٭ إن علاقة مصر بالسودان هي علاقة ماضٍ وحاضر ومستقبل.. وغير مرتبطة بأنظمة حكم وألوان سياسية وتوجهات علمانية أو إسلامية أو حتى كفرانية.. فهي راسخة الأقدام قوية البنى.. وتعتمد روابط الدم والمصالح التاريخية.. فمصر تحتاج إلى السودان والسودان يحتاج إلى مصر وهما كالجسم الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء.. وكانت هذه المقدمة ضرورية لكي أدلف إلى الموضوع مباشرة، وذلك لأنه لمصلحة البلدين والشعبين الحاضرة والمستقبلية.. ولا بد أن يكون هناك تفاهم وتبادل للرأي، فالسياسة مصالح ولا بد من وضعها في الاعتبار عند الحديث عن العلاقات وغيرها.. فمصر لها مصالح عميقة في السودان ولا تستطيع أية قوى مهما أوتيت من أدوات القوة ان تستغني عن ذلك وكذا السودان. ٭ لقد حزن السودان كله عندما شاهد على شاشات التلفاز ذلك الحريق الهائل الذي اجتاح الشارع السياسي المصري، وجرى تقتيل الإخوان المسلمين الذين جاءوا إلى الحكم بإرادة الشعب ووفق ما أفرزته ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م.. وهال شعوب وحكومات العالم التعامل الوحشي الذي جرى لأفراد أصيلين من إخواننا في مصر بسبب الخلافات السياسية، وكانت الأمور تجري كلها على السطح ما عدا الانقلاب على الشرعية بالطريقة الدرامية التي جرت بها، وما أعقب ذلك من إقصاء كامل لشعبة من شعب أبناء من السلطة وتولية عصبة أخرى كانت تخالفها الرأي ليس في كيفية إدارة البلاد وحسب، بل في النظام الذي آمنت به تلك العصبة ووافقتها جموع تشكل أغلبية شعب مصر بالداخل والخارج. ٭ وإن وجد هذا النوع من المعارضين فإن بلادنا تقيد حركتهم وتحكمهم بما تحكم عليها ضرورات العلاقات الأزلية بين البلدين.. ولكننا لاحظنا وعبر حقب عديدة أن مصر وعبر مختلف الأنظمة والحكومات تفتح أذرعها لمن يعمل على هدم أواصر تلك العلاقات التاريخية.. وبل وتعينهم على تدمير بلادهم عبر ما يجدونه من دعومات مالية وعسكرية لإضعاف الحكومات السودانية على مر التاريخ.. ومصر احتضنت ما يسمى التجمع الديمقراطي ووفرت له السكن والأمن والتمويل اللازم والمساعدات اللوجستية.. وهذا بالطبع يقع في مستوى العلاقات بين البلدين.. ونحن نعلم أن ما تسمى الجبهة الثورية وعناصرها المعروفة بعد أن تشدد الحصار عليها من جنوب السودان بدأت تتسلل إلى القاهرة ولندن، وهذا لا يصب في مصلحة العلاقات، وذلك لأن بوسع السودان أيضاً استضافة عناصر خارجة على النظم المصرية معاملةً بالمثل، ومعلوم أن مصر لا تحتمل أي قدر من مثل هذه الأعمال.. وإذا حدث ولجأ بعض المعارضين لنظام الحكم الراهن فإنهم سوف يقيمون الدنيا ولا يقعدونها.. ورغم أن السودان يتعامل مع اللاجئين السياسيين وفق القواعد والقوانين الدولية لأن اللاجئ لا يحق له القيام بأعمال عدائية ضد بلده.. والقانون الدولي في هذا الصدد واضح جداً، وعلى الحكومة السودانية تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل، لأن بلادنا تأذت كثيراً من سلوكيات بعض الدول التي تحاول أن تتعالى علينا وتعتبرنا دولة درجة ثالثة.