ثلاثة أعوام مضت والأحباب يرحلون كلما أطل صباح، تمضي الأيام في حنايا الدهور وتبقى الذكرى والوفاء لرجال مضوا في سبيل الله. نخلد ذكراهم لأجيال قادمة، رحل الرجل التقي النقي رحل الجندي القوي. كان همه الآخرة الباقية. عمل بكل ما يبعده عن دنياه الفانية من قول وعمل. أعطى النموذج في القدوة والورع والزهد والتقوى. إنهم رجال لم يقرهم حب السلطة ولا بريقها استمسكوا بالعروة الوثقى لم يحفلوا بالمظهر بل عمدوا الى الجوهر. جاء النبأ الذي شق الدياجي في ليلة 27 يوليو 2011م بكينا ونعلم أنه لا يجدي البكاء، رحل من غير موعد، تقاطرت زمر الأتقياء والأصفياء في موكب مهيب يتقدمه السيد/ رئيس الجمهورية/ المشير/ عمر حسن أحمد البشير خله وصديقه وجمع من القادة والساسة ورجال الطرق الصوفية وأهل السودان لتشيِّعه إلى مثواه الأخير بمقابر أحمد شرفي. لم أره إلا مبتسماً كان في رقة النسيم وعذوبة الماء، تقرب من الناس شاركهم أفراحهم وأتراحهم كفل اليتامى والعجزة والمساكين ومن كانت به حاجة هرع إليه ويسرها الله على يديه. اطمأنَّ الجميع إليه نشر الفرح في قلوب أهل السودان ولكنه رحل إلى عرش الرحمن أشهد وأنا قريب منه كان يطعم الطعام ويصلي بالليل والناس نيام، رحل الزاهد المحب... إنهم يرحلون كل يوم ويتركوننا قد استحكمت بنا الأزمات وترادفت بنا الضوائق وطال ليلها. (ولئن تصبروا وتتقوا فإنه من عزم الأمور). أبدى مولانا قبل رحيله بأيام كرامات واختار مرقده بمقابر أحمد شرفي وأخبر رفقاء دربه بقرب رحيله. صارع المرض بصبر وشجاعة. عادت بي الذاكرة إلى أيام زاخرة بالوفاء للجمع المخلص من أبناء الوطن من القادة والرفاق. ونحن نخلد الذكرى وفاءً وعرفاناً كان مولانا شاعرًا لا يُشق له غبار ونظم قصيدته (الصين) عند زيارته لها في يوليو «2004م» نظم القصيدة من أربعين بيتًا أرجو أن يتسع المجال لنشرها ومطلعها الفعل سابق قولهم٭٭ لم يلههم طول الجدال لو كان شيء كاملاً ٭٭ فلها سأشهد بالكمال الصين كم كم قدمت ٭٭ باليمنى جادت والشمال قد فاض بي الشوق لها ٭٭ فمتى مني شد الرحال ولكنه رحل، كان مولانا أديباً خطاطاً ورساماً وله رسومات تشكيلية جزء منها بمنظمة الشهيد وكان بالإمكان إبراز صفاته ومحاسنة فهي كثر نسطرها بمجلداته وأطمع ليزيد رفيق دربه العميد/ يوسف عبد الفتاح وذكرياته عندما كان نائباً لوالي الخرطوم مولانا/ محمد عثمان محمد سعيد وللإخوة بولاية النيل الأزرق عندما كان والياً لها، ومنظمة الشهيد، ورفاقه اتحاد المحاسبين، والإخوة بالتكامل وأسرته وإلى الرفاق بالقوات المسلحة وأهل أم درمان وحي بيت المال. اللهم أنزله منازل الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. لواء ركن «م» الصادق محمد سالم السنهوري