على الرغم من الجهود التي طالما ظلت تبذلها الحكومة في احتواء الحركات المسلحة وانضمامها لركب الموقعين على اتفاقيات السلام، إلا أن المؤشرات على أرض الواقع لا تبدو أنها تسير كما يتمنى الكثيرون، والرأي العام ينتظر التشكيل الحكومي الجديد الذي تنبأ الكثيرون بأن الحركات المسلحة ستدخل ضمن التشكيل الجديد، إلا أن الخطوة التي قامت بها الجبهة الثورية أمس الأول والجولة الأوربية لطلب المزيد من الدعم لها، أكد أن هذه الحركات إن لم يكن مستحيل فمن الصعوبة أن تستجيب لأية نداءات من الحكومة. وأن هذه الجولة بمثابة رد كافٍ للحكومة. تساؤلات برزت حول الأسباب التي دفعت قادة هذه الحركات للجوء إلى الدول الأوربية ومطالبتها بشكل واضح دعمها. ويرى خبراء أن الجبهة الثورية بعد أن فقدت الدعم من دول الجوار خاصة دولة الجنوب، فضلت أن تلجأ إلى الدول الأوربية. ويرى الخبير الإستراتيجي عباس إبراهيم أن الجبهة الثورية بعد أن قامت بعدة عمليات، والهزائم التي مُنيت بها آثرت أن تبحث عن جهات تدعمها بعد توقف الدعم الأفقي من بعض الجهات الأجنبية التي وصلت لقناعة تامة بأن لا جدوى للقتال. إضافة إلى الاتفاقيات التي أُبرمت بين الخرطوموجوبا وما يختص بعدم الدعم للحركات المسلحة حتى يتحقق السلام بين الدولتين، وهذا الحدث أثر على وضعية دولة الجنوب بعد الشكوى التي قدمها للمجتمع الدولي بدعم الحركات المسلحة، ومن ثم الضغط على الجنوب الذي أيقن ذلك، خاصة وأن الظروف الاقتصادية التي تمر بها جوبا فرضت عليها أن تختار خيار السلام مع الخرطوم، فكان لا بد من إيقاف الدعم للحركات المسلحة بما فيها الجبهة الثورية. الجولة الأوربية بدأت بالعاصمة باريس ضمت قادة وقيادات الحركات المسلحة بدارفور والمنضوية تحت مسمى الجبهة الثورية برئاسة مالك عقار ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي ونائب رئيس حزب الأمة القومي السابق نصر الدين الهادي، إضافة إلى رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم والقيادي بالحزب الاتحادي التوم هجو وعبد الواحد محمد نور. وتتمثل أهداف الزيارة في تصعيد الجبهة الثورية لعملها السياسي والدبلوماسي ضد الحكومة ومحاولة الضغط عليها من قبل المجتمع الدولي. وقال عقار في مؤتمر صحفي «إنهم هنا لعرض قضيتهم، إنها صرخة للمجتمع الدولي لينتبه ويساعد في إنهاء الحرب». إذاً فالجولة تهدف إلى ضرورة الدعم بكل أشكاله، إلا أن الخبير عباس لا يتوقع أن تتحصل على دعم كبير لأن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة قد أشادتا بالعلاقة التي وصل إليها جنوب السودان مع السودان، ويتوقع عباس أن بعض الجهات ربما ستساعدها لكنها لن تكون كافية كالسابق. وكان اللافت في هذه الجولة هو الاستقبال الذي تم من قبل القيادي بالمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج الذي شهد اجتماعاتهم إضافة إلى المؤتمر الصحفي الذي عقد بالعاصمة الفرنسية باريس. مما يؤكد العلاقة بين المؤتمر الشعبي وما يُسمى الجبهة الثورية. وقد صرح الحزب بذلك مراراً على لسان الأمين السياسي بالحزب كمال عمر الذي كان قد صرح بأنهم سيستمرون في العلاقة مع الجبهة الثورية شاء النظام أم أبى، مضيفاً «نؤكد بأننا سنستمر في التنسيق فرغم اختلاف الوسائل إلا أننا متفقون تماماً في إسقاط هذا النظام الغاشم». وقال «نحن لا نلتفت إلى أية تهديدات ونعتبر وثيقة (الفجر الجديد) فجراً جديداً فعلاً في علاقتنا مع الجبهة الثورية، ورغم التحفظات التي أبدتها القوى السياسية إلا أنها مجتمعة على أن هذه الوثيقة بداية حقيقية لعلاقة متينة بين الجبهة الثورية وقوى الإجماع، ولن نتخلى عن علاقتنا مع الجبهة الثورية ونعتبرها قوى سياسية حقيقية تحمل هموم الهامش». وقال إن الجبهة الثورية موجودة معنا في الداخل بقاعدتها العريضة التي تشارك بفاعلية في كل مراحل إسقاط النظام الشمولي من تظاهرات واحتجاجات وخلافه. مضيفاً أن المؤتمر الوطني تخيفه علاقة قوى الإجماع بالجبهة الثورية لأنها ستؤدي عاجلاً أم آجلاً لإسقاطه، لذا فإنه وبشتى السبل يريد أن يعصف بهذه العلاقة.