وتعجز عن تصوُّر ما يحدث لأن المخطَّط يُصمِّم عقلك بحيث يعجز عن التصوُّر. ومجزرة ميدان رابعة أمس لها آفاق تذهب بعيداً خلف ذبح الآلاف. و«التنسيق» بين جيش مصر وإسرائيل.. الكلمة التي تتردد الآن.. تذهب مع الرياح لأن عقلك يعجز عن تصورها. والخطأ في فهم مجازر مصر أمس هو خطأ تسقط فيه لأنك تنطلق من الظن أن جيش مصر يعمل «لبقاء» مصر.. بينما المخطَّط الطويل الذي ظل.. لسنوات يصنع سيسي والبرادعي والآخرين.. إنما كان يعمل «لهدم» مصر. والخطأ يسقط عقلك فيه حين يتجه «باللوم» إلى جيش مصر. وجيش مصر لا يُلام لأن أمره وبعمل طويل لم يعد في يده. ومصر «جزء» قبلها كان المالكي في العراق تعود معارضته لصدام من لندن.. والمخطط يجعل المعارضة العراقية غطاء بشريًا يزحف من خلفه عسكريًا ويضرب العراق. والنسخة المصرية التي تُصنع الآن تنظر إلى مستنقع النيران الذي يتخبَّط فيه الجيش الأمريكي في العراق وحتى لا يتكرر المشهد في مصر.. يعدل الأمر بحيث يصبح جيش مصر الذي يُصنع بدقة هو ما يغوص هناك فإذا غاص الجيش المصري في حرب أهلية ضد الشعب.. ضد الإسلاميين بالذات.. انهدم الجيش الوحيد .. والأمة الوحيدة.. التي تهدِّد بقاء إسرائل والخطوات هذه تصل عند باب كيري ومخططه الآن لاقتلاع جذور المسألة الفلسطينية من جذورها. والأزياء التي تناسب كل مكان تقوم الآن بتفصيل ما يلائم الأردن الآن وما يلائم سوريا. والسودان وتركيا.. و ما يجمع كل منطقة الشرق الأوسط الآن هو «الصراع تحت الحريق» والحريق يبدو وكأن من يصنعه هو الثورات العربية. بينما الثورات العربية كان من يصنعها هو المخابرات التي تجد أن زين العابدين ومبارك قد أصبح كلاهما .. مع صالح اليمن.. عبوات قد انتهت صلاحيتها. والثورات تنشب والجماعات الإسلامية تجد أنها إن اعتزلت الثورة ضاعت البلاد. والإسلاميون يقودون الثورة، في مصر وتونس. والمخابرات التي تشعل المنطقة تعمل تحت المشهد هذا بقولها يفوز الإسلاميون.. ثم نحاصرهم .. ويفقدون ثقة الجماهير.. الجماهير التي .. مثل الأطفال.. تطلب ولا تعلم.. وتغضب وتضرب. وجهاز الأمن المصري الذي كان منيعاً ضد المخابرات ومنظمات النحل الأسود.. يصبح جزءاً من المخطَّط. والجيش والأمن يذهب وذهاب الأمن يصنع القلق الاقتصادي .. عادة في كل مكان. والفقر يصنع خراب النفوس تحت الصدام والعنف على الطعام. عندها يصبح كل أحد قابلاً للشراء. ومصر تنطلق منها الحرب الأهلية التي تبدأ الخراب الحقيقي. والسعودية تعلن بعض الجهات عنها أمس أن «السعودية هي البلد الذي يستقبل أضخم كمية من المخدرات في العالم.. والأمن السعودي الذي يكاد يُصاب بالهوس يعلم أن ما يقع تحت يده هو عادة معشار ما يتسلل ويصل إلى ضحاياه. والسعودية تُصاب بالهلع وهي تجد أن المخدرات هذه لا تذهب إلى حيث تكرع الأموال. المخدرات .. حسب ما تكتشف السلطات هناك .. تذهب لتلاميذ المدارس والنساء.. حيث الخراب الحقيقي للحاضر والمستقبل. وفي تونس تنفجر الإثنين الماضي مخدرات أخرى. الإثنين الماضي في تونس كانت هي الذكرى السابعة والخمسون لإعلان الحبيب بورقيبة إلغاء قانون الأحوال الشخصية هناك.. وإعلانه المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والميراث والزواج. ومشهورة هي قصة الزوج الذي حين يُضبط متزوجاً من اثنتين ويقدم للمحاكمة.. يحصل على البراءة حين يقول إن المرأة الثانية هي .. عشيقته. وليست زوجته. الإثنين الماضي العلمانيون في تونس يحتفلون بذكرى القانون هذا ويجعلونه شعاراً لهم. وفي سوريا تبدأ المعارك بين فصائل الجيش الحُر و... «2» كيري .. الذي يشهد نجاحاً مذهلاً لخطته لعله يُصاب بالقلق في الساعات القليلة القادمة وهو يشهد الجيش المصري يتخبَّط. والجيش المصري يجد أنه لا يستطيع أن يقتل عشرين مليونًا. ويجد أنه لا يستطيع إحياء من قتلهم .. للخروج من الورطة. ولعل كيري يجد شخصيات كثيرة من داخل وخارج مصر تهبط هناك وهي تجري. وما بين ظهر أمس الأربعاء وصباح اليوم الخميس يبدأ واحد من المشهدين إما مشهد تحول كبير تتقدم به الحكومة المصرية مرغمة وهي تجري.. أو مشهد عصابات الإخوان المسلمين وهي تبدأ الحرب. الحرب التي يعرف الإسلاميون جيداً كيف يصنعونها. وكيري يجد أنه كسر عنق مخطط الشرق الأوسط الكبير.