بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ * وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» سورة المائدة. على كل شخص مسلم أراد تناول أمر الحكم في الإسلام مشرعاً كان أودارساً أومحدثًا عليه التوقف عند سورة المائدة ... هي سورة من تأمل فيها وجد من الخصائص ما يتعجب له من عظمة كلام الله سبحانه وتعالى ففيها المباح والمحرم من الطعام وفيها المباح والمحرم في الكعبة وفيها تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وفيها الولاء لله ورسوله والمؤمنين وفيها البراءة من المشركين وفيها الكثير من الحدود والعقوبات وفيها آية إكمال الدين وإتمام النعمة وارتضاء المولى عزوجل لنا الإسلام دينًا في قوله سبحانه «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» والمراد بذلك اكتمال الدين بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة والأصول والفروع وإقراره وإظهاره وإتمام تشريعاته وأحكامه. كنت من الذين منّ الله عليهم بحضور الجلسات التحضيرية لوضع الدستور الإسلامي السوداني وهي نعمة أشكر الله عليها كثيراً، ومِن نعم الله عليّ الجلوس إلى نفر من عُلماء السودان، وهم ... رجال يستمعون إليك كأنك عالم يداعبونك ويشكرونك كأنك صديق لهم، سرائرهم نقية وعقولهم نائرة لا همّ لهم إلا الإسلام وأهل الإسلام إذا غضب أحدهم غضب للهِ وفي الله وإذا خاصم خاصم في الله ... منهم الشيخ الكبير الجليل والشاب المهذب الوقور ... سهروا الليالى وصبروا الشهور.. تناوشتهم سهام السفهاء ورماح الجاهلين وأقلام الحاقدين فلم تلن قناتهم ولم تضعف عزائمهم لأن الإيمان قد ملأ قلوبهم وخالط لحمهم ودمهم فلم يبق فيهم لغير الله شيء ...وكان شّعارهم والله لو وضعوا الشّمس بيميننا والقمر بِيسارنا ما تركنا هذا الأمر، فقد واجهوا التحديات بالإيمان والعلم ، والصبر والتفكير الناضج والعمل الجماعي، فقد شارك في هذا العمل كل أهل الإسلام الغيورين على دينهم بكل ألوانهم السياسية وكل الجماعات والهيئات والتنظيمات والطرق الإسلامية. طال العهد بيني وبين أولئك الرجال لكنني كنت أتابع أخبارهم ... وعلمت قبل فترة أنهم قاموا بتوزيع نسخ من ذلك العمل على عدد من العلماء وأهل القانون والاقتصاد وأهل الحُكم داخل وخارج السودان لإبداء ملاحظاتهم على الدستور، إنها خطوة تدل على وعي كبير وبعد في النظر وتواضع لا يتأتّى إلا لأهل العلم. وليعلم الجميع!!! أن هنالك طريقين لا ثالث لهما فإما أن تكون مع هذا الدستور أو ضده.. فكيف بك تقول إنني مسلم لكنني لا أقبل أن أحاكم بأحكام الإسلام ؟! وبعد كل ذلك فها هو المشروع الضخم يخرج إليكم أهل السودان...