسن ضحوي وعبد الرازق الفضل ومحمد السنوسي أحمد وحسن حمدين وسيد فضل كنة وسليمان محمد سليمان وهاشم البدري والخنجر ويوسف عبد الفتاح وهاشم محمد أحمد والفاتح عبدون وتاج الدين عبد الله فضل وإسماعيل الطيب وغيرهم وغيرهم ولولا هذه الطليعة المؤمنة المجاهدة والتي قدَّمت الشهداء من خيرة أبنائها لما تمكَّنت الحركة الإسلامية من الوصول للسلطة في هذا المحيط المتلاطم من التحديات والمشكلات المعقَّدة والحصار الاقتصادي والصراعات المسلحة والضوائق المعيشية والمؤامرات الدولية ثم تصمد لما يقارب ربع قرن من الزمان وتصنع السلام.. وترسخ الإسلام.. وتؤسس البنية التحتية للدولة من حيث التعليم العالي والعام وإنتاج البترول والكهرباء والمواصلات والاتصالات والتصنيع الثقيل للأغراض المدنية والعسكرية وتطبيق الحكم اللامركزي والنهضة العمرانية وإقرار الحريات وإجراء الانتخابات.. وبرامج النهضة الزراعية والسكن الملائم لكل مواطن.. وسيادة حكم القانون.. ولا يستطيع إلا مكابر أن ينكر هذا.. فإذا ما حاججته بالأرقام قال لك «كلامك صاح.. الجماعة ديل ماعندهم عوجة إلا طولو..» ٭ في صبيحة الثلاثين من يونيو «89» وعند الساعة الثانية إلا ربعاً أوسعت «145» قام المقدم بكري حسن صالح بتأمين دخول قائد الثورة بالبوابة الشرقية للقيادة العامة إلى وحدة القوات الخاصة.. وكان في مناوبة «ضابط عظيم» القوات المحمولة جواً.. وكان دوره مفتاحياً لتأمين القيادة العامة بسرايا الاستعداد ودبابتين من طراز تي «55» وكان العضو الأبرز في اللجنة الأمنية العليا التي رأسها الشهيد الزبير وضمت إليهما عبد الرحيم والهادي عبد الله.. وقاد بكري جهاز الأمن الوطني في أحلك الظروف التي مرَّت بها البلاد وتولّى حقيبة الداخلية والدفاع ورئاسة الجمهورية لأكثر من مرة.. وأمسك بملف جبال النوبة بعد الاتفاقية الخاصة بها.. ورعى قضايا الضباط المعاشيين وقدامى المحاربين.. ومثل دائرة دنقلا في المجلس الوطني خدمة لأبناء المنطقة.. ولولا بكري لما «نجحت» مذكرة العشرة حتى لا نقول لما «كانت».. فقد كان بكري من أشجع الناس في مواجهة د. الترابي عندما احتدم الخلاف قبل المفاصلة.. وعندما كان البعض «يتضاير» خوفاً من بطش شيخ حسن. ومنهم من يلمز بكري اليوم ويستكثر عليه منصب نائب الأمين العام للحركة الإسلامية وبكري الذي أعرفه كما أعرف أبنائي وإخواني أزهد مَن يكون في هذا المنصب الحركي أو في غيره من المناصب التنفيذية.. وأشهد الله إنه اجتهد وسعى منذ عدة سنوات ليُحال على المعاش ليقضي شيخوخة آمنة في «طينه ونخيلو». ويعود لمسقط رأسه في بيت العلم والقرآن حيث نشأ في أسرته المشهورة بالتديُّن فخاله د. عبد الوهاب عثمان.. وهو نفسه من السادة الأدارسة.. والشيء لا يُستغرب من معدنه.. من أميز صفات بكري صبره وصمته وحلمه وتواضعه.. صبر في إيمان وصمت في تدبر.. وحلم في قدرة.. وتواضع في عزة.. ويقال عنه في اختصار غير مخل «إنو غتيت» وليس هذا بعيب في رجل الدولة وما تتطلبه المحاذير ثم إنه صاحب طرفة «ومدِّبر مقالب» لا يُشق له غبار.. وساعة الحوبة فارس يناطح الصخر.. ومع ذلك يؤدي واجباته بإخلاص وإتقان ودربة استطاع أن يضع عن كاهل الرئيس أصعب المشكلات.. ومنها تأمين كل زيارات السيد الرئيس ونوابه الداخلية والخارجية تأميناً شاملاً ليس في المجال الأمني فحسب بل في كل تفاصيل الإقامة والإعاشة والبرنامج والتغطيات الإعلامية ومردود الزيارة وتنفيذ القرارات والتوجيهات الرئاسية وهو يقود القطاع السيادي بمجلس الوزراء وما يتبعه من تكاليف.. ويباصر ميزانية القصر مباصرة شديدة حتى يفي بالواجبات ولا يدخن الكدوس أمام الرئيس البتة.. ولا يعتذر بالمرض وهو المصاب بداء السكري وارتفاع الضغط.. ولا يأكل سوى الفول والطعمية والزبادي والقراصة يوم الجمعة.. ولا يرد سائلاً أبداً. ٭ لا أدري ماهي المواصفات المطلوبة لهذا المنصب «غير الجَّذاب» الذي اختير له بكري فقامت الدنيا مع أن التغيير قد شمل د. عوض الجاز.. وكمال عبد اللطيف وبدر الدين محمود مثلاً .. وطال التكليف بكري والرشيد فقيري وعبد الوهاب محمد عثمان.. ومجلس الشورى هو من يحق له الحديث دون سواه.. فلماذا نحشر أنوفنا في خيارات المجلس المنتخب والذي انتخب بكامل حريته هؤلاء؟؟ ربنا يعينهم. يختبئ داخل هذا الجسم الضخم وخلف هذا الوجه المتجهِّم شخص ودود محب للخير.. وإنسان سوداني مخلص ووفي.. وضابط مغوار ينحاز للبوريه الأحمر.. اسمه بكري حسن صالح.. حسنٌ وصالحٌ يشغل الآن منصب نائب الأمين العام للحركة الإسلامية إلى جانب منصبه الدستوري الرفيع مع خالص الدعاء للجميع بالتوفيق والسداد.