«انتهى عهد التمكين والتسييس للخدمة المدنية، وتاني مافي معيار آخر للتوظيف والترقي في الهياكل الوظيفية إلا بالكفاءة، مافي فصل للصالح العام، ومافي حاجة اسمها أولاد مصارين بيض، ومصارين سود، وكل الناس سواسية، هذا هو العدل، الخدمة المدنية حتكون مفتوحة لكل السودانيين بالتنافس الحُر والفاصل هو الكفاءة والمقدرة»... هكذا أعلن رئيس الجمهورية بصورة لا لبس فيها ولا غموض، ولا سبيل لتأويل هذه العبارات الواضحات، إلى غير ما قصده الرئيس وفهمه الناس... وإن كان هناك ثمة تعليق نقول للسيد الرئيس إن الأزمة تكمن يا سيادة الرئيس فيمن استخدمتهم ووليتهم وأسندت إليهم تنفيذ هذه القرارات والسياسات التي تعلنها على الملأ ثم لا يرى الناس إلا كلامًا قد قيل والسلام، فبعض رجالك الذين توكل إليهم إنزال قراراتك إلى أرض الواقع يستخفون بها ويفعلون ما تسول لهم أنفسهم ومصالحهم الذاتية، وهنا أود بكل أدب واحترام أن ألفت عناية السيد الرئيس إلى خطابه السابق في فبراير من العام «2011» أمام قيادات الخدمة المدنية والذي تعهد فيه بذات التعهدات، وأكد أن عهد التمكين والتسييس قد انتهى، وأنه لا محسوبية ولا سياسة تمكين بعد اليوم، وأن الاختيار سيكون بالكفاءة، يعني باختصار الآن أعاد الرئيس ذات الخطاب السابق مما يعني أن الأمراض السرطانية التي كان قد تعهد قبل ثلاث سنوات ببترها واستئصالها من جسد الخدمة المدنية، مازالت باقية، ولا أحد حدَّث نفسه بتنفيذ ما أعلنه الرئيس سابقا. كنا في وقت سابق أشرنا إلى حالات فساد متعفنة ظلت تعاني منها الخدمة المدنية، وأوردنا حالات تزوير كبار المسؤولين لشهاداتهم بغرض الحصول على الترقيات، وكذا تزوير أحد المديرين لتاريخ ميلاده للاستبقاء في الخدمة وجاء الموضوع وقتها تحت عنوان «الخدمة المدنية في غرفة الإنعاش» ولا بأس أن نذكر بالتجاوزات التي حدثت لقرارات الرئيس ومجلس الوزراء حينما استبقى وزير الزراعة السابق «المتعافي» مدير إدارة وقاية النباتات «خضر جبريل» في الخدمة الأمر الذي ترتب عليه حصوله على أموال الدولة دون وجه حق كما جاء في مكاتبات المراجع العام له بإرجاع «المبلغ»، إذا كنا قد أوردنا في السابق حالات تزوير المستندات والأوراق الثبوتية للبقاء في المنصب بعد انتهاء الفترة القانونية، فإن إصرار المتعافي على إبقاء «جبريل» رغم أنف قرارات مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية كانت تعبر عن «التمكين» بكل صوره القبيحة وكانت تعيد إلى الأذهان المحسوبية بكل أشكالها الظالمة.. ولأن الموضوع كان خطيرًا ومؤلمًا وينطوي على ظلم آخرين ويخل بميزان العدالة تركنا الكلام للوثائق والمستندات الرسمية لتفصح عن حالة الفوضى وما نظنه فسادًا يزكم الأنوف بالخدمة المدنية، وقد حدث ذلك بعد أشهر قليلة من تعهدات الرئيس بتطهير الخدمة المدنية من المحسوبية والظلم وسياسة التمكين، وقد أثبتنا بالمستندات الرسمية تجاوزات للدستور والقوانين تحميها سلطات الوزير عبد الحليم المتعافي الذي بدا متجاوزًا قرارات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والقانون والدستور لاستبقاء مدير إدارة وقاية النباتات بالوزارة، وهي قضية مشهورة وخطيرة أمسكنا عنها بعد قرار الرئيس الأخير الذي استبقى فيه الرجل بعد أن كثر اللغط والحديث عن التجاوزات والتمكين والمحسوبية. المحطة الوسطى: كل التهاني الصادقة للأخ المبدع الزميل طلال مدثر مقدم برنامج «المحطة الوسطى» بقناة الشروق الفضائية الذي نال برنامجه جائزة أفضل برنامج في قائمة برامج ال «توك شو» في منافسة مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتلفزيون.. وفقك الله وسدَّد خطاك وإلى الأمام.