فجأة وبلا مقدمات وجدت «ن» نفسها مسؤولة عن ابنيها بعد أن تركها زوجها وسافر لإحدى الولايات بغرض التجارة وانقطعت أخباره عنها وعن اسرته لسنوات امتدت لأكثر من خمس عشرة سنة فقاست الأمرين في تربية أبنائها وتوفير سبل العيش الكريم لهم، وفي ذات يوم أخبرها أحد أقربائها أنه شاهد زوجها بإحدى الولايات وبالفعل سافر اليه أخ «ن» ووجده قد تزوج بأخرى وأنجب منها اطفالاً وعندرجوعه لأولاده من زوجته الاولى اصر الأبناء على ضرورة أن يعيش والدهم معهم بالمنزل رغم كل ماحدث، فكثير من الزوجات مثل «ن» فارقن دنيا الحياة الزوجية بلا رجعة أما بهجر الزوج أو سفره وأصبحن يعشن مع ذكرياتهن وهن مابين مطرقة متطلباتهن الخاصة وسنديان واقعهن المرير.. «الملف الاجتماعي» اصطحب عددًا من القصص الواقعية مصطصحباً رأي الدين واختصاصيي علم الاجتماع.. عملت ست شاي.. عندما تقدّم لطلب يدها من ذويها لم تسعها الدنيا فرحة فقد كان شابًا «كسّيب» وتطمع كثيرٌ من فتيات الحي في خطب وده، لكنه أختارها دون سواها وبالفعل تمت مراسم الزواج وسط تبريكات الأهل والصديقات ولكنها «ت» لم تكن تعلم ما تخبئه لها الأقدار فبعد إنجابها لثلاثة أطفال وفي ليلة «وصابح العيد» تناقشت معه نقاشًا أقل ما يقال عنه إنه نقاش عادي يختص بكسوة الأبناء ولكنه ترك المنزل على إثر ذلك النقاش ولم يعد حتى الآن! ولم تترك مكانًا يمكن أن يوجد فيه الا وذهبت اليه ولكن باءت كل محاولاتها بالفشل، تناهت الى مسامعها عدد من الأخبار عن وجوده بمناطق معينة ولكن ذهبت كل محاولاتها للوصول اليه أدراج الريح، وهي الآن تعمل بائعة شاي وتكافح من أجل تربية أبنائها. تقول «ت» عن حالتها : الحياة الأسرية تحتاج لوجود الأب والأم معا حتي تسير الأمور بصورة طبيعية ولكن مثل حالتي فقدت الرغبة في كل شئ سوى تربية أبنائي بالرغم من أنه في بعض الاحيان تنتابني حالة من «السرحان» وأعيش مع ذكرياتي ولكني أؤمن بالنصيب. كالبيت الوقف.. هو أبن عمي وتربينا ونشأنا في بيت واحد ، زواجي منه كان زواجا تقليديا ، وبعد سنة واحدة من الزواج قرر الهجرة الي بغرض زيادة الدخل وتحسين الوضع المادي ، ترك ابنته في عمر «الأربعين يوما» وهي الآن طالبة بالسنة الثانية بالجامعة ولاتعرف شئ عن أبيها سوى بعض الأخبار المتقطعة التي تتوارد الينا بين وقت وآخر. حقيقة أعيش في وضع أقل مايقال عنه أنه سئ فأنا كنت اطمح في حياة و«عيشة» هنية مثل نديداتي ولكنه تركني «كالبيت الوقف». وكانت ل «ر» قصة أخرى ترويها لنا قائلة: بعد زواجي منه بسنوات قلائل تزوج بأخرى بإحدى الولايات ونسبة لطبيعة عمله فهو لايزورنا الا في اوقات متباعدة وظللت أنا وأبنائي بمنزل أسرتي نعاني من سوء المعاملة من اقرب الناس الينا وحتى إخوتي يقولون لي «لو كان أولادك أيتامًا كنا أخدنا فيهم الأجر»! وأنا كأي أمرأة أخرى في مثل عمري «أربعينية» ترنو لحياة هادئة في ظل زوجها فأنا أعيش ما بين مطرقة ابنائي وحاجاتي الشخصية لحياة زوجية سعيدة وزوجي يرفض طلاقي حتى لا اتزوج مرة أخرى بحجة أن ابنائه يجب الا ينشأوا على أيدي «رجل غريب».فأصبحت كل الايام والأوقات في حساباتي سواء. رأي الدين.. الشيخ سعد أحمد سعد عندما طرحنا عليه الموضوع أفادنا بإيجاز أن المدة المنصوص عليها شرعًا لغياب الزوج هي اربعة أشهر، وأضاف قائلاً: وردت شكوى لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من إحدى النساء تشكو غياب زوجها عنها لفترات طويلة، فتوجه سيدنا عمر بالسؤال لابنته أم المؤمنين «حفصة» باعتبارها امرأة وأم المؤمنين فكان ردها أن المرأة لا تتحمل غياب زوجها عنها أكثر من اربعة أشهر. إذا كان الضرر من غياب الزوج حقيقيًا وخشيت الزوجة الفتنة يجب عليها طلب الطلاق، وهنالك كثير من الزوجات يستطعن الصبر على غياب أزواجهن ويكتفين بالتواصل معهم بالهاتف في فترة الغياب، وعمومًا هذا الموضوع الحكم فيه متروك للزوجة. رأي علم الأجتماع .. وضعنا تلك النماذج على طاولة الباحثة الاجتماعية الأستاذة بدرية الأمين والتي أفادتنا بقولها: الفطرة الطبيعة التي فطر الله عليها الإنسان سواء رجلاً كان أو امرأة هي الحالة الطبيعية للعيش في أجواء أسرية في اسرة مكونة من الام والأب والأبناء، ولكن هنالك ظروفًا تطرأ على هذه المنظومة الاجتماعية تتمثل في غياب أحد الأطراف الأساسية الأم أو الأب وعندما يكون الغياب بالوفاة مثلاً يستطيع الأبناء والزوجة التأقلم مع هذا الوضع والعيش بصورة جيدة، ولكن عندما يكون الغياب مرتبطًا بعوامل أخرى كالتهرب من المسؤولية أو التفكك الأسري أو كثرة المشغوليات خارج المنزل هنا تكمن المشكلة. هنالك بعض النساء يستطعن أن يوفقن حياتهن في حالة غياب الزوج وبعضهن قد تصل درجة عدم احتمالهن لحالة من الانحراف. لذا على المجتمع أن يتفهم سايكلوجية المرأة وحاجتها الدائمة لوجود رجل في حياتها كشيء طبيعي وديننا الحنيف لم يترك هذا الموضوع وحدد مدة الغياب باربعة أشهر وبعده للزوجة مطلق الحرية في طلب الطلاق أو الاستمرارية اذا كان هنالك تواصل بينهم.