كنت قبل عامين وفي مثل هذه الأيام، أكتُب كما يكتُب غيري عن أحداث لأزمة ومتلازمة تتحرك فوق عجلة الصراع وتدور بها هادئة أحياناً، وصاخبة في أحيان أخرى. لكن: لا لزوم هذا العام للوقوف بغير فائدة على خطوط متداخلة يصعب السير عليها أو تجاوزها، لأن التركيبة السياسية الحالية مع تعقيداتها تحتمل أكثر من ما تستطيع. أكتب اليوم، وقد برزت قوة بالداخل لضبط الأمور، حتى لا تأتي قوة من الخارج للقيام بهذه المهمة، أكتب عن ما يدور في الطيران المدني، وأعلم أن الدولة الآن تتجه بالكلية لخطوة كهذه وفي مواقع عديدة مماثلة، لأنها تعلم أن غض الطرف انتحار.. أكتب عما يدور في الطيران المدني، وأعلم أن غيري كتب، ثم «كف» .. أو «كُفكِف». وقبل البدء أعترف بأنني ترددت كثيراً، وقررت مراراً الترك، إلا أن إلحاحاً عنيداً قال لي: اُكتب، وقلت له: جداً. ثم قررت مراجعة حصيلة ما جمعت، وأبعدت عنها كل المتصلة بالحكاوي غير المستندة إلى سند رغم أنها مهمة وصحيحة، وحتى لا تضيع وتضيع معها الحقيقة أعدت صياغتها على هذه الشاكلة: «من هو يوسف محمد الحسن المدير العام لشركة كومون وما هي علاقته بالمدير العام للطيران المدني السابق ومدير شركة مطارات السودان القابضة الحالي؟ هل صحيح أن شركة كومون واجهة لجهة شبه رسمية أم أنها تحاول بذلك فتح الأبواب؟ على ماذا يستند اختيار الشركات لخدمة المطار؟ وهل يتم ذلك بعلم مدير مطار الخرطوم؟ يحتفل الطيران المدني بإنجازاته سنوياً، فلماذا خرجت الشركات البريطانية والهولندية والألمانية إذا كانت هذه الإنجازات جاذبة للاستثمار في صناعة الطيران؟». تقول الوثائق إن مدير شركة كومون بدأ مسيرته العملية مع الأستاذ حسين خوجلي بوكالة المساء، وفي لقاء رابطة الشرفة التمست له الأقدار طريقاً إلى مجلس الوزراء، وهذا بالطبع لا يخصم من رصيد الرجل وإمكاناته الإعلامية والتسويقية التي أهلته لنيل الثقة حتى أصبح مديراً لشركة تستحوذ على «80%» من خدمات مطار الخرطوم. لكن السؤال: نظير ماذا تتربع كومون على قائمة شركات خدمات المطار؟ معلوم أن الإشراف على صالة كبار الزوار بالمطارات تتطلب مواصفات معقدة، لذلك تدار وفي أرفع بلدان العالم عبر مراسم الدولة لحساسية وسرية العابرين بها، لكنها في بلادنا هذه تدار بواسطة شركة خاصة لا نعلم لها سابقة في إدارة مثل هذه المرافق، وتمددت الشركة كذلك لإدارة صالة المغادرة بعد أن ظفرت بعطاء نافست خلاله شركة تدير صالات معظم مطارات الوطن العربي. نظير ماذا تتربع كومون على قائمة شركات خدمات المطار؟ سؤال يظل ملحاً، والكف يصبح مستحيلاً، وتبقى للقصة بقية.. أو نُكفكف!!