الطيِّبات من التحايا والثناء كثيراً على المعادلات أستاذنا على يس ثم بعد. هنالك من الأحداث ما تظل ذكراها راسخة في ذاكرة الإنسان ماثلة في وجدانه لا تتأثر بالتاريخ ولا يمحوها الزمان. أذكر من تلك الأحداث وفي ذلك الزمن الجميل من السبعينيات أن كان لشرطة مباحث أمدرمان حملات تشنها من آن لآخر بحثاً عن المال المسروق والمفقودات. وفي إحدى تلك الحملات وفي محل الشيخ صالح ذلك الرجل الذي عُرِف بالتقوى والصلاح والذي تجاوز من السنين ستين عاماً، عثرت الشرطة في محله على مقتنيات قيّمة. فطلبت منه مستند البيع فأفاد بأنه اشتراها دون مستند، طلبت منه أن يرشد على البائع فاعتذر عن ذلك ورفض رغم محاولات زملائه ليرشد عن البائع، ومن ثم تم اقتياده والمقتنيات إلى قسم الشرطة متهماً باستلام المال المسروق. وفيما بعد تم تقديمه إلى المحاكمه إلا أن المحكمة قامت بتبرئة ساحته باعتبار أن القانون نص على أن المال المشتبه فيه والذي يوجد في حيازة الشخص لايعد مستلماً مسروقاً ما لم يكن هناك بلاغ بسرقته. وبما أن هذا القسم وغيره من أقسام الشرطة ليس لديهم بلاغ بهذا المعنى فقد أُخلي سبيل المتهم وسلِّمت إليه مقتنياته. ولما خلت المحكمة من الحضور سأل القاضي الشيخ صالح عن الأمر وما فيه؟ فحكى له أن سيدة اتصلت به باعتباره دلالاً معروفاً وطلبت منه الحضور إلى منزلها لشراء بعض مقتنياتها. وبحضوره إلى المنزل وجده على قدر من الجمال ولكن في بساطة وتواضع، ووجدها هي سيدة هادئة وقورة، وأن زوجها طريح الفراش بمرض عضال. فأيقن في نفسه أنها أسرة كريمة وعريقة قسا عليها الزمان كما يبدو فعرضت مقتنياتها للبيع. قام الشيخ صالح بمعاينة المقتنيات ومن ثم تم الشراء ومن دون مستند، ثقةً منه في السيدة واحتراماً لها. طلبت منه الزوجة الحضور ليلاً لأخذ مقتنياته حتى لايراه أحد من الجيران وهو يحملها فيسبب ذلك حرجاً للأسرة بين أهل الحي. وافق الشيخ صالح على ذلك وأنهى الأمر حسب رغبتها. لذلك حينما استجوبته الشرطة رفض الإفصاح عن البائع وآثر دخول السجن كما قال حتى لا تمثل تلك الزوجة أمام الشرطة لاستجوابها صوناً لسمعتها وحفظاً لكرامتها. أكبر فيه القاضي هذه النخوة وأثنى كثيراً على شهامته ومروأته. ومن بعد عاد الشيخ صالح إلى عمله شهماً ورعاً تقياً كما كان. عقيد شرطة«م» أحمد حسن أحمد/ أمدرمان الموت.. مقامات!! السلام عليكم ورحمة الله أخي علي، أعتقد أنها «قربة مقدودة» تلك التي تحاول نفخها فتتأبى، فلا هي انتفخت ولا أنت احتفظت بالهواء في داخلك لليوم الأسود، الذي سيباع اللتر من الهواء فيه بمبلغ وقدره!!. هل تصدِّق أن الفساد طال حتى إجراءات الدفن؟!!.. مقابر عريقة بأمدرمان وهي أقرب مقابر لسكننا ولكن إذا قُدِّرَ لي أن أموت اليوم فلن أحصل على مدفنٍ إلا «بواسطة» فقد رأيتُهُم يعيدُون بعض «الجنائز» من حيث أتت بحجة أن المقابر امتلأت وبعد لحظات.. جنازة، جنازتان، تلات تم دفنها!! كيف؟ الله أعلم!! أوصيك وبما أنك شخصية مرموقة أن تتوسط لي عند موتى ليتم دفني بمقابرنا تلك. وجزاك الله خيراً عمر محمد من المحرر: لا تحزن يا أبا حفص، فقد نما إلى عِلمي أن هناك تفكيراً جدِّياً في إنشاء «مقابر شعبية»، لا أستبعدُ أن يتكفّل بتكاليفها ديوان الزكاة، في مشروعٍ إستراتيجي ربما أسموه «رفع المعاناة عن كاهل الموتى».. المشكلة يا أخي ليست في القبر، المشكلة حقاً في ما بعدهُ..