مرَّت يوم الثلاثاء 20/ أغسطس 2013م الذكرى الخامسة عشر لتدمير مصنع الشفاء للأدوية. قال الشاعر الراحل مبارك عبد الوهاب، في قصيدة (حياتي) التي يغنيها العميد أحمد المصطفى... في غمرة هنانا... تتشابك ايدينا... يسار في يمين... وهذا ما حدث بالضبط. فقد تشابكت في معمعة مصنع الشفاء، أيدي الشيوعي التجاني الطيب (يسار) بأيدي الإدارة الأمريكية (يمين). نشرت صحيفة القدس العربي الصادرة بتاريخ الثلاثاء 25/ أغسطس 1998م، نقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية تقريرًا بعنوان (شيوعي معارض يعترف بإعطاء معلومات حول مصنع الشفاء المدمَّر إلى واشنطن)، حيث جاءت في التقرير إفادات التجاني الطيب أحد قادة الحزب الشيوعي السُّوداني والقيادي في التجمُّع العلماني في مقابلة أُجريت في القاهرة نشرتها (العرب اليوم) في عمّان يوم الإثنين 24/8/1998م. قال التجاني الطيب (إسم مصنع الشِّفاء ورد فى الحديث عن التصنيع الحربي، طبقاً للمعلومات التي وصلت إلينا من المعارضة في الداخل قبل الضربة الأمريكية بفترة طويلة). وقال التجاني الطيب (هذا المصنع ينتج الأسلحة الكيميائية مع غيره من المصانع. لقد كشفنا هذا كلّه للعالم، من حيث إمداد فصائل إرهابية في العالم بهذه الأسلحة ومن حيث استخدامها في ضرب المعارضة العسكرية في الجنوب أو جبال النوبة). إنتهى حديث التجاني الطيب. ونشير إلى إجابة السيد/ طوني لويد وزير الدولة للخارجية البريطانية أمام البرلمان البريطاني في مارس 1998م بأن (التقارير التي تربط بين السودان وإنتاج السلاح الكيميائي جاءت بها جماعات المعارضة السُّودانية، وقد دحضتها استخبارات وزارة الدفاع البريطاني). التجاني الطيب وغيره من قيادات المعارضة العلمانيَّة، الشيوعية والطائفية، قدَّموا المعلومات الكاذبة عن المصنع قبل القصف، وبعد تدميره أصبحوا يقدِّمون التبريرات المزيَّفة لتبرئة أمريكا. القيادي الشيوعي التجاني الطيب والقياديُّون الطائفيون في التجمع العلماني ممن تتجذَّر شرعيتهم السياسة في الإسلام، ويرفعون رايات العلمانية، ظلوا قبل قصف مصنع الشفاء وبعد قصفه يعملون بغير دراية كمحطات تقوية لبثّ الدعاية، التي صنعتها الإستخبارات الغربيَّة لربط السُّودان بإنتاج السلاح الكيميائي. تجدر الإشارة إلى أن في 17/ فبرير 1998م أجاب وزير الخارجية البريطاني (روبن كوك) على سؤال طرحه أحد أعضاء مجلس العموم، عن تقارير تشير إلى نقل تكنولوجيا أسلحة الدمار الشامل من العراق إلى السودان. حيث أجاب السيد / كوك (لا علم لي بتلك التقارير وصعب جداً أن يحدث مثل ذلك النقل). ونقلت صحيفة (شيكاغو تربيون) الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 28/8/1998م، في تقرير جاء تحت عنوان (الغارة على السُّودان محلّ شك)، نقلت تصريحاً لخبير الأسلحة الكيميائيَّة الأمريكي (جوناثان تكر J.Tucker) (الخبير في معهد مونتيري للدراسات الدولية مركز دراسات حظر استخدام الأسلحة الكيميائية)، حيث قال السيد جوناثان (إن هناك الكثير من الشك حول عينة التربة التي زعمتها إدارة كلينتون عن مصنع الشفاء.لا يدري أحد إذا كان قد تعرضت تلك العينة للتلوث). واستطرد الخبير جوناثان تكر قائلاً (إنّ تدمير المصنع يشكِّل مأزقاً لمصداقيَّة الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة). وعقب تدمير مصنع الشفاء في 20/ أغسطس 1998م، وفي رسالته إلى وزارة الخارجيَّة الألمانيَّة، دحض السفير الألماني في الخرطوم (ويرنر دوم) Werner Daum على الفور المزاعم الأمريكيَّة قائلاً في رسالته إلى رئاسته (إن الإنسان لا يستطيع، حتى إذا أراد ذلك، أن يصف مصنع الشفاء كمصنع سلاح كيميائي). واستنادًا إلى المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية OPCW) مقرُّها هولندا دحضت صحيفة (نيويورك تايمز) بتاريخ 27/8/ 1998م مزاعم إدارة الرئيس كلينتون، حيث أبرزت الإستخدام التجاري للمكوِّن الكيميائي (الإمبتا)، حيث ادّعى الرئيس كلينتون أنّ ذلك المكوِّن يُستخدم فقط في صنع غاز الأعصاب. بينما كان العالم بأسره، بكل فعالياته السياسيَّة والبرلمانيَّة والصحفيَّة والإستخباريَّة يحتج على تدمير مصنع الشفاء، كان التجمُّع العلماني المعارض في وادٍ آخر يتصدَّر الإذاعات والفضائيَّات والصحف بالتصريحات غير الذكيَّة.... يشرح ويفسِّر... ويحتفي بتدمير مصنع الشفاء... لكن السؤال الذي يطرح نفسه... لماذا تشابكت أيدي القيادي الشيوعي التجاني الطيب مع واشنطن، ولم تتشابك مع موسكو. بعد أكثر من ستين عاماً في خدمة الماركسيَّة اللينينيَّة، ألم يعلم الشيوعي المتحجِّر التجاني الطيب أنَّ أمريكا هي زعيمة الرأسماليَّة وأنَّ الرأسماليَّة هي أعلى مراحل الاستعمار، كما كان يقول الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين؟... لاحقاً نرى المزيد...