الدرداقة في الأصل هي من الأدوات المساعدة في عميلة البناء تُستخدم في نقل مواد البناء من طوب وحجر ولكن تستخدم هنا استخدامًا آخر غير الذي صنعت من أجله فقد أضحت تستعمل وسيلة من وسائل الترويج لجميع المستلزمات من خضروات وفاكهه وإكسسوارات النساء ولعب الأطفال والمواد التموينية تجوب أرجاء العاصمة، ومما ساعد على انتشارها عند الباعة سهولة التنقل بها من مكان لمكان وكذلك تسهل عملية الفرار عند الحملات التي تقوم بها المحليات ضد الباعة المتجولين وغير المرخص لهم العمل في السوق فعند ظهور عربات الحملة «الدفار» يستطيع البائع أن ينجو من قبضتهم بعد أن يهرب ببضاعته دون أن يجد أدنى صعوبة في تجميع حاجياته وتعطيه بعض الزمن لكي يبتعد.. «محمد آدم» وهو في الأصل كان من الذين يفترشون الأرض في الأسواق وأصبح يستعمل الدرداقة بعد أن أثبتت فعاليتها، قال: كنت في السابق أعاني الأمرين من رجال البلدية ففي كل أسبوع أخسر بضاعة إما بسبب المصادرة أو التلف بسبب عدم عرضها والخوف من أن تصادر فأنا أعمل في بيع الخضار ولكن بعد أن امتلكت درداقة تحسن وضعي كثيرًا ونادرًا ما تصادر بضاعتي أو تتلف. إسماعيل قال في إفادته: البيع بالدرداقة ليس حكرًا على شيء معين وإنما على حسب السوق وعلى حسب رأس مال البائع فيمكن أن تبيع نوعًا واحدًا من الفاكهة إذا كان رأس مالك صغيرًا ويمكن أن تعرض عدة أنواع مختلفة وكل بائع يعرض البضاعة التي يستطيع ترويجها وأغلب الباعة الذين يستخدمون الدرداقة أصحاب دخل محدود وبمجرد أن يزيد رأس ماله يترك البيع بالدرداقة. أما عيسى فله رأي آخر حيث يرى أن ميزة الدرداقة تكمن في أنها تحافظ على البضاعة نظيفة وفي مأمن من الاتساخ والغبار وخاصة الخضروات فهي تعطيه شكلاً جذابًا ويكون في مرمى نظر الناس عكس عرضه على الأرض مباشرة مما يؤدي لفقد الخضار للونه بسبب الغبار والأتربة مما يكبد التاجر خسائر فادحة. الله جابو شاب في مقتبل العمر أجبرته الظروف الأمنية التي حدثت مؤخرًا في أبوكرشولة أن ينزح إلى العاصمة تاركًا خلوته التي كان يدرس بها طلبًا لحفظ القرآن الكريم، قال: منذ وصولي إلى الخرطوم أرشدني بعض الأهل الذين يعملون في السوق إلى العمل بالدرداقة والحمد لله أموري احسن ففي كل يوم أذهب إلى السوق واستأجر درداقة بعشرة جنيهات وآخذ من التجار الكبار بعض البضاعة وأتجول لبيعها وفي نهاية اليوم أقوم بإعادة ما تبقى من بضاعة للتاجر وأعطيه ماله وآخذ نصيبي من الأرباح. أبكر قال إن البيع بالدرداقة شاق للغاية فيمكن أن أجوب الطرقات طيلة النهار دون أن أبيع شيئًا وتدخل في حسابات معقدة أما أن تقف في مكان ما وتنتظر أن يأتي إليك الزبون وفي نفس الوقت تحدثك نفسك بأن تتحرك من مكانك للبحث عن زبائن في مكان آخر لهذا تجد أغلب بائعو الدرداقة مترددين في اتخاز قراراتهم والغريب في الأمر يمكن أن تجد زبائن كثيرة في مكان لا تحسب أنك سوف تربح فيه وفي مكان آخر تظن أن بضاعتك سوف تنفد تقف بالساعات ولا تجد أحدًا يشتري منك شيئًا. قال محمد عبد الله إن الدرداقة بعد أن وجدت رواجًا كبيرًا أصبحت لها شركات تحتكرها في الأسواق وتمنع أي شخص من استعمال درداقة من خارج الشركة في السوق المعني، ولهذا معظم الذين يمتلكون درداقات يجدون مشقة في العمل عند الأسواق المخصصة ولهذا يجوبون الشوارع والطرقات بحثا عن رزقهم بعيدًا عن أيدي المحليات والبلديات. أضاف يوسف أن دخل الدرداقة ليس بالكافي، وهذا يجعل العمل بها مؤقتًا وليس عملاً دائمًا وإنما يمكن أن يجنب الشخص شر السؤال والانحراف للسرقة والأشياء الأخرى، ولكن إذا نظرنا لها من ناحية الإيفاء بمتطلبات الحياة فهي لا تكفي حيث لا يتعدى دخل البائع في اليوم الخمسين جنيهًا كأفضل ربح يحققه. ورغم التعب والجهد الذي يسيطر عليهم يظل بائعو الدرداقة في سعيهم الحثيث لرزقهم يرمون حملهم على الذي خلقهم متمسكين بعملهم متيقنين أن الأرزاق بيد الله يرضون بالقليل الحلال تاركين الكثير الحرام الذي لا يحتاج إلى مشقة ولا تعب.