في الأعوام 72 و73 و1974م كنت أعمل عضواً في سكرتارية هيئة المتاحف الإفريقية لوسط وشرق إفريقيا فكان الترحال أحياناً يأخذني إلى مدينة أروشا العاصمة التي كانت مقترحة لدول شرق إفريقيا التي تضم تنزانيا ويوغندا وكينيا. ومن أروشا كنت أعرّج على جزيرة زنزبار. في ذلك الوقت كانت زنزبار تحت سيطرة حزب الآفروشيرازي الذي كان يتزعمه السيد عبيد كارومي بعد أن قاد ثورة قضت على عدد كبير من العرب العمانيين والهنود. كنت بصحبة مضيفي مساوي رشيدي مساوي الذي قضيت معه زمناً في منزله في المدينة الحجرية وفي إحدى الأمسيات ساقني لأحضر حلقة ذكر بمناسبة المولد الشريف. وبما أنهم سنيون ملتزمون فإن طقوسهم وقراءتهم للقرآن تجعلهم متفردين. كان أحدهم يقرأ قصيدة صوفية ويترجمها للإنجليزية والسواحيلية. فكان يقرأ: بلغ العلا بكماله: He attained the height of eminence by his perfection كشف الدجى بجماله: He dispelled the darkness by his grace حسنت جميع خصاله: Excellent were all his qualities صلوا عليه وآله: Pray for blessings on him and his descendants فوجدت تلك الترجمة تفعل فعلها في القوم كما كانت تلك الأبيات تتغلغل إلى وجدانناً شوقاً وحباً للمصطفى وآله فأستدعي من ذاكرتي ونحن صغار السن ولم ندخل المدرسة بعد وقد حفظنا عن ظهر قلب المولد الذي كتبه السيد محمد عثمان الكبير: صلوا على بحر الصفا المصطفى صلوا عليه وآله والصحب آل الوفا... صلوا عليه. كما يفعل أطفال الروضة الآن وهم يحفظون أناشيد تعدها لهم المربية. وبالرغم من صرامة النظام وقسوته في زنزبار وسيطرة الحزب الآفروشيرازي الذي يتبع نظاماً ماركسياً صارماً على نهج ماو تسي تونج إلا أن الناس كانوا يجدون في الاحتفال بالمصطفى عليه أفضل السلام والبركات منفذاً لترتفع منه أرواحهم إلى حيث الضياء النبوي ومكارم الأخلاق. ناس مختلفون في أشكالهم وما يرتدون من ملابس والوان متباينة إلا أنك كنت ترى ذلك البريق يشع من أعينهم وقد انطلقت منها أشواقهم ومواجدهم وهو يستعيدون السيرة النبوية تماماً كما نفعل نحن في شهر المولد ربيع الأول : قالت السيدة عائشة رضي الله عنها «كنت في حجرتي أخيط ثوباً لي فانكفأ المصباح وأظلمت الحجرة وسقط المخيط أي الإبرة.. فبينما كنت في حيرتي أتحسس مخيطي إذ أطل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه من باب الحجرة.. رفع الشملة وأطل بوجهه. قالت: فوالله الذي لا إله إلا هو، لقد أضاءت أرجاء الحجرة من نور وجهه.. حتى لقد التقطت المخيط من نور طلعته.. ثم التفتُ إليه فقلت: بأبي أنت يا رسول الله.. ما أضوأ وجهك! فقال: «يا عائشة الويل لمن لا يراني يوم القيامة»، قلت: ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله؟ قال: من ذُكرت عنده فلم يصل عليّ. رواه الترمذي في «الحديث: 3546» - الإمام أحمد في الحديث: 1/201 ... ولكي لا تنساه حاول أن تكتسب صفة واحدة من صفاته كل يوم ثم اتبعها بعد مدة بالثانية ثم الثالثة. هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم: - محمد صلى الله عليه وسلم ما عاب شيئا قط. - محمد صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاما قط؛ إن اشتهاه أكله وإلا تركه. - محمد صلى الله عليه وسلم يبدأ من لقيه بالسلام. - محمد صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء. - محمد صلى الله عليه وسلم يجلس حيث انتهى به المجلس. - محمد صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس. - محمد صلى الله عليه وسلم أشجع الناس. - محمد صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها. - محمد صلى الله عليه وسلم ما سئل شيئًا فقال: «لا». - محمد صلى الله عليه وسلم يحلم على الجاهل، ويصبر على الأذى. - محمد صلى الله عليه وسلم يتبسم في وجه محدثه، ويأخذ بيده، ولا ينزعها قبله. - محمد صلى الله عليه وسلم يقبل على من يحدثه، حتى يظن أنه أحب الناس إليه. - محمد صلى الله عليه وسلم ما أراد احد أن يسره بحديث، إلا واستمع إليه بإنصات. - محمد صلى الله عليه وسلم يكره أن يقوم له أحد، كما ينهى عن الغلو في مدحه. - محمد صلى الله عليه وسلم إذا كره شيئًا عُرف ذلك في وجهه. - محمد صلى الله عليه وسلم ما ضرب بيمينه قط إلا في سبيل الله. - محمد صلى الله عليه وسلم لا تأخذه النشوة والكبر عند النصر. - محمد صلى الله عليه وسلم كان زاهداً في الدنيا. - محمد صلى الله عليه وسلم كان يبغض الكذب. - محمد صلى الله عليه وسلم كان أحب العمل إليه ما داوم عليه وإن قل. - محمد صلى الله عليه وسلم كان أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة لنفسه. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء أمرًا أسره يخر ساجداً شكرًا لله تعالى. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا قال اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يحب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن. - محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا الله لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل. - محمد صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا استيقظ بدأ بالسواك. - محمد صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى في كل وقت... - محمد صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله. - محمد صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس. - محمد صلى الله عليه وسلم على الرغم من حُسن خلقه كان يدعو الله بأن يحسّن أخلاقه ويتعوذ من سوء الأخلاق عليه الصلاة والسلام. عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي ) - رواه أحمد. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول (اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ) - رواه أبو داود والنسائي أعطى كفار قريش الشاعر حسان بن ثابت مبلغاً من المال وذلك قبل إسلامه ليهجوَ النبي صلى الله عليه و سلم. فوقف حسان على ربوة ينتظر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يأتي لينظر إلى صفةٍ من صفاته فيهجوه بها. ومرّ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مرّ جميل الشيم... مرّ مصباح الظلم. فلما رآه حسان رجع إلى قريش فرد لهم المال وقال هذا مالكم ليس لي فيه حاجة. و أما هذا الذي أردتم أن أهجوهُ اللهم إني أشهدك أني أشهد أنه رسول الله. فقالوا ما دهاك ما لهذا أرسالناك، فأجابهم بقوله: لما رأيت أنواره سطعت.. وضعت من خيفتي كفي على بصري خوفا على بصري من حسن صورته.. فلست أنظره إلا على قدري روح من النور في جسم من القمر.. كحلية نُسجت من الأنجم الزهر * المواطن والأزمان التي تشرع فيها الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: شَرَعَ اللهُ لَنَا الصَّلاَةَ وَالسَّلاَمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُطلَقاً، وَشَرَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِك، وَأَكَّدَهُ في بَعْضِ الْمَوَاطِنِ وَالأَزْمَان ؛ فَمِنْهَا: - الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مُطْلَقاً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُم». وَعَنْ عَمَار بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكاً أَعْطَاهُ أَسْمَاعَ الْخَلاَئِقِ كُلِّهَا، فَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَبْرِي إِذَا مِتُّ إِلَى يَومِ القِيَامَة، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي يُصَلِّي عَلَيَّ صَلاَةً إِلاَّ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيْه، قَالَ: يَا مُحَمَّد! صَلَّى عَلَيْكَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَيُصَلِّي الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْراً» صلى الله عليه وسلم. - كُلَّمَا ذُكِرَ صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلْيُصَلِّ عَلَيّ» صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ الصَّلاَةَ عَلَيّ، خَطِئ طَرِيْقَ الْجَنَّة» صلى الله عليه وسلم. وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيّ» صلى الله عليه وسلم. - عِنْدَ كِتَابَةِ اسْمِهِ صلى الله عليه وسلم: وَهُوَ كَسَابِقِه، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ رضي الله عنهم إِذَا كَتَبُوا اسْمَهُ صلى الله عليه وسلم في كُتُبِهِمْ أَثْبَتُوا الصَّلاَةَ وَالسَّلاَمَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابَةً، وَلَوْ تَكَرَّرَتْ، وَلَوْ كَثُرَت، وَلاَ يَرْمُزُونَ لَهَا بِالرُّمُوز. َولسَمَاحَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رِسَالَةً في النَّهِي عَنْ كِتَابَةِ الرُّمُوز ؛ مِثْل: «ص» و «صلعم» بَدَلاً مِنْ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ نَفَعَ اللهُ تَعَالَى بِهَا حَتَّى كَانَتْ سَبَباً في اخْتِفَاءِ الرُّمُوزِ مِنْ الصُّحُفِ وَالكُتُب، فَجَزَاهُ اللهُ خَيْراً. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَيْمُونِي: رَأَيْتُ الشَّيْخَ الْحَسَنَ بْنَ عُيَيْنَةَ - في الْمَنَامِ - بَعْدَ مَوتِه، وَكَأَنَّ عَلَى أَصَابِعِ يَدَيْهِ شَيْءٌ مَكْتُوبٌ بِلَونِ الذَّهَب، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ: يَا أُسْتَاذ! أَرَى عَلَى أَصَابِعِكَ شَيْئاً مَلِيْحاً مَكْتُوباً، مَا هُو؟ قَالَ: يَا بُنَيّ ! هَذَا لِكِتَابَتِي «صلى الله عليه وسلم» في حَدِيْثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. - إِذَا أَصْبَحَ الْمُسْلِمُ وَإِذَا أَمْسَى: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ حِيْنَ يُصْبِحُ عَشْراً، وَحِيْنَ يُمْسِي عَشْراً ؛ أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي». - كُلَّمَا جَلَسَ الْمُسْلِمُ مَجْلِساً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لاَ يَذْكُرُونَ اللهَ عز وجل وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِلثَّوَاب». وَعَنْهُ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيه، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَة، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُم، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُم» تِرَة: نَدَامَة. وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللهِ عز وجل، وَصَلاَةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قَامُوا عَنْ أَنْتَنِ مِنْ جِيْفَة». وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلاَةِ في كُلِّ يَومِ جُمُعَة، فَإِنَّ صَلاَةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ في كُلِّ يَومِ جُمُعَة، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَة». اللهم نسألك أن تصلي على حبيبنا وقرة أعيننا محمد وآله وصحبه الميامين وأن تغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وأن تغفر لوالدينا مغفرة تمحو بها خطاياهم وتدخلهم وتدخلنا معهم تحت رحمتك التي وسعت كل شيء. وجمعتكم مباركة. آمين. أنشرها لعل ثواب نشرها يرفع عنك الكثير ويجزل الله لك بها الكثير. آخر الكلام: المريود المكرم... صلى الله عليك وسلم.