لم تمض أيام ولم تجف الدموع منذ وقوع الحادث المأساوي الذي حصد أرواح «20» مواطناً و«15» مصاباً بمنطقة العالياب كأسرة واحدة بولاية نهر النيل، يأبى طريق التحدي أو طريق الموت بعد أن انتقلت له هذه الصفة وتسلم رايتها من طريق الخرطوم مدني بورتسودان، يرفض طريق التحدي، إلا أن يكرر ذات المأساة ويجدد الأحزان لعشرات الأسر ويحول صيوانات الأفراح إلى مآتم. فقد تحركت حافلة ركاب من منطقة «قَدَوْ» بمحلية شندي قاصدة الخرطوم للمشاركة في مناسبة اجتماعية يقودها الشاب محمد بلة مالك، وتتقارب العلاقة بين ركاب الحافلة بين والدة وأبنائها وأبناء عمومة وأشقاء أو هكذا تبدو، عندها بدأت الحافلة في التحرك من منطقة «قَدَوْ» حوالي السابعة والنصف صباح الخميس الماضي، لا شيء يعكر صفو الرحلة على طول ثمانين كيلو متراً، فقد استغرق عدد من الركاب في نوم عميق، ولم يدر بعضهم أنها ستكون الأخيرة، فيما كان بعضهم منهمكين مع قيادة السائق ومراقبة الطريق الذي تكتظ به حركة الشاحنات جيئة وذهاباً، في حين كان القدر يسطر لواقع آخر، وما هي إلا ثوانٍ حتى تحول ذاك المشهد إلى أنَّات وصراخ ودماء عندما اصطدمت الحافلة بشاحنة كبيرة كانت تسير في الاتجاه المعاكس، وتحولت الحافلة إلى كتلة من الحديد نتج عنها أحد عشر فقيداً في مقدمتهم نفيسة بابكر المجذوب وإبناها حمزة وأبو ذر الزبير، حيث كان الأخير مقبلاً على الزواج، وابن عمهم بكري بشير حمد الذي كان على أعتاب التخرج في جامعة أم درمان الإسلامية والحاجة المقام الزين عثمان والشاب عمار حسن طيفور ومحمد عبد الرازق الذي كان مهيأ لاستقبال مولوده الأول والسيدة فاطمة محمد عبد الله ربة منزل والشاب بلة دفع الله الزين وعبد الحفيظ هاشم إضافة إلى كمساري الحافلة. وخلَّف الحادث عدداً من المصابين تم إسعافهم إلى شندي والخرطوم.. ولاحقًا وصل عدد المتوفين في الحادث إلى «12» شخصًا برحيل المواطن إبراهيم محمد عثمان أمس بمستشفى الخرطوم.. وانتقد مواطنو قرية «قدو» موقف الهيئة الشعبية لتطوير محليَّة شندي تجاه الحادث والموقف الرسمي للولاية، وأشادوا بوقفة معتمد محلية شندي الأستاذ حسن الحويج والتي وصفوها بالمشرِّفة. وأوضح معتمد محلية شندي حسن عمر الحويج أنَّ الحادث وقع بين حافلة ركاب تحركت من منطقة «قدَوْ» متجهة إلى الخرطوم للمشاركة في مناسبة اجتماعية، مشيراً إلى أن الحادث وقع جنوب نقطة تفتيش العواتيب بالقرب من منطقة بانقا، عندما اصطدمت الحافلة بشاحنة كبيرة بسبب التخطي والسرعة الزائدة. وبدوره، ناشد مدير شرطة المرور السريع بولاية نهر النيل العقيد ماجد أحمد، مستخدمي الطريق، بالتقيد بسرعة السير المحددة، وكان والي الولاية الفريق الركن الهادي عبد الله والأستاذ كمال الدين إبراهيم وزير التربية والتعليم وعدد من القيادات ومواطنو المناطق المجاورة، قد قدموا واجب العزاء في الشهداء متمنين للمصابين عاجل الشفاء.