قالت وزارة الخارجية السودانية بأنها لم تتلق أية اتصالات بخصوص زيارة دكتور مشار نائب رئيس حكومة الجنوب إلى الخرطوم للتفاهم حول قرار الرئيس الأخير »أقفل البلف يا عوض«.. وجاء في الأخبار في نفس الوقت أن الحكومة السودانية ترحب بزيارة مشار. لكن في نهاية المطاف تبقى الزيارة ذات دلالة مهمة جداً إذا تمت، وهي أن الحركة الشعبية التي ضحت بأبناء النوبة بعد أن وضعت الحرب أوزارها ودخلت اتفاقية نيفاشا حيّز التنفيذ، يمكن أن تضحي هذه المرة بجماعة عقار والحلو وعرمان وحركات دارفور إذا كان هذا هو الثمن لاستئناف مرور النفط عبر الأراضي السودانية و»أفتح يا عوض«. إذن كيف سيكون الآن تفكير قوات قطاع الشمال وحركات دارفور إذا كان أمام حكومة جوبا خياران هما إما دعم المتمردين وإيواؤهم في أرض الجنوب والاستغناء عن أنبوب نفط السودان، وإما مطالبة المتمردين بتقدير الظروف التي يمر بها »الجنوب« وتحويلهم إلى يوغندا كما تحوّل جيش الرب اليوغندي من الجنوب »مناطق الأشولي« إلى إفريقيا الوسطى. والمهم في النهاية فإن الكاسب هو السودان. ويبقى كل من اعترض على توجيه الرئيس بإغلاق أنبوب النفط في حاجة إلى مراجعة لاعتراضه. وحتى موافقة الحكومة على مقترحات أمبيكي لحل الأزمة مع جوبا لا تعني قبول الخرطوم بدعم جوبا للتمرد. ثم أن عوض الجاز قال لا حاجة لمفاوضات، وإن ضخ النفط مرهون بتنفيذ الاتفاقيات. وطبعاً ضمن هذه الاتفاقيات معالجة تعامل جوبا مع المتمردين السودانيين فوراً. مصر ومصلحة السودان لو كانت للسودان مصلحة تأتي مما تتضرر منه مصر، فبحكم الجيرة وحسن الجوار والعلاقات الأزلية يجب أن يزهد فيها السودان ويستبدلها بغيرها. لكن إذا خُيّل لمصر أنها متضررة من تحقيق مصلحة سودانية وهذه غير حقيقية، فإن المطلوب البحث في الأمر. وحينما يقول وزير الري المصري الأسبق محمد نصر الدين علاَّم إن سد النهضة الإثيوبي يمكن أن ينهار بحكم الطبيعة هناك، فإن هذا بالطبع يعني تعذّر إقامة سدود داخل إثيوبيا، ويرى الوزير المصري السابق علاَّم أن انهياره يمكن أن يؤثر في اتجاه جريان النهر وبالتالي في حصتي السودان ومصر. والسؤال هنا إذا ثبت فنياً أن السد لن ينهار وسيكون طويل العمر مثل السد العالي الذي دمّر في السودان «24» قرية ومليوني نخلة، فهل يمكن إقامته ليستفيد السودان من تهدئة الفيضانات المدمرة وتخفيف الطمي وزيادة الطاقة الكهربائية، وتكون مصر قد وقفت مع مصلحة السودان في ما لا تتضرر منه؟!