اندلعت أمس الأول نيران حريق هائل التهم مكاتب الحسابات والشؤون الإدارية والأراضي بوزارة الاستثمار في حوالى الساعة الخامسة عصرًا أو ما يزيد عنها بقليل وأتت التفاصيل عن أسباب اندلاع الحريق أنه تماس كهربائي، وهو بالطبع أول شيء يتبادر إلى أذهان المسؤولين قبل البحث والتقصي عن أسباب الحريق، وهل هنالك شبهة جنائية أم لا؟ وأتى الحريق في توقيت غريب للغاية أي بعد نهاية الدوام وخروج الموظفين مما يدعو إلى طرح عدة تساؤلات والجميع يعلم حجم المشكلات التي خلفها النزاع حول ملكية الأراضي الاستثمارية بين الأهالي والجهات المستثمرة والتلاعب في الأراضي بيعًا وشراء بأوراق مزيفة وإدارة ملف الأراضي الاسثمارية بعيدًا عن الأسس السليمة عبر (مافيا) الأراضي وبقية المكاتب لا تقل أهميتها من حيث إنها تضم ملفات ومعلومات قيمة لها أهميتها في العمل ونخشى أن يكون الحريق تم بفعل فاعل لتغطية فساد أو عمليات مشبوهة تمت ممارستها ويُخشى أن تظهر إلى العلن، وأتى الحريق ليقضي على كل الإثباتات والدلائل وحتى لا يُكتشف أمر مرتكبيها، واتجهت الوزارة في اليوم التالي للحريق لوضع تحوطات لتفادي تكرار حدوث أي حريق قادم ولكن هل توضع تلك الاحتياطات قبل أم بعد الحريق؟ ومن المعلوم أن كل المؤسسات والهيئات الحكومية في العالم بأسره تمتلك أنظمة سلامة وإنذار مبكر للحرائق ولكن يبدو أننا حتى في مثل هذا الأمر البدهي لم نصل لمستواه لنضعه ضمن أولى اهتماماتنا، شيء آخر لماذ لا تُحفظ تلك الملفات المهمة أو حال كانت غير ذلك إلكترونيًا؟ وأين وزارة الاستثمار من الحكومة الإلكترونية؟ وهل يُعقل أن تفقد أهم وزارة في القطاع الاقتصادي الملفات والمعلومات عن الاستثمار في وقت هي أحوج ما تكون فيه لكل ملفاتها وخططها القديمة والجديدة معًا للدفع بالعملية الاستثمارية في البلاد كافة، في وقت نشهد فيه كثيرًا من الدول تحاول أن تلج أبواب السودان للاستثمار فيه؟ وماذا عن الجهود التي بذلها المسؤولون في الوزارة سابقًا بشأن الأرشفة والاهتمام بكل التفاصيل الكبيرة والصغيرة للمشروعات الاستثمارية والأراضي وغيرها من المعلومات التي كانت ستمثل حجرًا رئيسيًا في مشروعات قادمة؟ وكيف تستطيع الوزارة الحصول على تلك المعلومات المفقودة في المستقبل إذا لم تكن محفوظة إلا في تلك الفايلات والملفات الورقية التي قضت عليها النيران التي كان للدفاع المدني السبق في القضاء عليها، وإلا كانت ألسنة النيران ستمتد إلى مكاتب أخرى في الوزارة، وربما قضت عليها بالكامل (لنقول كانت هنا وزارة الاستثمار)، وسنظل في حالة ترقب وانتظار لما ستسفر عنه لجنة التحقيق التي كُوِّنت للتقصي حول الأسباب التي أدت إلى تلف عدد من الكرفانات بمبنى وزارة الاستثمار عسى ولعل أن تشفي نتيجة التحقيقات ظمأنا لمعرفة أسباب الحريق.