كنا نظن وبعض الظن إثم أن مجلس إدارة الهلال الذي يضم مجموعة من الرجال المتشبعة بقيم الهلال وأدبياته والبعيد عن الصراعات والمكايدات وتصفية الحسابات والتي تضع مصلحة الهلال فوق كل اعتبار, لن تفكر مجرد التفكير في تسجيل فيصل العجب ليس لأنه قد استنفد أغراضه كلاعب وأصبح في انتظار تسوية معاشه، أو لأنه أقسم أن يلعب للهلال في موقف شهده عدد كبير من الأهلة ثم ذهب للمريخ، ولكن لأن الهلال الكبير بتأريخه وقياداته وأخلاقياته ومواقفه المشهودة لا يتصرف بردود الفعل ويسجل العجب كابتن المريخ وقائده صاحب الشعبية الكبرى والذي تغزل فيه أعلام المريخ لما يقارب العشرين عاماً نكاية في المريخ الذي سجل هيثم مصطفى الذي باع تاريخه وغسل مساحات الحب والتقدير في دواخل الجماهير الهلالية بذهابه للنادي الأحمر الذي اعترضنا عليه بشدة بالعديد من المقالات وقاومناه بمنطق وموضوعية لأنه من غير المعقول أو المقبول أن يرتدي هيثم شعار المريخ بعد أن ارتبط بجماهير الهلال وأصبح جزءاً من تاريخ الأزرق ورمزاً من رموزه عطائه المستجيش بذلاً وتفانياً وإخلاصاً، وقبل أن نعترض على انضمامه للمريخ كنا قد وقفنا معه بقوة وصلابة في مواجهة استهدافه ومحاربته من مجلس الهلال والمدرب غارزيتو وبعض الأقلام التي هيأت الأرضية لشطبه بحملات هجوم ضارية خلقت رأياً عاماً ضد هيثم الذي أبعد من الهلال بطريقة غير كريمة ولا تليق بالتعامل مع كباتن الهلال وخاصة من كان في مكانة البرنس الذي أطرب الجماهير بفنه وقاد الأزرق لإنجازات لم يحققها غيره من كباتن الفريق كالفوز بالممتاز إحدى عشرة مرة والوصول لدور الأربع ست مرات في البطولات الإفريقية.. إن الهلال الذي لعب له عباقرة الكرة وأفذاذ النجوم وأعظم اللاعبين في تاريخ المستديرة السودانية ليس هو النادي الذي يتصرف برد الفعل وممارسة الإغاظة بتسجيل لاعب ليس هو في حاجة له من الناحية الفنية لأن سيدي بيه الشاب الممتليء حماساً وحيوية سيفيد النادي مليون مرة أكثر من العجب كصانع ألعاب يجيد صناعة اللعب وخلق الفرص للمهاجمين حتى لو كانوا وسط كماشة من المدافعين ويملك قدرة كبيرة لإحراز الأهداف من أنصاف الفرص بالرأس والقدم كما حدث في مباريات الممتاز الأخيرة التي كان نجمها المتألق وبطلها وفارسها بفنه وإبداعه وموهبته التي ستزداد مع الأيام بريقاً ولمعاناً خاصة وأنه في مقتبل العمر الرياضي بينما العجب في خريف مسيرته الرياضية.. لا جدال في أن العجب لاعب فنان وصاحب قدرات فنية كبيرة وأعطى المريخ كما لم يعطه لاعب آخر في العشرين سنة الماضية ويتمتع باحترام كبير بين جماهير الهلال لأخلاقه العالية وروحه الرياضية وسلوكه المهذب داخل الملعب ببعده التام عن العنف وسوء السلوك والاحتجاج على الحكام، والمؤكد أن رفض مجلس الإدارة والكثير من الجهات الهلالية تسجيله هدفه المحافظة على تاريخه بالمريخ وعدم إدخاله في صراعات ومشكلات مع جماهير ناديه التي أحاطته بالحب والتقدير فضلاً عن التزام الهلال بقيمه ومواريثه التي تمنعه من تصدير المشكلات للآخرين باتخاذ قرارات هدفها المكايدة وتصفية الحسابات.. خلاصة القول نحن في غاية الحزن باقتراح تسجيل العجب الذي يريق ماء وجه اللاعب ويجرح كرامته في حالة الرفض وسيمزق وحدة المجلس الذي نضع عليه آمالنا في إخراج الهلال من أزماته ومشكلاته بتضامنه وترابطه كما سيحدث انقساماً كبيراً وسط الجماهير يعيدنا لعهد الصراعات والاعتصامات في مجلس البرير فضلاً عن خلق معارضة للمجلس الذي التف حوله كل الهلالاب بعد أن شعروا بجديته ورغبته الصادقة في العمل من أجل بناء فريق قوي يسعد الجماهير ويعيد الابتسامة لشفاهها بعد الموسم الماضي الذي خرج منه الهلال خالي الوفاض محلياً وخارجياً.. وإذا كان المريخ قد ارتكب خطأ فادحاً بتسجيل هيثم مصطفى كابتن الهلال وأحد عناوينه المضيئة لأكثر من 17 عاماً فإن الهلال لا ينبغي أن يرتكب نفس الخطأ بتسجيل قائد المريخ وملكه المتوج فيصل العجب، وقبل كل هذا وبعده فإن مجلس الهلال المواجه بتحديات وقضايا كبيرة كلم الشمل وتوحيد الجبهة الداخلية وتسديد الديون التي تجاوزت السبعة عشر ملياراً وبناء فريق قوي يهز الأرض تحت أقدام الجميع بضم أفضل النجوم المحليين والأجانب واستنباط مشروعات استثمارية تدر على النادي دخلاً ثابتاً يغنيه عن الاعتماد على الأفراد فإن هذا المجلس المواجه بكل هذه القضايا الكبيرة يجب ألا ينشغل بقضايا صغيرة تصرفه عن أداء المهام التي ستقود الهلال للوحدة والاستقرار والتطور في مختلف المجالات..