قال تقرير نشره موقع «فويس أوف أمريكا» أمس، تحت عنوان: «الإعلام تحت النار بدولة الجنوب». فى كثير من بلدان العالم يفضي قتل رجال الأمن للمدنيين العزل، إلى القبض على الجناة إلا دولة الجنوب، إذ يفضي ذلك إلى اعتقال الصحافيين ورجال الإعلام. ففي التاسع من ديسمبر الماضي قامت مجموعة من الرجال المسلحين الذين يرتدون الزى العسكري بإطلاق النار على متظاهرين سلمياً بمدينة واو، أدى إلى مقتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص. حيث حققت وسائل الإعلام التى غطت الحدث على أعلى نسبة مبيعات، إلا أن مجهولاً أرسل شريط فيديو إلى قناة «الجزيرة» أظهر ما وصف لاحقاً بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فى دولة الجنوب، حيث أظهر الشريط مظاهرة سلمية يقترب فيها المتظاهرون من رجال شرطة مسلحين يقومون بإطلاق وابل من الرصاص عليهم، ثم يُظهر الشريط بعد ذلك صوراً لمصابين على الأرض ملطخين بالدماء، وصوراً لجثث ملقاة على الأرض، فى وقت نفى فيه المسؤولون بدولة الجنوب تورط الشرطة فى إطلاق النار، وبدلاً من إسدال الستار على الحادث الدموي أخذت الأمور تسير بشكل غريب. فبعد شهر من الحادثة نبهت لجنة حماية الصحافيين إلى احتجاز صحافيين بمدينة واو دون توجيه تهم بحقهم. وأشارت لجنة حماية الصحافيين إلى بيان أصدره «راديو كاثوليك نيتوورك» قال فيه إن رجال الأمن اتهموا الصحافيين لويس باسكال وعشاب خميس اللذين يعملان فى تلفزيون جنوب السودان، بتسليم الشريط الذى سُجلت فيه أحداث المظاهرات الدامية إلى مراسل قناة الجزيرة الدولي، وأنه تم إطلاق صراح الصحافيين إلا كماميلو لانجينو مدير إدارة البرامج السياسية والأخبار بتلفزيون دولة الجنوب فى واو، الذي ما زال رهن الاعتقال. معدات تالفة ويمضي التقرير قائلاً إن سلطات دولة الجنوب تقول إن الرجال الذين تم اعتقالهم ليسوا صحافيين، ولكنهم إداريون بتلفزيون دولة الجنوب، وأن سبب اعتقالهم أخطاء إدارية لا علاقة لها بالعمل الصحفي. ووفقاً لحاكم ولاية غرب بحر الغزال رزق زكريا، فإن فشلهم فى تغطية الخطاب الذى ألقاه الرئيس سلفا كير عشية الميلاد هو ما جعلهم فريسة لرجال الأمن الخرقاء، وأضاف قائلاً «لقد أعطى رئيس القسم للصحافي جهاز تسجيل تالف، وكان من المفترض أن يتأكد من أن الجهاز يعمل قبل تسليمه للصحافي، غير أن هذا التبرير لم يقنع العديد من الصحافيين، حيث يُلقى القبض على ثلاثة صحافيين بسبب جهاز تسجيل تالف، ويرون فى الاعتقال جزءاً من خطة واسعة لترهيب وسائل الإعلام بالدولة الوليدة، خاصة وأن هذه الاعتقالات تزامنت مع لجوء اثنين من الصحافيين التابعين لأمم المتحدة واللذين يعملان فى «راديو مرايا» إلى قاعدة الأممالمتحدة فى واو قبل ترحيلهما إلى جوبا خوفاً على سلامتهما، عندما طاردهما رجال الأمن بحجة الضلوع فى تسليم شريط المظاهرات إلى مراسل قناة الجزيرة، كما جاء الحادث بعد أقل من شهر من مقتل إسحاق إبراهيم الصحافي والناقد السياسي الذى تلقى تهديدات بالقتل من سلطات الأمن قبيل مقتله بسبب مقالاته الناقدة لنظام سلفا كير، ليظهر ذلك المناخ العدائي والمتدهور للإعلام والصحافة بدولة الجنوب، التى تتذيل دول العالم من حيث حرية التعبير والصحافة، فى وقت تحذر فيه منظمة «مراسلون بلا حدود» من أن تنزلق حرية الإعلام بالدولة الوليدة إلى مستويات أسوأ بكثير خلال العام 2013 م، متنبئة بدورة إعلامية مشؤومة.