روى بروفيسور عبد الرحمن كدوك في كتابه «المجالس السودانية» أن العم «حاج أحمد» الذي كان يقيم في إحدى محطات السكة الحديد، وتطورت بفضله المنطقة وتحولت إلى قرية كبيرة وبها عدد من المدارس ومخبز وطلمبة بنزين ومكتب بريد.. عم أحمد اختلف مع حكومة نميري في موضوع يتعلق بتوكيل سُحب منه وأُعطي لآخر... ولهذا انقلب على مايو وصار مناهضاً لها في السر والعلن.. بعد داك جا انقلاب هاشم العطا وهرول «عم أحمد» وحرر تلغرافاً سلمه إلى مكتب البريد وعنونه إلى قائد الثورة الأخ الرائد هاشم العطا وبقية الثوار الأحرار يقول فيه اضربوا الخونة بيد من حديد. سيروا وعين الله ترعاكم. سيروا ونحن من خلفكم. عاش كفاح الطبقة العاملة. ومهر التلغراف بتوقيعه وباسمه كاملاً وسلمه إلى موظف البريد، «العطاس».... وطلب منه أن يُرسل التلغراف سريعاً... وبادله العطاس التهنئة ورجع حاج أحمد الى محله الذي لا تفصله عن مكتب البريد سوى أمتار قليلة، ووجد الناس يتقاطرون على محله مهنئين بزوال نظام نميري.. في اليوم الثاني وفجأة تغيرت المارشات العسكرية... وجاء صوت المذيع ليقول »أيها المواطنون الثوار الأحرار سوف يخاطبكم الرئيس القائد جعفر نميري بعد قليل.. ولا نامت أعين الجبناء».. وقد تم القبض على كل الانقلابيين. وعم أحمد لم يصدق أذنيه وكأن الدنيا كلها وقعت على رأسه... وذهب مباشرة إلى مكتب البريد.. وقبل أن يصل المكتب بدأ يصيح بأعلى صوته يا العطاس!! يا العطاس، ما ترسِّل التلغراف! ما ترسِّل! ودخل المكتب ونفسو مقطوع: ما ترسل يا زول.. أوعى تكون رسَّلْتو؟!! والعطاس رد عليه قائلاً: والله مرقتك من عندي رسلتو. وعم أحمد رفع يديهو للسماء: «شكيتك على الله يا العطاس.. تلغراف البكاء يقعد عندك أربعة وخمسة يوم... بس تلغرافي دا ما ياخد عندك خمس دقائق.