إن الأحاسيس والمشاعر الإنسانية من الأشياء السامية التي لا تحتمل الغش والخداع، لكن هنالك الكثيرين من يجيد التلاعب بتلك الأحاسيس دون مراعاة لأبسط مشاعر الطرف الآخر الذي وثق وآمن له، فكم من فتاة كانت ضحية لوعود كاذبة من فتاها وكم من شاب صُدم في فتاته. وخاصة في ظل الانفتاح على العالم الخارجي وسهولة وسائل الاتصال المسموعة والمرئية التي أتاحت سبل التواصل والتعارف السريع وبناء علاقات بلا معنى ولأهداف. قمنا باستطلاع وسط عدد من الفئات ليدلوا لنا بدلوهم في هذا الموضوع، وختمنا استطلاعنا برأي الاختصاصي النفسي.. كتبت: سحر بشير سالم التقينا الأستاذ عبد الكريم الضوء النور الذي قال في حديثه لنا: إن التلاعب بمشاعر الآخرين يأتي نتيجة لنقص عاطفي أوعقدة نفسية وخلل في التربية سواء للفتيات أو الفتيان فهم في دواخلهم لا يعرفون ماذا يريدون فربما كان ذلك لملء الفراغ أو للإحساس بالملل أو من باب التسلية فقط دون معرفة بخطورة ذلك الفعل. وروت لنا «س، ع» قصة واقعية حدثت مع صديقتها حيث قالت: صديقتي هذه تمتاز بأخلاق عالية وكانت على علاقة مع زميلنا بالعمل وكان الجميع يتوقع تتويج هذه العلاقة بالزواج ولكن في يوم ما تفاجأنا جميعًا بدعوة فرح كان فحواها عقد قران زميلنا «ع» بمنزله بالحي الفلاني وتمتد الأفراح لمنزل عمه «والد زوجته»! ولم نستوعب ذلك في بداية الأمر وكان الجميع في حالة ترقب وحذر لحضور زميلتنا ولكنها لم تأتِ، فقط قامت بإرسال شقيقتها بطلب إجازة سنوية وعند التحقُّق من الأمر تبيَّن لنا أنه أي زميلنا اكتفى باتصال هاتفي بيّن لها فيه بأنه حسب تقاليد وعرف العائلة مرتبط بابنة عمه منذ الصغر ويجب عليه أن يتزوجها وهو بالطبع على علم بذلك لكنه أجاد التلاعب بمشاعر تلك المسكينة. ربما يكون ذلك من الضغوط التي يعيشها الفرد الذي يتلاعب بالمشاعر هكذا ابتدر عبد الماجد فضل السيد حديثه ثم أضاف: كثيرون يحاولون التنفيس عن أنفسهم عبر العلاقات غير الهادفة مع علمهم التام بعدم جديتها فقط تكون من أجل ملئ الفراغ في حين أن الطرف الآخر يكون قد بنى آمالاً عراضًا بناء على هذه العلاقة وفي النهاية تكون النتيجة صدمة عاطفية يصعب الخلاص منها فمثل هؤلاء يكون دافعهم غالبًا الانتقام من علاقة سابقة فاشلة بسبب الغش والخداع. وكان لوائل السيد مصطفى من جامعة النيلين رأي مغاير حيث صب جام غضبه على الفتيات متهمًا إياهن بأنهن من يتلاعب بمشاعر الفتيان وأضاف: البنات لديهن مقولة شهيرة تقول «واحد للسف وواحد للف واحد للعرس» وهذا أكبر دليل على عدم جديتهن في إقامة العلاقات، ولكن الشاب عندما يدخل في علاقة عاطفية يكون على قدر كلمته ويكون صادقًا في أحاسيسه ومشاعره. ويحكي «ن، م» مغترب خارج البلاد عن قصة حدثت له حيث قال: تعرفت عليها عبر «الفيس بوك» وتوطدت علاقتي بها وقامت بإرسال عدد من الصور الشخصية لها وتطورت العلاقة بيننا حتى وصلنا مرحلة أننا أصبحنا لا نقوى على فراق بعضنا البعض وعند عودتي للسودان ذهبت إليها في مقر دراستها وعند سؤالي عنها في الجامعة تبين لي عدم مصداقية المعلومات التي أمدتني بها وامتدت رقعة البحث عنها في مكان سكنها وعبر هاتفها الجوال لكن دون جدوى وعند عودتي لصفحتها في الفيس بوك وجدت صورة لعقد قرانها مصحوبة بعدد من التهاني والأمنيات لها بحياة زوجية سعيدة، وكان بإمكاني أن أكتب تعليقًا أُبيّن فيه خداعها لي ولكني سجدت لله شاكرًا بأنه صرف عني شرها. رأي الاختصاصي النفسي الاختصاصي النفسي زكريا آدم محمد صالح أفادنا في هذا الموضوع قائلاً: الحب هو من المعاني السامية والعظيمة في حياتنا وهو تعبير حقيقي عما بدواخلنا من انفعالات سارة ومشاعر إيجابية تحمل في طياتها كل معاني التقدير والاحترام والقبول والتقبل والتضحية والوفاء والحميمية والصدق والانتماء للطرف الآخر. أما التلاعب بالمشاعر فهو واحد من الاضطرابات السلوكية التي تجعل الفرد لا يراعي ولا يقدر أحاسيس ومشاعر الطرف الآخر مع وجود درجة من السادية «التلذذ بعذاب الآخرين» تجعل الفرد لايهتم بما يسببه من أذى وألم لمشاعر الآخرين وغالبًا ما نجد الفرد في هذه الحالة يسعى لإثبات ذاته بأنه الأقدر على جذب الطرف الآخر بإقامة العلاقات المتعددة والسعي دومًا لإشباع الذات والغرائز. ونذكر من الأسباب التي تؤدي لهذه الظاهرة أولاً أسباب شخصية كضعف مكونات الشخصية وتقدير الفرد لذاته والآخرين بصورة سالبة، ثانيًا خبرات حياتية صادمة وعلاقات عاطفية مؤلمة، ثالثًا الحرمان العاطفي والسعي لإشباع مفهوم الذات الغرائزي، رابعًا أسباب اجتماعية متعلقة بمسألة التباهي في تعدد العلاقات العاطفية، رابعًا أسباب ثقافية واجتماعية متعلقة بمسألة التباهي في تعدد العلاقات العاطفية، خامسًا كثرة وسائل الاتصال «تلفون، انترنت بكل طرقه» وسهولة التلاقي، سادسًا غياب الوازع الديني وعدم ملئء وقت الفراغ بما يفيد. ونجد أن هذه العلاقات أصبحت تنتشر بين الطرفين الذكور والإناث وحتى بين المتزوجين، لذا لا بد من برنامج علاج نفسي سلوكي ومعرفي للفرد الذي يتلاعب بمشاعر الآخرين وذلك للتخلص من هذه العادة.