لم تكن لعنة الأخطاء الطبية تبارح مكانها من ردهات مستشفايتنا العامة منها والخاصة رغم الحداثة والأناقة في الشكل الخارجي والتسابق المحموم الذي تبرزه لافتات جاذبة للمرضى بأن الشفاء هنا ولا شيء سواه، ورغم تكاليف العلاج المضنية فإن الصحة لا تُشترى بثمن بخس لكنه المثل القائل كالمستجير من الرمضاء بالنار، وصورة تبقى حية لما ذهبنا إليه، والزينة محمد أحمد تلك المرأة التي ابتلاها الله بالفشل الكلوي لأكثر من عامين، وأبناؤها يتسابقون في إنقاذ حياتها وهي التي سهرت الليالي معهم ولم يكن المال ليقف معضلة أمامهم ليفعلوا ما أمكن فعله لإنقاذ حياتها، ولم يتركوا ما لديهم من أموال ومقتنيات وعقارات. لأكثر من عامين بدأت حلقة المعاناة مع الزينة وبمستشفى الزيتونة بالخرطوم أجريت لها عملية زراعة الكلى بعد مطابقة أكدها المستشفى، حيث كان المتبرع هو ابنها ولم تمض أيام حتى عادت الزينة لرحلة جديدة من المعاناة بصورة أشد، وعندها قرر د. كمال أبو سن إزالة الكلية المزروعة وهو ذات الطبيب الذي قام بعملية الزراعة ولم يحدث أي تحسن بعد عملية الاستئصال، هذا ما ذكره سليمان إبراهيم ل«الإنتباهة» مؤكداً أن الإهمال هو سبب تدهور صحتها، مضيفاً أن د. أبو سن غادر البلاد قبل أن يطمئن إلى صحتها، وظلت حالتها تتأخر يوماً بعد يوم حتى أُصيبت بالشلل النصفي. ويشير سليمان إلى أنهم اشتكوا للدكتور مأمون حميدة بصفته مالك المستشفى ووزير الصحة بولاية الخرطوم إلا أنهم صُدموا كما قال برده الذي لخصه في قوله «ليه ما اتصرفتوا»؟ تصعيد إعلا مي خلال الأيام الماضية شهدت ساحة الزيتونة حشوداً كبيرة من المواطنين صحبه تصعيد إعلامي تناول الوضع الحرج للمريضة الزينة، وكشف الخطأ الذي وقعت فيه المستشفى وأبناء المريضة وذووها يرفعون شعارات منددة بإدارة المستشفى مما شكل رأياً عاماً بأن قضية الزينة قضية رأي عام، يجب أن تجد الاهتمام والمعالجة، سبقته شكوى تقدم بها أبناء الزينة للمجلس الطبي ضد مستشفى الزيتونة ود. كمال أبوسن لجنة المجلس ومع ذاك التصعيد الإعلامي استشعر المجلس الطبي خطورة الوضع للمريضة كيف وأن أحشاءها ظلت لأكثر من «40» يوماً خارج بطنها وفق ما ذكر أبناؤها، فكان أن تم تكوين لجنة من المجلس الطبي للوقوف على الوضع، حيث اجتمعت اللجنة مع جهة الاختصاص بالمستشفى قبل أن تقف على حالة المريضة. وقال خالد إبراهيم ابن المريضة حاولنا الدخول مع اللجنة كطرف في القضية إلا أننا منعنا وقد وعدونا بأن يملكون الحقائق كاملة. وقال إن اللجنة تحدثت إليهم وأكدت على ضرورة إجراء العملية فوراً، لكن يبدو أن حالتها لا تسمح بذلك. وقال خالد ل«الإنتباهة» إن اللجنة طالبت إدارة المستشفى بتمليكهم الحقائق كاملة إلا أننا كما يقول خالد لم نجد لهم أثراً، وظللنا نبحث عنهم لأكثر من أربع ساعات كاملة واتهمهم بالتهرب من المسؤولية. في ذمة الله الزينة كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف من مساء أمس والكل قلق هناك ممن تجمهر أمام الزيتونة وكان منظراً مؤثراً ان حاول أبناء الزينة عبثاً إخفاء دموعهم التي انهمرت لحظة أن نعى الناعي وفاة الزينة بعد صراع امتد طويلاً مع رحلة المرض، وهنا ترحم عليها الجميع وكانت عربة الشرطة حضوراً بينهم إلا أن تعامل أبناء المرحومة مع خبر الوفاة على أساس أنه قضاء وقدر رباني، إلا أن سليمان قال نحمل المسؤولية كاملة لإدارة المستشفى ود. أبو سن، لما أصابهم من إهمال أوصلنا إلى هذا الحد، فيما يقبع شقيقنا الذي تبرع بكليته هو الآخر الآن بمستشفى القاسم بالشارقة، ومن هنا نسأل الله أن يتغمدها بواسع رحمته، فقد انتهى المشهد الاول من مسلسل الزينة، وسنظل نبحث عن رحلة التحقيق الذي نأمل أن تطول المسؤولين وإيقاع أقصى العقوبات التي حددها القانون إن كانت هناك أخطاء وقعت.