في منزل نجوى خمسة ايادٍ عامله تكسب رزقها من مختلف انواع الوظائف، في جلسة شاي المغرب تدور أحاديث عن العمل، كل واحد يبث همومه للآخر، الام نجوى معلمة في مدرسة اساس وابنتاها تعملان في وظائف حكومية وزوجها يعمل في شركة خاصة وابنها البكر يعمل في شركة هندسية... من بين دخان الشاي تتطاير الاحتجاجات، الأم تشكو من كثرة كلام زميلاتها في المدرسة ومناكفتها لأخذ مزيد من الحصص اسوة بهنَّ رغم انها امضت اكثر من «30» سنة في سلك التعليم، ولكنها المكايدات! ابنتاها دومًا في حالة شكوى من ضيق ذات اليد، فالراتب لا يكفي الاحتياجات الاساسية لأنه لا يتجاوز «400» جنيه اضافة الى استيضاحات المدير والتنقلات داخل المصلحة، الاب دومًا ساهِم ويفكر في هاجس فقدان الوظيفة لأن الكوادر الجديدة ترغب في ازاحته لأنه ليس مودرن ويفكر كيف يكون المدير راضيًا عنه فيهز رأسه بحسرة من حين لآخر! الابن الباشمهندس يخشى ايضًا فقدان وظيفته لأن الغالبية ترغب في ازاحته لأنه ليس من جماعة ابن المدير القابض رغم انه كفؤ فتجده في حالة بحث عن المعلومة عبر الهاتف لمعرفة ان كان رفد ام مازال يعمل؟ نموذج نجوى هو في كل بيت سوداني مما جعل البيت الكبير يطرح السؤال الملح هل انت راض عن وظيفتك او عملك؟ تقول «ح» صحافية عن مهنة المتاعب انها وصلت لحد الانهيار من عدم الرضا لأنها تعمل هناك لمدة «20» عامًا ولا تملك من متاع الدنيا الا خشاشها ولاشيء تؤمِّن به مستقبلها، وترى ان حالة التوتر اليومية بسبب مناكفات العمل تجعلها ترجع إلى منزلها ساخطة وعروقها جافة! تخلع نورا «المحاسبة» في شركة خاصة نظارتها وتتوقف عن النظر للأوراق امامها وتقول: اعمل هنا منذ «10» اعوام وأُصبت بضعف النظر جراء عملي حتى الساعة الرابعة دون جدوى، لا املك مدخرات حتى اضطر الى الاستدانة في الاعياد لأن الحافز لا يصرف منذ خمس سنوات بسبب ترتيبات في الشركة عن اي رضى نتحدث انا اطلب السترة فقط! يستقل المواصلات العامة ويصل في حالة محزنة ليسرع الى صفه في مدرسة خاصة فيتجول من صف لآخر حتى نهاية اليوم، يقول معز استاذ رياضيات: اجلس نهاية اليوم يدي مغبرة بالطبشور وارنو نحو خيالات الطلاب بعيون مرهقة تتمنى ان يصبح الغد في مكان جديد. تضع سماعة طبيبة حول عنقها وتحتسي الشاي فضحكت هي وزميلها من السؤال طويلاً على اساس «شر البلية مايضحك» لأن حال اطباء الامتياز ونواب الاختصاصي تعرفه وسائل الاعلام التي تنشر احتجاجاتهم فهل يحتاج هذا السؤال لإجابة؟ في ردهة شركة خاصة تجولت اذن الصحفي على احاديث الغبن بين الزملاء هناك حول الراتب الذي تأخر هذا الشهر ايضًا والعلاوة التي لا تصرف بالتساوي بل بمبدأ الخيار والفقوس الذي انشأته الشلليات التي تخشاها بقية المجموعة العاملة في المصلحة رغم انهم الاكثر عددًا! وعلميًا خضع مفهوم الرضا الوظيفي لرؤى فكرية عديدة مستمدة من التطورات في العوامل البيئية الخاصة به والمجسدة له، ولهذا تباينت أفكار الباحثين حيال صياغة تعريف محدد للرضا الوظيفي، ويعود هذا التباين إلى تعرض بعض المهتمين به وفقًا لطبيعة تخصصاتهم 2 ومن هذه التعاريف: - تعريف طلعت إبراهيم لطفي: «الرضا الوظيفي هو مجموعة المشاعر الوجدانية الإيجابية التي يشعر بها الفرد تجاه عمله أو وظيفته، والتي تعبر عن مدى الإشباع الذي يحققه العمل بالنسبة للفرد «3». - تعريف فروم: «الرضا الوظيفي اتجاه إيجابي من الفرد إلى عمله الذي يمارسه «4». - تعريف ستون: «الرضا الوظيفي هو الحالة التي يتكامل فيها الفرد مع وظيفته وعمله ويصبح إنسانًا تستغرقه الوظيفة، ويتفاعل معها من خلال طموحه الوظيفي ورغبته في النمو والتقدم وتحقيق أهدافه الاجتماعية من خلالها» «5». - تعريف مركز البحوث بجامعة ميتشجان: «الرضا الوظيفي هو ذلك الارتياح الذي يستخلصه العامل من الأوجه المختلفة لانتمائه للمشروع» «1». - تعريف WILLIAM.Jوآخرين: «الرضا الوظيفي هو الفرق بين ما ينتظره الفرد من عمله وبين الشيء الذي يجده فعلاً «2». يلاحظ من عينة التعاريف السابقة تأكيد على ما جاء في مقدمتي الفصل والمطلب؛ حيث اختلف الكتاب في تحديد الرضا الوظيفي، لأن البعض يعرفه من منطلق أنه إشباع لحاجات الفرد المتوقعة من الوظيفة، ويعرفه البعض الآخر على أنه استجابة العوامل العاطفية نحو عمله، كما يعرف بموقف العامل من عمله. وفي ظل ما سبق يمكن تعريف الرضا الوظيفي بأنه: «رد فعل شعوري «الاستجابة» للفرد بمقدار ما تشبعه مكانته المادية والاجتماعية من خلال انتمائه للمنظمة حسب توقعه وطبيعة شخصيته».