بمناسبة مرور عامين على دولة جنوب السودان التي ظن أهلها قبل الانفصال من السودان ستتحوّل إلى «سويسرا أخرى» لأن الظلم الواقع عليها من «الشماليين» سيُرفع عنها بالاستقلال.. بهذه المناسبة فإن الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم الذي ودَّع السودان بكلمات قاسية حيث قال «السودان دولة فاسدة.. ارتحنا من وسخ الخرطوم». الآن باقان يقول في مناخ الذكرى الثانية لإقامة دولة جنوب السودان بأن الحركة الشعبية فشلت في إدارة شؤون دولة جنوب السودان وتحقيق تطلعات الشعب. ويعلم باقان تماماً حالات الفساد في دولته الجديدة. لكنه بعد أن «ارتاح من وسخ الخرطوم»، كيف سيرتاح من وسخ جوبا إذا كان معنى «الوسخ» عنده هو الفشل في إدارة الدولة والفساد؟! وبهذه المناسبة فإن نائب رئيس دولة جنوب السودان الدكتور رياك مشار قال لصحيفة القارديان البريطانية وراديو مرايا بأن الرئيس سلفا كير لم ينجح في قيادة الدولة، وكان ازدياد المشكلات القبلية تحت إدارته. وتأتي تصريحات مشار في وقت رشحت فيه أنباء عن عزل سلفا كير له من منصبه واستبداله برئيس هيئة أركان الجيش الشعبي الفريق جيمس هوث خلال 72 ساعة «ثلاثة أيام». لكن دعك من باقان ومشار فكلاهما يتحدَّث عن مشكلات بلاده لإدانة سلفا كير سياسياً... خاصة مشار الذي قيل إنه جدد حديثه عن ترشحه للرئاسة القادمة وحديثه الجديد عن دعم المرشح الذي سينافس سلفا كير إذا اقتنع بالبُعد القبلي وسيكون المرشح من قبيلة سلفا كير الدينكا المسيطرة على الجيش الشعبي. وهذا الجيش يمكن أن يهدد وجود النظام الانتخابي إذا لم تكن الانتخابات لصالح قبيلة قرنق وسلفا كير... مثلما أن الجيوش التركية والجزائرية والمصرية والإسرائيلية تبقى مهدِّدة جداً للأنظمة الديمقراطية إذا كانت النتائج الانتخابية فيها لصالح الإسلاميين. وفي جنوب السودان إذا كانت النتائج الانتخابية إذا افترضنا نزاهتها لصالح قوة سياسية لا تنتمي إلى القبيلة التي يسيطر قادتها على الجيش الشعبي فويل لها من الجيش الشعبي... قد يكون مصيرها مثل حزب الحرية والعدالة المصري أو الجبهة الإسلامية الجزائرية التي أحدث الجيش الجزائري لحقها الانتخابي عملية «إجهاض سياسي» نفذها اللواء خالد نزار. دعك من من باقان ومشار.. فإن هناك ما تسمى مجموعة أصدقاء «جنوب السودان» بالولايات المتحدةالأمريكية التي تضم المبعوث الأمريكي الخاص الأسبق للسودان روجر ونتر «وهو مستشار حكومة الحركة الشعبية في جوبا أيضاً.. وتضم مؤسس منظمة كفاية الأمريكية جون برندر قاست وعضو الكنجرس الأمريكي السابق تيد دينق والباحث في الشأن السوداني... وشأن جنوب السودان طبعاً بروفسور أريك رييفز. إن هذه المجموعة الأمريكية كأنها صادقت جنوب السودان قبل شهر أو عام واحد وفيها مستشار حكومة جوبا منذ الانفصال وهي مكونة ممن دعم الحركة الشعبية منذ أيام تمردها الأولى، فهي تتحدث عن أن عمليات عنف وراءها حكومة جوبا كانت صادمة اشتملت على الاغتصابات والاغتيالات والسرقة وتحطيم الممتلكات وتتحدَّث عن انتهاكات الحكومة في جونقلي. وتلمِّح إلى انهيار حكم الحركة الشعبية بسبب هذه المآسي فأين صداقة أصدقاء الجنوب هؤلاء؟