السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أولويات الحركة الإسلامية في ضوء فقه الأولويات للشيخ القرضاوي (2 - 2)


الأستاذ راشد الغنوشى – زعيم حركة النهضة التونسية
سنؤسس حديثنا عن أولويات الحركة الإسلامية لدى القرضاوي موطئين لها بحديث مجمل لفقه الأولويات عنده محاولين الوقوف على مدى مطابقة النظرية للواقع. هل أولويات الإسلام كما استقرأها وعبر عنها القرضاوي في فقه الأوليات هي فعلا أولويات الحركة الإسلامية التي سبق وأن اقترحها العلامة ؟ أم أن هناك قدرا من التباين؟وما تفسيره إن وجد؟
10- فقه الأولويات في تراثنا: لهذا الفقه آثار متناثرة في تراث الأمة، من ذلك سؤال أحدهم ابن عمر عن دم البعوض فلما علم انه من العراق قال انظروا الى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله عليه السّلام، ناقدا اتجاها سائدا، التدقيق في الأمور الصغيرة ويضيعون الامور الكبار.
ومن ذلك بحث العلماء مسألة ايّهما أولى زمان الفتن وانتشار الفساد الإختلاط بالمجتمع لإصلاحه ام العزلة والنجاة بالنفس؟ ذهبت الصوفية المذهب الثاني وسلك العلماء الربّانيون الأول. كما اختلفوا في مسألة الدنيا أيهما اولى الدخول في معمعتها والإستمتاع بطيباتها في حدود الشرع ام الإنصراف عنها، فذهب جمهور المتصوفة الى الثاني وذهب العلماء الربّانيون الى الأول، ومن ذلك بحثهم أيهما أولى ترك المناهي أم فعل الأوامر؟ وحاصل المبحث أن اجتناب المحرمات وإن قلت أفضل من الإكثار من الطاعات. ومن ذلك اختلافهم في مسألة أيّهما أفضل الغنى مع الشكر؟ ام الفقر مع الصبر؟ والذي يترجح أن الغنى مع الشكر هو الأولى .قال تعالى: " وقليل من عبادي الشكور " / / لصعوبة الأمر.
11- فقه الأولويات في دعوات المصلحين في العصر الحديث:
أهم ما يميز مصلحا اسلاميا من آخر الأولوية الإصلاحية التي استهدفها وأدار حياته وعمله حولها بناء على فهمه للإسلام ورؤيته للواقع، فكان إصلاح العقائد مدار عمل ابن عبد الوهاب، وكان جهاد المحتلين عمل الإمام المهدي، وكانت أولوية الأفغاني نفخ روح النهوض في أمة غافية غلب عليها أعداؤها، بينما اهتم الإمام محمد عبده بتحرير العقل المسلم من أسر التقليد وربطه بالمنابع الإسلامية الصافية وفهم الدين على طريقة السلف وبيان أن الحكومة الإسلامية حكومة مدنية من كل وجه حاكمها بشر يخطئ وتغلب عليه شهوات لا يرده عن طغيانه غير النّصح بالقول والفعل. أما حسن البنّا فقد عني بتصحيح المفاهيم عن الإسلام وأنه عقيدة وشريعة ودين ودولة و وجه جهوده لتكوين جيل ربّاني يفهم الإسلام فهما دقيقا ويؤمن به ايمانا عميقا ويترابط عليه ترابطا وثيقا ويهبه حياته ويجمع ما تناثر من صفوف أمته على كليات الإسلام والعمل به والعمل له بمنآى عن الإختلاف الفقهي والمذهبي. وكانت قضية المودودي الأساسية إعادة النّاس الى حاكمية الله تعالى في مواجهة الجاهلية الحديثة التي تمثلها مدنية الغرب وكانت العقيدة قبل جزئيات الأنظمة أولويته لتحقيق حاكمية الله في الأرض ومن ذلك رفضه الجاهلية المعاصرة في كل مجالاتها واعتبار كل المجتمعات القائمة اليوم جاهلية لا تحتكم لشرع الله في كل مناهج حياتها. إن المنكر الأكبر الذي تنبع منه كل المنكرات هو رفض ألوهية الله برفض شريعته للحياة . والى هذا المنكر الأكبر ينبغي ان تتجه كل الجهود قبل الدخول في المنكرات الجزئية.
12- تعقيب:
هذا كتاب صغير في حجمه كبير بمعناه جديد في مضمونه ، وما يدرى هل سيحتل مكانه ضمن علم أصول الفقه لأنه يتحرك في مجاله ؟ أم هو مندرج ضمن مقاصد الشريعة باعتباره يتحرك ضمن ما تأسست عليه من فكرة وجود تراتب بين أعمال الإسلام وشرائعه، من ضروريات هي بنفسها مرتبة ترتيبا تفاضليا وحاجيات وتحسينيات؟ أم هو أقرب الى علوم السياسة الشرعية باعتباره منصبا في قسمه الأكبر على تقويم مناهج الحركات الإسلامية في الإصلاح المناهج الفكرية والتربوية والحركية ،وعلى مسعاه الدؤوب للإنتصار لمنهج الوسطية الذي ما يفتأ يجلي ملامحه في محاولة لجمع الأمة عليه فقد كان انتصاره واضحا للمنهج الوسطي كما صاغه وأسسه الإمام البنّا والسؤال ما هي أولوية الإصلاح عند القرضاوي هل هي الفكر أم التربية أم السياسة ؟
- يتضح ذلك من خلال كتابه "أولويات الحركة الإسلامية" الذي صدر في نهاية الثمانينيات أي بعد بضع سنوات من كتابه فقه الأولويات.
1-بعد أن يحدد القرضاوي بدقة ما يعنيه بالحركة الإسلامية - على عادته في ضبط موضوعات بحثه- باعتبارها العمل الشعبي الجماعي المنظم للعودة بالإسلام الى قيادة المجتمع وتوجيه الحياة كل الحياة، يعتبر مهمتها تجديد الإسلام بما يعيده الى قيادة الحياة ، ويتجسد هذا التجديد في ثلاثة أمور: الأول تكوين طليعة اسلامية قادرة على قيادة المجتمع تجمع بين الإيمان العميق والفقه الدقيق والترابط الوثيق. والثاني تكوين رأي عام اسلامي يشد أزرها. والثالث تهيئة مناخ عالمي يتقبل وجود الأمة الإسلامية حين يتفهم حقيقة الرّسالة الإسلامية ويتحرر من العقد الخبيثة، رأي عام يفسح صدره لظهور القوة الإسلامية بجوار القوى العالمية الأخرى.
أولويات الحركة الإسلامية : ولأن مجالات العمل أمامها رحبة: تربوية وسياسية واجتماعية واقتصادية وجهادية واعلامية وفكرية علمية، وكلها مطلوبة وجب عليها حسن توزيع قواها فيكون تركيزها على:
1-تجلية المفاهيم الأساسية.
2-التركيز على شرائح اجتماعية معينة.
3- التركيز على الكيف لإعداد القيادات المستقبلية المرجوة، ولا سيما الإعداد الإيماني الفكري.
1- يقول: "إن المجال الأول في رأيي هو مجال الفكر فهو أساس البناء الدعوي والبناء التربوي والذي يبدو لي أن ازمتنا الأولى أزمة فكرية .هناك خلل واضح في فهم كثيرين للإسلام ولتعاليمه ومراتبها. هناك عجز في المعرفة بالحاضر المعيش وجهل بالآخرين مع أن الآخرين يعرفون عنا كل شيئ وقد كشفونا حتى النخاع. (!) هناك جهل بأنفسنا وكثيرا ما نضخم الشيئ الهين وما نهون الشيئ العظيم وهو ما يجعلنا في أشدّ الحاجة الى فقه جديد. ولا نعني المعرفة بالأحكام الشرعية الجزئية من أدلتها التفصيلية بل الفقه هو الفقه في آيات الله وسننه في الكون والحياة والمجتمع. ومن أنواع هذا الفقه المنشود والمفقود فقه الموازنات وفقه الأولويات. وتقرير المبدأ هنا سهل ولكن ممارسته أمر صعب، فالمودودي رغم إنكاره ولاية المرأة فقد وجد ولاية فاطمة جناح أقل ضررا من ولاية أيوب خان. إن غياب فقه الموازنات والأولويات في منهج الحركة الإسلامية جعلها تهتم بفقه الفروع قبل الأصول وتقصّر في التخطيط لعملها وتوزيع جهودها ومواردها بحسب مطالب الوقت، وسد في وجهها كثيرا من أبواب السعة والرّحمة وشجع تيارات الرفض والتشدّد.
المجال الثاني: الدّعوة والتّثقيف العام من أجل الإمتداد بأشعة الدّعوة الى كل شرائح المجتمع بعمل دعوي وإعلامي مخطط يقوم عليه متخصصون.
ومن أهم الشرائح التي يجب التغلغل فيها شريحة المثقفين دون إهمال للجماهير باعتبار الحركة الإسلامية حركة شعبية تنجح يوم تتغلغل في صفوف شعبها وتلتحم بهومه فيستجيب إذ تناديه، ويقتضي ذلك قيامها بتصحيح ما بالأنفس من مفاهيم مغلوطة. وعلى أهمية الطبقات العاملة في التغيير فإن الشيخ يلاحظ بألم وحيرة عدم نفوذ الحركة الإسلامية الى هذه الجبهة مع أن الإسلام أعظم دين يكرم العمل وينصف العمّال. أهو تقصير الحركة في تبني قضايا العمال والوقوف بجانب مطالبهم العادلة ؟ أم هو فضل نشاط الفئات اليسارية؟
تعليق:لا يبدو أن الحال قد تغير بعد عقدين. ما السّبب؟ هل هو تراجع الفكر الإجتماعي والسّياسي الحامل لهموم الجماهير وما تعانيه من ضنك معيشي واستبداد سياسي والثّائر ضد القوى المحلية والدولية القائمة عليهما، أم هو زحف تيارات الفكر السلفي العقدي التكفيري موغلا في الجزئيات الفقهية والخلافات العقدية ؟
- يجب على الحركة الإسلامية أن تغزو مجال التجار ورجال المال والأعمال ففي أيديهم قسم كبير من ثروة الأمة والتحكم في حاجات النّاس.
- ومن المجالات التي لا يزال اثر الحركة الإسلامية فيها محدودا المجال النّسائي فرغم مرور ستّين سنة على الحركة الإسلامية فلم تظهر قيادات إسلامية نسائية قادرة على مواجهة التيارات العلمانية الماركسية بكفاية وذلك لأن الرجال يحاولون دائما ان يسيطروا على على توجيه النساء ولا يدعون لهن الفرصة الكافية.
إن العمل النسائي قد تسرّبت اليه أفكار متشددة غدت هي التي تحكم العلاقة بين الرّجال والنّساء تأخذ بأشدّ الأقوال تضييقا في هذه المسألة. ومن ذلك حمل الآية الآمرة بالقرار في البيوت على كل النّساء مع أن سياقها واضح في أنها خطاب مباشر لنساء النّبي لما لهن من خصوصية.
تعليق: هل تطور الحال بعد عقدين؟ هل تراجعت تيارات التشدّد أم توسعت؟ ما دلالة تمدد النّقاب في مساحات جديدة؟
المجال الثالث:مجال التربية والتكوين. وفيه تكوين الطلائع المؤمنة باعتبار التربية الإيمانية هي الأساس ولا بد في هذا المجال من قدر من التربية الصّوفية السليمة لمعالجة أمراض القلوب وسد مداخل الشيطان بإخلاص النية لله تعالى ودوام مراقبته والتوكل عليه ومحاسبة النفس، وذلك الى جانب ضرورة التربية الفكرية لقيادات المستقبل. وما ينبغي للقيادات التّاريخية ان تقف عقبة أمام الدماء الجديدة فتحول دون بروز القيادات الشّابة ولا بد من اطراح فكرة ان القيادة تختار مدى الحياة فالسّوابق التّاريخية لا تعد شرعا ملزما الى يوم القيام . واقترح انشاء معهد لتخريج قادة المستقبل يضم مجموعة من النوابغ المخلصين وأن توضع له مناهج تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
- ومن معالم الفكر المنشود الى جانب التربية الإيمانية لقيادات المستقبل أنه:
- فكر علمي لا يقبل الاّ بدليل يحترم التخصص لا مجال فيه للتفسير التآمري للأحداث.
- فكر واقعي يوازن بين الطّموح والإمكانات.
- فكر يهيل التراب على مشكلات تاريخية بددت طاقات المسلمين كالجدل حول الذّات والصّفات وحول ما يسمى بآية السيف.
- فكر سلفي تجديدي: إن اخشى ما أخشاه على الحركة الإسلامية أن تضيق بالمفكرين الأحرار من أبنائها وان تغلق النّوافذ في وجه التجديد والإجتهاد وتقف عند لون واحد لا يقبل وجهة نظر أخرى فتحرم من العقول الكبيرة.
- فكر وسطي : بين التزمت والتنطع من ناحية والتسيب والتحلل من ناحية اخرى . والوسطية ملازمة للتيسير فيجب على الحركة الإسلامية أن تتبنى في مجال الآراء الفقهية خط التيسير لا التعسير لأن ذلك طبيعة الشريعة الإسلامية وبسبب حاجة النّاس فالأصل في المعاملات الإباحة. وفي قوانين العقوبات ينبغي الأخذ بالأقوال الميسّرة كالقول الذي يرى أن التوبة تسقط الحد.
- فكرمستقبلي لا ينحبس في الماضي ولا في الحاضر متفائل واثق من ان هذا الواقع سيزول وان الإسلام هو البديل وما على المومنين الا ان يثابروا ويصبروا ، ,ان المستقبل المنشود يتحقق وفق سنن الله . وتمثل هجرة النبي عليه السلام درسا في التخطيط والتوكل.
- المجال الرّابع:المجال السّياسي:
أ- نحو فقه سياسي رشيد يتجاوز فكر المحنة وفكر التشدد والحرفية نحو فقه السّنن وفقه المقاصد ، ذلك أن الخلل في الحركة الإسلامية أوضح ما يكون في الفقه السياسي الذي لم يأخذ حقه من البحث والتعمق قديما كما أخذ فقه العبادات والمعاملات والأنكحة ،ولا يزال اليوم يشوبه كثير من الغبش والتباس المفاهيم ، فهناك من يعتبر الشورى معلمة ومن يرى أن المرأة لا مكان لها في سياسة الأمة.
مكانها البيت، ومن يرى أن التعددية أمر مرفوض وأن دخول المجلس النيابي ينافي التوحيد (القول السديد في أن دخول المجلس النيابي مناف للتوحيد).ومرد الخلل اعتبار السّوابق التاريخية ملزمة مع أنها إنما تدل على مجرد الجواز بما في ذلك افعاله عليه السّلام.
تعليق: بعد عقدين الى أين اتجه تطور الفكر السياسي الإسلامي؟
ب- الحركة الإسلامية وتحرير دارالإسلام: عليها أن تكون مجندة لنصرة كل قضية اسلامية وبالخصوص قضية فلسطين.
- الحركة الاسلامية وقضايا التحرر العالمي :عليها أن تساند كل قضايا التحرر من الإستبداد والظلم في العالم باعتبار الإسلام دعوة تحريرية كبرى للإنسان "إنّ النّاس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده"
- الحركة الاسلامية والأقليات المسلمة:على الحركة الإسلامية أن تقوم مقام القيادة المركزية المفقودة للأمة المسلمة وأن تستعين بشيوخ الإسلام حتى يبرز من بينهم شيخ الإسلام الحق الذي يدين له العلماء بالفضل الذي يمكنه أن ينادي الأمة الإسلامية الكبرى في الشدائد والملمات فتلبي النداء .
تعليق: هل أفرزت الحركة الإسلامية شيخ الإسلام هذا أم لا تزال تنتظر فلا استعادت خلافة ولا مشيخة؟
ج- الحركة الإسلامية وقضايا الديمقراطية: الواجب على الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة أن تقف أبدا في وجه الحكم الفردي الدكتاتوري وأن تكون دائما في صف الحرية السّياسية المتمثلة في الدّيمقراطية الصّحيحة وأن تقول بملء فيها للطّغاة لا ثم لا ولا تسير في ركاب دكتاتور متسلط وإن أظهر وده لمصلحة موقوتة ولمرحلة تطول كما هو مجرب.
- وبتتبع الحركة الإسلامية والصحوة الإسلامية يتبين بجلاء أنها لا تتفتح أزهارها ولا تنبت بذورها وتمتد فروعها إلا في جو الحرية ولا تذوى إلا في مناخ القهر، لذلك لا أتصور أن يكون موقف الحركة الإسلامية إلا مع الحرية والديمقراطية ، ولكن لا يزال بعض الاسلاميين يتحفظ على الديمقراطية ويتخوف حتى من ذكر اسمها. إن الأدوات التي توصلت اليها الديمقراطية (في كبح جماح الإستبداد) أقرب ما تكون الى تحقيق المبادئ التي جاء بها الإسلام في الحكم لا سيما اذا تم التنصيص دستوريا على مادة تعتبر كل تشريع يخالف الإسلام باطلا. إن الخطر الأكبر على الأمة وعلى الحركة الإسلامية هو حكم الفراعنة.
تعليق:هل حصل تطور في الموقف الإسلامي في اتجاه مزيد الإلتحام بقضايا الحرية والتحرر ومناهضة المستبدين المحليين والتحالف مع كل ضحاياهم بصرف النظر عن ملته؟ وكيف يفسر الطفح المتزايد للصراعات الطائفية في أمتنا؟
د- الحركة الإسلامية والأقليات العرقية والدينية: لا تمثل الأقليات العرقية للإسلام مشكلا أصلا. أما الأقليات الدينية فلا تعارض بين حق الأكثرية المسلمة وحق الأقليات غيرالمسلمة إذ الإسلام لا يجبر أحدا على ترك دينه أو ترك أمر يراه واجبا في دينه أو في فعل ما يراه حراما.
- الحركة الإسلامية والإنفتاح على الآخرين: الأولى بالحركة الإسلامية وقد بلغت أشدها أن توجه خطابها الى المخالفين لها في الفكر فاتحة صدرها للحوار وخصوصا مع عقلاء العلمانيين وهم مسلمون في الأصل ولم تتح لهم الفرص لمعرفة الإسلام معرفة صحيحة. وما أدعو اليه هو الحواربالحسنى وليس المناظرة.
تعقيب: ينبغي أن يتجاوزهدف الإنفتاح على الآخرين مجرد الحوار معهم لتعريفهم بالإسلام وإنما التعاون على تحقيق الأهداف الوطنية المشتركة من مثل التصدي لقوى الإحتلال والتدخلات الخارجية، ومقاومة الإستبداد والفساد. والملاحظ أن قدرات الحركة الإسلامية على مثل هذا الحوار فضلا عن إقامة التحالفات والجبهات الوطنية من مثل ما فعل النّبي عليه الس!لام من التحالف مع قبائل كافرة للتصدي لأخرى أظلم منها.
- ومن ذلك الحوار مع عقلاء الحكّام وطمأنتهم على كراسيهم مقابل ترك الحرية لدعوة الإسلام لتنهض برسالتها في تربية الشباب، مع التحذير من ان يؤدي ذلك الى الممالأة لهم، وفرق بين المهادنة والمداهنة.علام أسفرت تجارب المشاركة في حكم أنظمة مستبدة؟
- وكذا الحوار مع عقلاء الغرب دينيين ومستشرقين وسياسيين حتى يتحرروا من الأحكام السلبية المستقرة حول ديننا ويقفوا على طبيعة وأهداف دعوتنا وما تحمله من رحمة للعالمين
- ومن ذلك تفادي الصدام مع المؤسسة الدينية الرسمية سعيا لإصلاحها والإفادة للدعوة من امكاناتها ومن باب أولى الحوار مع فصائل الصّحوة فالإسلام أكبر من أي جماعة وما يمكن لجماعة واحدة ان تنهض برسالته منفردة بما يوجب على كل الجماعات أن تتحاور وتتعاون وتتضامن.
تعليق: ما دلالة ما تبديه الجماعات الإسلامية من عجز عن إدارة اختلافاتها سلميا بله عن التعاون في المتفق عليه؟
مقترحات: ضرورة تفريغ الكفاءات لواجبات الحركة
- إعداد المختصين في شتى المجالات.
-مركز للمعلومات والبحوث.
الخلاصة: كما أن البناء الإسلامي بناء مرتب ترتيب منطقي بحسب كليات وجزئيات وأصول وفروع تتفاوت مراتبها وأولوياتها، كذا ينبغي أن يكون عمل العاملين على إقامة هذا البناء أو إصلاحه عملا منطلقا من خطة تأخذ بعين الإعتبار أولويات البناء الإسلامي من جهة الحكم التكليفي كما لا يفوتها رعاية الحكم الوضعي في تنزيل تلك الأولويات، بما ينتهي ضرورة الى وجود أهداف مشتركة بين العاملين للإسلام تمليها أولويات الإسلام المشترك كما يمليها قدر من التشابه بين أحوال الأمة في زمن محدد، إلا أن الخطط والأولويات لن تتطابق بين العاملين للإسلام على امتداد المعمور ،وذلك بسبب اختلاف الأوضاع الإسلامية فالإسلام في بعض بلاده حاكم وفي أخرى مشارك وفي أوضاع تدور عليه رحى الحكم فأنى لأولويات العاملين له أن تتشابه خاصة في غياب عقل ناظم ورأس موجه للأمة بما يجعها في حالة من اليتم.
ومع ذلك تبقى الصورة الهندسية الجميلة المتناسقة التي استقراها شيخ الإسلام للإسلام من نصوصه ومن تراث أئمته العظام تبقى مهمة جدا لكل فرد مسلم حتى يرتب كل إمكاناته بحسبها وهي ذات أهمية أكبر للعمل الجماعي الإسلامي في أي صيغة ترتيبا يولي أهمية كبرى للتخطيط وتوزيع الموارد لقد بدا القرضاوي شديد الحرص على إيلاء التربية الإيمانية التربيوية الأولوية الأكبر ولكنه عندما يتناول مسائل الفكر يعتبر الخلل هناك، ويفعل الأمر ذاته عندما يصل الى مجالات السياسة فلا يتردد في التأكيد في الإعلان أن الخلل في الحركة الإسلامية أوضح ما يكون في الفقه السياسي الذي لم يأخذ حقه من البحث والتعمق قديما كما أخذ فقه العبادات، ولا يخفي ثورته على الإستبداد والطغيان وتحريضه الدائم عليه حتى أنه لم يتردد في الإعلان أن الحرية تسبق تطبيق الشريعة. فكيف يفسر ذلك؟ هل تتساوى لديه هذه الأولوليات ؟ أم انها على أهميتها جميعا تتفاوت بحسب الوضع، ففي غياب الحرية يغدو الجهاد من أجل استعادتها على رأس الأولويات من قبيل مالا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب.
ولذلك يلاحظ أن شجرة الإسلام تزدهي وتثمر في مناخات الحرية وتذوي في أجواء القمع. وهكذا لئن بدت في المثال قيم الإيمان والتربية في صدارة أولويات الإسلام والحركة الإسلامية فبالنظر الى الواقع وتشخيصه التشخيص الدقيق وهو ما يجب أن تنطلق منه الحركة الإسلامية – وغالبا ما تقصر في ذلك- قد تختلف الأولوية هل هي نهوض فكري تجديدي في حالة سيادة الجمود والتقليد كما فعل عبده، أم نفخة ثورية في حال غلبة الإستبداد وخطر الإحتلال كما فعل الأفغاني أم تربية إيمانية صوفية إذ تفشو تيارات التحلل والفساد. ولأن أوضاع الأمة وبخاصة في القلب العربي تبدو الأزمة فيها ممتدة على كل تلك السوح فقد بدا العلامة المهموم بأدوائها وكأنه يؤذن للنهضة بكل تلك الحقول التي تشكو أعطابا هائلة مع ما تحمله من بشائر بالفجر الموعود، وذلك سيرا متطورا على طريق أسلافه من المصلحين الكبار خصوصا السيد رشيد رضا والإمام الشهيد البنّا .
مقترحات:
* بما أن الخلل الأكبر في البناء الإسلامي هو في الجانب السياسي، مطلوب إيلاؤه قدرا أكبر من الإهتمام والدراسة ، من مثل إنشاء مركز لدراسة السياسة الشرعية وتطويرها.
* اعتبار أن ما كان قد نادى به القرضاوي منذ عقدين من ضرورة العمل على إبراز شيخ الإسلام الحق الذي يدين له العلماء بالفضل بما يمكنه أن ينادي الأمة الإسلامية الكبرى في الشدائد والملمات فتلبي النداء، قد تحقق في شخص العلامة القرضاوي. وجاء الوقت لإعلانه شيخ الإسلام في العصر.
* إنشاء وقف لتطوير ورعاية فكر الوسطية ومن ذلك تأسيس معهد لتخريج قادة المستقبل على نهج الوسطية الإسلامية.
والله الموفق الى سواء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.