خلال الايام الماضية حسم والى النيل الأبيض أمر تشكيل حكومة الولاية التى صاحبها الكثير من الجدل واللغط بسبب ما تردد من حديث حول احتمال تغيير ولاة الولايات، وقد تزامنت خطوة الوالى الشنبلى مع اجواء التغييرات الكلية بين وزراء المؤتمر الوطنى، وهو الأمر الذى جعل البعض يطالبون بتعميم التغيير ليشمل الولايات، وتناسى هؤلاء ان الولاة منتخبون من الشعب ولم يكملوا فترتهم بعد، وان تغيير الحكومة لا يقتضي باي حال تغيير الولاة، حتى جاءت مقررات لجنة الدكتورة بدرية سليمان لتؤكد ضرورة الابقاء على الولاة ليستكملوا مدتهم طالما لا توجد عوائق امنية او فساد يستدعى تدخل الرئاسة لحسمه بتغيير الوالى، أما مسألة ضعف التنمية والخدمات فى الولايات فهذه مسؤولية الحكومة المركزية التى فشلت فى توفير الاعتمادات التى تمكن الحكومات الولائية من إنجاز حزمة مشروعاتها التى بشرت بها الجماهير، والحكومة الجديدة فى بحر أبيض وجدت قدراً كبيراً من الترحاب وباركتها معظم الاوساط التى اعتبرتها خطوة شجاعة من الوالى اراد بها ان يلبى اشواق الناس بالابتعاد عن الاوجه القديمة التى اعتاد الناس على رؤيتها فى كل حكومة، والإتيان بأوجه جديدة عهد بالعمل التنفيذى لإبعاد الجهاز التنفيذى والخدمة العامة من الاستقطاب والشللية، فقد عانى إنسان بحر أبيض اشد معاناة من المسترزقين من العواسة السياسية الفاسدة والفاشلة التى عرقلت على الولاية مشوارها النهضوى، والخير كله في ما فعله الشنبلى بتغييره لذمرة المنتفعين السابقين الذى لم يفيدوا انسان الولاية فى شيء، ولم يضيفوا له جديداً بتغيير اقتسام موارده وتشتيتها، فازاحة هذه الوجوه لوحده انما هو تفريج على اهالى النيل الأبيض الذين كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر والمرجفين الخائفين على فقدان مناصبهم، واولئك الذين كانوا يعتقدون أنهم لن يكونوا من خيارات الشنبلى هم الذين ساقوا الشائعة وروجوا لاعفاء الوالى من منصبه، وارادوا ان يخلقوا حالة من البلبلة والفوضى فى الولاية، خاصة بعد تداعيات الاوضاع فى دولة الحنوب. واعتقد ان حكومة الشنبلى الجديدة اراحت الانسان فى بحر ابيض ولكنها راحة لن تكتمل الا بجهد مضاعف يعيد للنلس هناك البسمة ويحفزهم على الانتاج ومضاعفة الجهد فى زمن الاوضاع الاقتصادية وأصيب الناس فيها بالاحباط والخمول، وفتحت ابواب التسول والتكاسل والعطالة. وما نحمد عليه الله أن الشنبلى فى الحكومة الجديدة جاء باكثر من ثمانين بالمئة من الحكومة من اوساط الشباب والعلماء، حيث تم تعيين واحد من حملة الدرجات العلمية ويعمل الآن فى جامعة الامام المهدى وزيراً للتربية. واهم ما يميز الوزراء والمعتمدين الجدد ان يكون لديهم استعداد كبير للعمل من اجل قضايا المواطن وليس مصالحهم، لكونهم حديثي عهد بالعمل العام، وسيكون الاستعداد لديهم لإثبات ذاتهم أكبر خاصة فى اطار اتجاه الدولة إلى رفد العمل العام بكوادر تصلح ما اعوج من خلال الممارسات السابقة، والاهم من هذا كله ان الشنبلى أبقى على شخصيات من طاقمه القديم تستحق تجديد الثقة فيها، امثال الوزير حافظ عطا المنان والمعتمد ابو عبيدة العراقى، لكنى لا اجد مبرراً لاعادة البعض مثل البر وغيره، اللهم الا اذا كان ذلك فى اطار الترضيات السياسية، ولا اعتقد ان البر نفسه فى حاجة لها، ففى ظل شح الموارد العام الذى تعانى منه الدولة لن يستطيع البر أن ينهض بقطاع الشباب لأن الصرف عليه مختلف، ولن يكون من اولويات المالية، فإن كان الرجل لا يستطيع ان ينجز شيئاً فاتركوه وحاله، اما الاحتفاظ بعطا المنان فهو المكسب الذى لا مزايدة لأحد عليه، لأن عطا المنان كسب ثقة الوالي وأهل بحر أبيض بما قدمه من جهد كبير فى اطار توظيف المال العام وضبط الانفاق الحكومي واستنباط موارد جديدة، ووضع نظام داخلى دقيق لمحاربة الفساد، فخلق بقدرته فى ادارة المال العام مستفيداً من خبرته السابقة فى وزارة المالية، استقراراً في الاداء المالى بالولاية، ولذلك فإننا نأمل أن تكون الحكومة هذه المرة موفقة فى إحداث نقلة حقيقية وانحياز كامل لصالح المواطن.