الشباب هم عدة المجتمع ورمز قوته في الحاضر والمستقبل وفي السودان أصبحت قضية إعداد الشباب أمرًا هامًا إذ أنه لا بد أن يكون لهم دور بارز في المجتمع الإسلامي، فالشباب يشكلون ثلثي المجتمع السوداني ويمثلون نسبة كبيرة في قوة العمل السوي ومنهم من يعملون فعلاً أو ينتظرون المشاركة في مجالات الأداء الوطني المختلفة. إن العصبة المؤمنة التي تركزت في دار الأرقم وعلى يديها تحقق نصر الإسلام كانوا شبابًا فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان عمره أربعين سنة وأبوبكر الصديق رضي الله عنه أصغر منه بثلاث سنين وعمر رضي الله عنه كان عمره سبعًا وعشرين سنة وعثمان رضي الله عنه كان أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه كان أصغر من الجميع وهكذا عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود والأرقم بن أبي الأرقم وسعيد بن زيد ومصعب بن عمير وبلال بن رباح وعمار بن ياسر وعشرات بل ومئات غيرهم كلهم كانوا شبابًا. هؤلاء الشباب هم الذين حملوا على كواهلهم أعباء الدعوة وهم الذين فتحوا البلاد وأخرجوا الناس من الظلمات الى النور. السودان اليوم في مرحلة تحول وتغيير والشباب هم قوة التغيير الأساسية حيث إن التغيير الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والحياتي والآمال في مستقبل أفضل للوطن مرتبط بالشباب دون غيرهم من الأجيال الأخرى فهم بحق عماد نهضة كل أمة وسر قوة كل نهضة وهم حملة كل راية. لذلك كله فإن الرعاية للشباب تدخل في صميم العمل الوطني والإسلامي للمرحلة المقبلة فما دام الشباب بهذه الأهمية فإن تحويلهم إلى طاقة للعطاء المتدفق عملية تستحق التفكير الجاد والدراسة المتأنية ومساهمة الجميع في إيجاد الطرق المختلفة التي يمكن أن تمضي فيها هذه الطاقة بأمان نحو الهدف المنشود. والرعاية هنا يجب أن تتنوع وتشمل العلم والمعرفة والسياسة والاقتصاد والرياضة والفن والثقافة فلا يعقل أن ينمو الشباب سنيًا دون أن يتسلحوا بالعقيدة القوية الراسخة في النفس وبالعلم الحديث في شتى ضروب المعرفة والإلمام بما يجري حولهم وتفجير طاقاتهم الفنية والرياضية وفوق هذا وذاك أن يتسلحوا بالفهم الصحيح لمجريات السياسة الداخلية والخارجية فبذلك يصبح الشباب فعلاً عدة المجتمع للمستقبل لا عالة عليه أو قوة معطلة تعيق الانطلاقة نحو المستقبل. ولا بد من أن نأخذ في الاعتبار طبيعة العصر الذي نعيشه وما يعتريه من تطورات متسارعة لذلك فإن الرعاية المتكاملة الأبعاد للشباب تستطيع أن تستوعب مثل هذه المتغيرات بالشكل الذي يجعل الشباب قوة دافعة للمجتمع الإسلامي دون إهمال هذه المتغيرات التي يعد تأثر الشباب بها أمرًا طبيعًا. تأصيل النشاط الشبابي سينطلق من قاعدة الدين الإسلامي الحنيف من الفهم الصحيح للإسلام وتطبيق العمل السلوكي لكل فضائله السامية وأدابه الرفيعة والالتزام الكامل بمناهج الشريعة ومبادئها الخالدة على مر الزمان والأيام. إن الشباب المسلم بدأ يتجه نحو الإسلام لما تولد عنده من قناعة عقلية هذه القناعة تتجسد في أن هذا الإسلام بتشريعه الشامل ومبادئه الخالدة هوالمنقذ الوحيد في تنقية المجتمعات البشرية من آفات نفسية وانحرافات خلقية وضغوط سياسية وتفسخ اجتماعي. إن طلائع الإسلام بدأت تتحرك نحو المستقبل لتقيم في مجتمعنا الإسلامي مجدًا إسلاميًا عريضًا يضاهي الأمم الكبيرة في عزتها وشموخها وإن من أعظم العوامل التي تحقق للإسلام دولته وللمسلمين عزتهم أن تتضافر جهود العاملين للإسلام في تكوين جيل قرآني مؤمن وإعداد أمة مجاهدة وتهيئة مجتمع رباني أفضل ولتحقيق هذه الأهداف فإن عملية التأصيل ستنتهج الآتي: إذ ارتبط الشاب بالعقيدة الإلهية فإنه سيدرك أن الله يراقبه في السر والعلن وأنه معه أينما كان مما سيولد عنده خشية الله والتسليم لجنابه والالتزام بأوامره ونواهيه وبهذا ينصلح خلقيًا وروحيًا ربط الشباب بالعبادة: الهدف من الربط الروحي هو أن تسمو نفس الشاب في أجواء الطهر والروحانية والصفاء ويتم ذلك بربط الشباب بالعبادات والشعائر التعبدية وكل مناشط الخير لأن كل حركة عبادة حتى سعيه لكسب رزقه وطلبه للعلم إن أخلص النية لله. فمفهوم العبادة يجب أن يشمل كل مناشط وحركة الحياة ويقتضي هذا الربط العبادي أن يرتبط الشاب بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرًا وعملاً به وارتباطًا بالمساجد ليكون قلبه معلقًا ببيوت الله. مع مراعاة إحياء رسالة المسجد لكي يؤدي دوره الذي كان يؤديه أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده. الربط الفكري: ربط الشباب المسلم بالإسلام دينا ودولة عقيدة وشريعة وعبادة ومنهاجًا ونظامًا وجهادًا ودعوة وعملاً وتطبيقًا وفكرًا وثقافة ورياضة وغناء وتذكيرهم بأن الإسلام قادم بقوة وأن المستقبل للإسلام «ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون». الربط الاجتماعي: المقصود بالربط الاجتماعي هو أن ينخرط الشباب والنشء في البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها وينشط لجعل هذا المجتمع مجتمعًا نظيفًا صالحًا طاهرًا ويكون عضوًا فاعلاً نشطًا يقدم الخدمات الاجتماعية لأهل مجتمعه من تعليمية وصحية والمناسبات الاجتماعية والفكرية والثقافية ويكون داعيًا إلى الله في المسجد والنادي وأي مرفق موجود في المجتمع. الربط الرياضي: يجب ربط الشباب بالرياضة لأن الإسلام يريد تربية الشباب جسميًا وتكوينهم صحيًا وذلك يملأ فراغهم بأعمال جهادية وتدريبات عسكرية وتمرينات رياضية حتى يجمع الشباب بين الجد واللهو البريء وللتوفيق بين مطالب النفس ومطالب الجسد والعمل على تربية الأجسام وإصلاح النفوس على حد سواء. وبذلك يكون الشباب قد ملأ فراغه فيما يفيد وينفع ووقاية من الأمراض والأسقام والتمرن على الرياضة وأعمال الجهاد. هذا كله يتم مع مراعاة ألوان اللهو الحلال التي شرعها الإسلام. الربط الثقافي: ربط الشباب بالثقافة بإيجاد وسائل الثقافة النافعة المتنوعة لهم حتى ينضج الشباب عقليًا ويكون في الحياة فكريًا وعمليًا ومن أهم الوسائل إنشاء المكتبات المزودة بالكتب الإسلامية والعلمية والمعرفية النافعة وكذلك الاشتراك في المجلات والإصدارات المهمة والمجدية والاستعانة بالمذياع والتلفاز والأشرطة ووسائل الإعلام الحديثة للتكوين الفكري والثقافي. ومع ربط الشباب بهذه الروابط الخمس يجب الاعتماد أيضًا على التحذير بعد الترغيب وهذه القاعدة لا تقل أهمية من القواعد الأخرى حتى تؤصل في قلب الشباب كراهية الشر والفساد وتربي في نفوسهم النفور من ظواهر الزيغ والانحلال ونعرف جميعًا أن القرآن والسنة قد اعتمدا التحذير لتحقيق ذلك المراد وأول تحذير يوجه للشباب بعد التحذير من مظاهر الارتداد والإلحاد هو التحذير من اللهو الحرام الذي حرمه الكتاب والسنة. وكذلك يجب تحذير الشباب من التقليد الأعمى دليل الهزيمة الروحية والنفسية وعدم الإيمان بالذات والثقة بالنفس والتحذير يشمل أيضًا من محارم الله سبحانه وتعالى في: 1 الأطعمة والأشربة. 2 في الملبس والزينة والمظهر. 3 في المعتقدات الجاهلية. 4 التكسب الحرام. 5 التقاليد الجاهلية. خلاصة القول إن السبيل إلى تأصيل ضروب العمل الشبابي هو اعتماد التربية الربانية كتربية الأنبياء فإنها لا شك محوطة بعناية الله مصنوعة على عينه مشتملة برعايته وهدفنا من التأصيل هو أن تتكون في شعبنا المسلم كتائب الجهاد والنصر حتى تقوم بدورها في هداية العالم من الضلال والجاهلية والمادية إلى نور الحق ورسالة الإسلام «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون».