فور الإفراج عنه وإطلاق سراحه من المعتقل الذي مكث فيه تسعة أشهر بعد اتهامه بالمحاولة الانقلابية، انطلق مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق صلاح قوش في اتجاه التصالح مع ألد خصومه السياسيين، معلنًا على الملأ أنه ابن الإنقاذ وجندي في صفوفها وسيظل مخلصًا لتوجهها السياسي، ولم تثنِه معاناته مع المعتقل عن تجسير الهوة مع الخصوم من داخل البيت، فقد التقى الرئيس البشير، والدكتور حسن الترابي الذي أشار أيام اعتقال قوش إلى أن قوش أصبح يمتلك الصواريخ والطائرات، ويشكل تهديدًا كما التقى الرجل خصمه اللدود الدكتور نافع علي نافع، والنائب الأول علي عثمان محمد طه وآخرين من رجال الدولة، وإذا كان قبل اعتقاله انفتح سياسيًا على زعماء الأحزاب المعارضة فإنه بعد الإفراج عنه تمدد بشكل واضح داخل البيت الإنقاذي وفتح صدره لخصومه السياسيين داخل المؤتمر الوطني ولا يدري أحد على وجه الدقة أهو التسامح والتصالح مع ذوي القربى السياسية أم أنها الحرب والرأي و(المكيدة)، الأيام المقبلة ستكشف ما وري عن الأنظار في دهاليز السياسة... عقب التكهنات والاجتهادات حول التشكيل الوزاري المقبل وما قد يحويه من مفاجآت في تغير الوجوه، وحتى المشاركين في المحاولة الانقلابية الأخيرة والذين أطلقلوا سراحهم برزوا من المرشحين لتولي مناصب في التشكيل الجديد وما بين صحة وتأكيدات هذه الأخبار يبرز اسم الفريق صلاح قوش من بين المرشحين، ذلك الحديث لم ينفِه القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن عمر الذي أكد خلال حوار مع الزميلة (آخر لحظة) أنه لا يستبعد دخول قوش للتشكيل الجديد. لكن تواترت أنباء عن ترتيبات لتعيين قوش مسؤولاً عن ملف الجنوب وأبيي بحسب ما جاء في الأخبار عن ترتيبات تجرى لتكليف الرجل بملف العلاقة مع دولة جنوب السودان وملف أبيي بعد لقاءات جمعت بين سفير دولة الجنوب (ميان دوت وول) وقوش بمكتب الأخير في الخرطوم، نهار الأربعاء الماضي، وأكدت المصادر بحسب الخبر أن الاجتماع استمر لساعات طوال، وأشارت المصادر إلى أن السفير الجنوبي تردد كثيراً على مكتب قوش منذ إطلاق سراح الأخير، وأشارت المصادر إلى أن الرجلين تناقشا كثيراً حول الرؤية الكلية لعلاقة متوازنة. علاقة قوش بالجنوب قوش وبحكم منصبه السابق كرئيس لجهاز الأمن والمخابرات الوطني كان ممسكًا بتفاصيل العلاقة مع الجنوب عندما كان رئيساً لوفد الحكومة في المفاوضات مع الجنوب وعقب إطلاق سراحه صرح قوش بأن دولة الجنوب ليست على قلب رجل واحد، وأن هناك تيارات يمكن التعامل معها. وكانت له عدة تصريحات واضحة حول قضية أبيي ومعظمها كانت تأخذ الطابع الحاد فقد هدد قوش الحركة الشعبية خلال تصريح حول خروقات الحركة الشعبية لاتفاقية نيفاشا وقال إذا خرقت الحركة اتفاق نيفاشا مرة سنخرقها كلها.. ووصف قضية أبيي بمسمار جحا. مؤكدًا أن المنطقة ستبقى شمالية سواء عبر الاتفاق الثنائي أو بالاستفتاء. وكرر تأكيده بشمالية أبيي. وقال ستظل شمالية بالسلم أو الحرب. مؤكدًا أن الحركة الشعبية ما زالت ترفض الخيارات المطروحة للحل، مؤكداً أن المؤتمر الوطني ليس لديه أي حلول أخرى غير أن تكون أبيي شمالية وأضاف قائلاً: (قدمنا حلولاً كان يمكن أن تحل المشكلة ولكن الحركة الشعبية عقدت المشكلة ورفضت الحلول). عودة الثقة المفقودة: بعد إطلاق سراح قوش من تهمة المحاولة الانقلابية تناقلت مجالس المدينة حول احتمالية ظهوره مجددًا عبر التشكيل الوزاري المحتمل إلا أن هنالك مصادر تؤكد ل (الإنتباهة) أن قوش لن يعود مرة أخرى بمنصب وأن أي حديث عن هذا لا يخرج من كونه اجتهادات ليست إلا ويضيف المصدر أن ملف أبيي يشرف عليه الرئيس البشير مباشرة ولا يحتاج إلى أي وسيط أو مشرف جديد. إلا أن القيادي بالوطني د. ربيع عبد العاطي لم يستبعد إعادة الثقة مجددًا لقوش لتعينه مشرفًا على ملف أبيي بحكم خبرته في الجوانب الأمنية. إلا أن ربيع اشترط ذلك عودة الأمور إلى نصابها وعودة الثقة إليه والاطمئنان من أهل القرار له فهو لا يزال عضوًا بالمجلس الوطني ونائبًا لدائرة مروي إضافة إلى عضويته في حزب المؤتمر الوطني. قبول أمريكي: ويذهب الخبير الإستراتيجي عباس إبراهيم شاشوق في حديثه ل(الإنتباهة) إلى أن مسألة تعينه إذا صحت الأخبار بعد أن وضع الثقة فيه مجددًا إنما تدل على أنه رجل مناسب لهذه المرحلة خاصة أنه لديه قبول لدى الولاياتالمتحدة وله علاقات وثيقة مع قادة دولة الجنوب بحكم منصبه السابق وأنه كان ممسكًا بزمام الأمور حينما كان مديرًا لجهاز الأمن وكان على علم بكل الملفات العالقة بين دولة الجنوب. لذلك فإن تعينه يعتبر لخبراته ومعلوماته كرجل أمن. ويضيف عباس أن البعد الخارجي لعلاقاته يجعله من الوجوه المناسبة للإمساك بهذا الملف ولديه حس أمني ربما يستطيع أن يقدم مقترحات وربما يصل إلى حلول منطقية لهذا الملف. قوش عندما كان مديرًا لجهاز الأمن كان على دراية وصلة وثيقة بقيادات والزعماء الجنوبيين الذين كان يعملوا على جعل الوحدة جاذبة كذلك له علاقات قوية مؤسسة مع زعماء الجنوب فالتعامل مع دولة الجنوب بمعرفة الأشخاص يكون أسهل وأفضل من عدم معرفتهم. وسبق أنه له علم كامل بما يحويه هذا الملف وبمعرفة تفاصيله... حاكم إقليم كردفان الأسبق الأستاذ عبد الرسول النور قال في حديثه ل(الإنتباهة) إنهم لهم تجربة سابقة مع الفريق صلاح قوش عندما قاد وفد المفاوضات مع الجنرال غريشن وكانت تجربتان إيجابيتين، وأضاف عبد الرسول أن لقوش معلومات أمنية كبرى مما يجعله رجلاً مفاوضاً ناجحًا. هل يقبل قوش بالعودة؟ فور إطلاق سراحه أجهش قوش بالبكاء لحظة وصوله منزله والتقائه أسرته وسط الزغاريد ونحر الذبائح. وأهم ما حرص قوش على تأكيده أنه ما زال (ابن الإنقاذ منها وإليها وفيها مؤكدًا أنه لن يغير مبادئه كما أنه لا يزال ابن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني)، وأشار إلى أنه سيعود إلى منصبه في البرلمان. لكن مصادر أشارت إلى أنه سبق وصرح أنه لن يقبل بمنصب أقل من منصبه السابق ولن يشارك في التشكيل الوزاري الجديد وأن أي منصب لا يليق بمكانته وتاريخه الأمني فسوف يعتذر عنه. لكن حديث قوش عن أنه لا يزال ابن الإنقاذ والحركة الإسلامية يؤكد أنه يبعث برسالة إلى قادة الإنقاذ أنه لا يزال الابن البار للإنقاذ على الرغم من اتهامه بالتخطيط في المحاولة الانقلابية في فبراير الماضي.. قوش هو اللقب الذي حمله رجل المخابرات القوي الفريق أول صلاح عبد الله، هذا الرجل الذي قالت عنه أحد التحليلات الصحافية من قبل أنه يحمل عقلاً ماثماتيكيًا بارعًا في علوم الرياضيات لقبه زملاء له في الدراسة باسم (قوش) نسبة إلى (عالم رياضيات) (هندي) كان يتسم بالنبوغ.. وقد أظهر منذ سنوات الدراسة ذكاءً شديدًا وكان طموحًا للغاية، رغم أن البعض وصفه بأنه كان دائمًا موجودًا في منطقة الظل.