«مؤامرة تقسيم السودان» هذا عنوان كتابي الجديد الذي تتولى شركة سوداني طباعته كمساهمة منها لمساعدة نشر الكتاب .. وقد أعلنت الشركة ذلك خلال تكريمها لشخصي في رمضان عقب عودة وفد اتحاد الصحافيين من دبلن بعد المؤتمر العام للاتحاد الدولي للصحافيين الذي يضم مائة ستة وستين بلداً حول العالم، وستمائة ألف عضو مجمل عضوية تلك الاتحادات .. والكتاب عبارة عن معالجات لقضايا بالسودان والحروب المثارة في جنوبه وغربه وشرقه.. وكذا الحروب في كردفان والنيل الأزرق .. وهذه الأماكن هي بالضبط المناطق التي أعلنت عام 1922م مناطق مقفولة لا يحق للسودانيين باستثناء موظفي الدولة دخولها. لقد حدد المحتلون لبلادنا عام 1998م هذه المناطق بالاسم والرسم والوصف «حسب ما ورد في القرار الذي أصدره السير لي إستاك حاكم السودان آنذاك .. وظلت تلك المناطق بانتظار دورها في الانفجار» بمعاونة الذين وضعوا ذلك المخطط الشيطاني بفصل الجنوب وبناء حاجز طبيعي يحول دون انتشار الإسلام في إفريقيا جنوب الصحراء، وقد أفلحوا في عزل الجنوب والقيام بعمليات التبشير والتنصير طوال النصف الأول من القرن العشرين، والدليل على ذلك ظهور التمرد والحرب على الشماليين منذ أول يوم نال فيه السودان الاستقلال من خلال التمرد الأول «أنانيا الأولى» ثم الثانية ثم الحركة الشعبية. ولما اقتضت إرادة أهل السودان وقف الحرب والدخول في إطار السلام تم تفجير دارفور، وبدأت بحركة عبد الواحد باسم الحركة الشعبية لتحرير دارفور، ثم تبديل الاسم بالسودان بديلاً لدارفور، وقد بذلت الحكومات التي تعاقبت على السودان جهوداً كبيرة لحسم التمرد، ولكن مهما قمنا برش السنة النيران بالمياه فإن الحريق لن يتوقف ما لم تنطفئ النيران من جذورها.. ولذا كان استمرار الحرب في دارفور، واستمر الحريق لأن مفاتيحه عند الذي رسم الخريطة وأمد التمرد بالتدريب والتحريض والتمويل.. وشمل جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق كما شمل أجزاءً من «مديرية كسلا!!» وهي حرب الشرق.. وعندما نقرأ تفاصيل قانون المناطق المقفولة حقيقة نجد أن المخطط يتم تنفيذه بدقة متناهية حتى ذلك الجزء من الشمالية الذي أثير في مباحثات الدوحة وإلحاقه بولاية شمال دارفور.. إذن نحن أمام أجندة تحرسها جهات إمبريالية وصهيونية مصممة على تقسيم السودان ليصبح أكثر من ثلاث دول. ولا بد من إعادة قراءة قانون المناطق المقفولة ورسم خريطة كروكي لكل المناطق التي وردت في القانون.. وسوف نجد أنفسنا أمام مخطط إجرامي صهيوني صليبي يستهدف وحدة السودان عبر مختلف المبررات والعناصر، ولنقرأ ولو مرة واحدة نصوص القانون ونتمعن في ما جرى وما يجري حتى عبر الفتن التي لا تبقي ولا تذر.