المتمردون يذبحون جزارًا ويكوِّمونه على تربيزته.. وتدمير سوق أبو كرشولا..تأكيدات بمشاركة الدينكا في الهجوم على أبو كرشولا أم روابةالرهد الأبيض: محمد أحمد الكباشي في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي ومنذ الصباح الباكر كانت شبكات الاتصالات مثقلة بطيئة وظلت المحاولات معها عابثة كي تخترق مجالات أم روابة وأبو كرشولا والرهد للإجابة عن التساؤلات الملحة ماذا هناك؟ عندها كان أوباش الجبهة الثورية وفلول الحركة الشعبية يطلقون نيرانهم الحاقدة على صدور شيوخ عزل ونساء حُمّل وأطفال رضَّع استيقظوا لتوّهم لتناول كوب الشاي ولعلها آلة الحرب التي لا ترحم ولا تفرق بين هذا وذاك حينما تاهت أجندة الجبهة الثورية الموغلة في الحقد والعنصرية تقتل وترهب وتشرد بأبشع ما تكون هذه الصفات وتفضي أحداثها القميئة إلى مسرح مفتوح من القصص والروايات المؤلمة يفوق كثير منها تصور البشر... وما بين الرهدوأم روابة والأبيض والله كريم وقفت «الإنتباهة» على تفاصيل بعض ما جرى يرويها هاربون من جحيم المعركة والدموع كانت حاضرة المشهد للراوي والمستمع معًا ولا أشك أن يختلف ذات الموقف لديك عزيزي القارئ. النازحون في أم روابة في مدرسة خديجة بنت خويلد الأساسية بأم روابة تسابق المواطنون يعملون كخلية نحل وزعت المهام لخدمة العائدين من أبو كرشولا ولأنها أصالة الشعب السوداني في إكرام الضيف وأي ضيف مثل هؤلاء الذين اتخذوا مراقدهم تحت أشجار النيم على فرشات بلاستيكية يتوسدون شنطًا إن وجدت وإلا فالأحذية ولا شيء غير ذلك جلست إلى خديجة عثمان وحولها أطفالها، قالت: صحوت مبكرًا كالعادة وبعد أن أديت الصلاة شرعت في إعداد الشاي ولكن بدأت أسمع دوي الانفجارات وتأكد لنا ما سمعناه قبل فترة بدخول المتمردين إلى أبوكرشولا وحاولنا الخروج لكن كثافة الضرب جعلتنا نفكر في كيفية الخروج ومن ثم تسللنا عبر الجنائن ومنها إلى خور الفيض حتى وصلنا منطقة الحجير وبعد ذلك تحركنا إلى مدينة أم روابة الذين وقفوا معنا منذ البداية وما زالوا يقدمون لنا الخدمات ونجد كل الاهتمام والرعاية. عريف ينجو بأعجوبة ورواية أخرى أشبه بتفاصيل فلم أجنبي بطلها وكيل عريف شرطة الريح فضل الذي كان يسد ثغرة بمباني القضائية بأم روابة التي لم تمر عليها سوى أيام من تدشينها، يقول: كنت في الخدمة صباح ذاك اليوم وفجأة لاحظت سيارات العدو وقد صوَّبت أسلحتها نحو المبنى وأخذت تطلق النار بكثافة تساقط على إثرها الزجاج وكنت في الطابق العلوي لم يشاهدوني لوجود الزجاج المظلل بادلتهم إطلاق النار لم يتبق لي سوى ثلاث طلقات، توقفت عن الضرب بعد لحظات غادروا المكان باعتبار أنهم قد قضوا عليَّ. الشائعات سلاح الجبناء. من المعلوم أن الأحداث دائمًا ما تظل أرضية خصبة للشائعات التي يروج لها كثيرون وخلال الثلاث ساعات التي قضاها المتمردون داخل أم روابة تكررت الشائعات هناك، وينفي معتمد أم روابة الشريف الفاضل بشدة ما أُثير حول خروجه من المنطقة، وعلى لسان حرسه الشخصي مجاهد أحمد عبد الله الذي قال: كنت موجودًا بمنزل المعتمد قبل وعند الساعة السادسة ونصف صباحًا ذهبت مع المعتمد إلى موقع الشرطة الشعبية لعقد اجتماع تنويري وقبل وصولنا إلى هناك علمنا أن المتمردين في طريقهم إلى السميح، تركتُ المعتمد بالشرطة الشعبية حسب توجيهاته لإخفاء العربة بعد أن علمنا أنها مرصودة، وكان معي السائق وفي الطريق قابلتنا سيارات العدو فأطلقوا علينا النار وتوجهنا نحو مباني السجون وعندها تركنا العربة التي تعرضت لإطلاق نار كثيف أدى إلى اختراق الماكينة واللساتك بعدها دخلنا إلى مسجد، ويقول محمد عبد الرحمن «من مراسم المعتمد» شاهدت نحو ست عربات مدججة بالأسلحة وعلي ظهر كل منها ما بين «4» إلى ستة متمردين وبسرعة جنونية اقتحمت إحدى هذه السيارات منزل المعتمد، كنت بالحوش صرخ في وجهي أحدهم وقال لي ثابت انت المنطقة دي شنو قلت ليهو مدرسة، يعني انت استاذ، قلت أيوا قال وين التلاميذ، قلت اليوم السبت عطلة عندها توجهوا إلى داخل الغرف وأطلقوا النيران ونهبوا الأموال والموبايلات ثم واصلوا مسيرهم إلى السوق وفيه نهبوا وسرقوا وأرهبوا الناس. مجردون من الإنسانية ولا يزال كثيرون يحاولون التسلل لواذًا من داخل أبو كرشولا بعد أن أصبحت جحيمًا لا يُطاق والموت أصبح قريبًا ممن بقوا، ويقول مسعود عثمان أحمد «مزارع»: خرجت من هناك بعد ثلاثة أيام قضيتها شاهدت خلالها ممارسات يقوم المتمردون لا أستطيع أن أصفها فهؤلاء مجردون تمامًا من الإنسانية وليس لديهم قضية إنما هي أحقاد دفينة في صدورهم وتعرضت للابتزاز والإهانة مثلي مثل الكثيرين ويضيف: السوق أصبح خرابات. لم يتركوا شيئًا. هناك قرى موالية لهم نعرفها تمامًا نقلوا إليها كل المنهوبات من الأموال والعفش والبهائم، خرجت من أبو كرشولا الساعة الثانية صباحًا وشاهدتهم يغطون في نوم عميق وقد تلوت عليهم قوله تعالى: «وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا.. إلخ» ويواصل مسعود قائلاً قطعت مسافة «40» كيلو مشيًا على الأقدام كما عانينا من العطش والجوع، كل همي أن أنجو بجلدي وأخيرًا وصلت إلى أم روابة مثال التضحية وخلال تجوالنا داخل أم روابة بدأت الحياة تسير بصورة طبيعية خاصة بعد عودة التيار الكهربائي رغم آثار الدمار التي ما زالت ماثلة ضمنها العمليات التخريبية التي أعقبت اعتداء المتمردين حيث تعرض مبنى شرطة المرور لحرق شامل ولم تسلم سيارات مواطنين موجودة بالمبنى فيما تم حرق أثاثات مبنى المؤتمر الوطني ومكاتب الأراضي الأمر الذي اعتبره معتمد أم روابة الشريف الفاضل بالتخطيط الدقيق في إشارة منه لاختيار المواقع التي قال إنها كانت ستُحدث نقلة للمستفيدين منها متهمًا من وصفهم بالطابور الخامس وأعوان الجبهة الثورية بالداخل بعمليات التخريب، وقال: تعاملنا مع الهجوم بتقديرات معينة للخروج بأقل الخسائر وهذا ما حدث حيث لم نبادل المعتدين النار داخل المدينة حتى لا نحدث خسائر وسط مواطنينا وكنا نعلم أنهم لن يصمدوا كثيرًا وقطع المعتمد بعدم وجود نازحين من أم روابة إلا أنه أكد أن النازحين إليها بلغ عددهم نحو «500» تم إيواؤهم بالمدارس وتقدم لهم كل الخدمات المطلوبة وفي موقع محطة كهرباء أم روابة التي كانت ضمن أهداف المعتدين قبل أن يدخلوا إلى المدينة ويقول عيسى عمر فني إن الاعتداء الذي تعرضت له الكهرباء يدل على عقلية المعتدين الذين قتلوا حمار خفير الموقع أمام عينيه محاولين إرهابه في عملية لا تمت للإنسانية بشيء وهو سلوك لم نسمع به من قبل كما أطلقوا القاذفات على المحول مما أدى إلى اشتعال النار عليه إلا أنه تمت عملية الإطفاء، وأضاف: لقد كان لزيارة الوزير أسامة عبد الله للموقع مرتين وقع كبير في نفوس المواطنين والعاملين هناك وفي زمن وجيز لم يستغرق «48» ساعة وبهمة ونشاط المهندسين والعاملين عادت الكهرباء، ولا بد أن نثمِّن دور المهندس جعفر البشير مدير شركة الكهرباء والمهندس يوسف حمزة والمهندس محمد توم. أطفال يصرخون «الرهد أبو دكنة مسكين الما سكنا» مقولة ألقت بنحو عشرين ألفًا من مواطني أبو كرشولا ليسكنوها ولكنهم مجبرون بعد أن شردت اعتداءات الجبهة الثورية ومن شايعها من الطابور الخامس وأي سكنة كالتي شاهدناها بمدارس الرهد وأشجار النيم يلتف حول الواحدة منها أكثر من مائة من الأطفال والنساء يبحثون عن ظل يقيهم أشعة الشمس الحارقة وسط صرخات هنا وهناك من أطفال لا تتعدى أعمارهم شهورًا وشباب الرهد لا تفتر عزيمتهم في تقديم الخدمات وتوفير الغذاء والفرشات والأواني المنزلية إلى جانب الموقف الرسمي من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية وديوان الزكاة والطلاب والمرأة والغرفة التجارية بالرهد فضلاً عن القوافل التي انتظمت المنطقة من كل الولايات والمؤسسات الأمر الذي جعل مدير ديوان الزكاة بمحلية الرهد صلاح أحمد جمعة يؤكد ل«الإنتباهة» أن ما وصلهم من مواد غذائية يكفي لمدة شهر مشيدًا بوقفة أبناء الرهد الدينكا موجودون وليس بعيدًا عن مباني ديوان الزكاة كان موقف من يجتر ذكريات قال إنها أشبه بالخيال ولم يكن يتصور أن من بين المعتدين أشخاصًا يعرفهم بل كانت ثقته فيهم لا تحدها حدود هكذا يروي الأستاذ كمبال العبيد مدير ديوان الزكاة بالوحدة الإدارية رشاد الذي سرد ل«الإنتباهة» تفاصيل الاعتداء حيث وصف الاعتداء بأنه عبارة عن عملية انتقامية وتصفية عنصرية أراد عبد العزيز الحلو الانتقام من كل الذين خالفوه الرأي بعدم التصويت له في الانتخابات الأخيرة، وقال: كنت أجهز لزواج شيقيقي والذي كان من المفترض أن يتم اليوم «الخميس الماضي» وعند بداية الهجوم حاولت إنقاذ أسرتي وبالفعل تحرك أخي ونقلهم جميعًا بسيارتي وبقيت هناك طوال يومين لم أتذوق النوم أو الأكل وأنا داخل المنزل أسمع تحركات المتمردين وأشاهدهم ولاحظت أن من بينهم مجموعات من الدينكا، ويضيف كنت جاهزًا بسلاحي بأن لا أتردد في إطلاق النار عليهم إن هم حاولوا اقتحام منزلي ونسبة إلى أن الموبايل لم تكن به كهرباء كنت أغلقه بعد أن أطمئن الاسرة بين فترة وأخرى حتى تمكنت من الخروج عبر دراجة نارية وصلت بها إلى الرهد ذبحوه وكوَّموه!! وقصة أخرى لم تخلُ من عنصر المفاجأة حيث يقول الشيخ محمد حسن يونس مكثتُ بأبو كرشولا يومين اقتحمت منزلي مجموعة من المتمردين وطلبوا مني أن أخرج فقلت لهم لن أخرج فأطقوا النار تحت أقدامي وقالوا إنهم قاصدني وإن هذا آخر يوم في حياتي وطلبوا مني أن أبعد مسافة منهم وأن أعصب عيني عندها أخذت أردد في الشهادة سألوني إن كنت أنصاريًا فأجبتهم بالقول أنا أنصاري ومؤتمر وطني وبكره الحركة الشعبية كمان بعده أخذوا في تعمير السلاح وأنا أردد الشهادة وفشلت محاولاتهم في إطلاق طلقة واحدة سألوني لابس شنو قلت لهم الإيمان بالله حاولوا ضبي بعكاز هنا تدخل أحدهم وقال ليهم الزول دا أنا بعرفو كان عندو معاي موقف قي العام «2002م» عندما كنت مريضًا بالمستشفى قدم لي مساعدات كتيرة خلوه اتخارج سريع من هنا بعدها ذهبت ووجدت الشيخ العالم محمد أبكر جثة هامدة مغطاة بالبروش أقول وأُشهد الله على حديثي هذا بأنه صحصح وأنا مسؤول عنه. وعلى لسان وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية شمال كردفان د. سلمى الطاهر تضيف إلى هذه الفصول واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها الجبهة الثورية حينما ذكرت أن جزارًا بأبو كرشولا سألوه عن مهنته فأجابهم بأنه جزار فقالوا اليوم سنفعل بك ما كنت تفعله بالحيوانات التي تذبحها فذبحوه ذبح الشاة وقطعوه ووزعوه على التربيزة التي يملكها بالجزارة على أكوام.