حقق المنتخب الليبي الشقيق انجازاً عظيماً بفوزه ببطولة الأمم الافريقية «الشان» بعد انتصاره على المنتخب الغاني صاحب الاسم والتاريخ في مباراة ماراثوانية حسمها بضربات الجزاء ليدخل التاريخ كأول منتخب خارج التوقعات والترشيحات يفوز بالبطولة وينتزعها من الكبار الذين احتكروا الجلوس على عرش الكرة الافريقية لسنين طويلة.. واذا كانت ليبيا قد فازت بالبطولة الافريقية وكتبت اسمها بأحرف من نور في تاريخ الكرة الافريقية رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة وانفلاتها الأمني الذي اجتاح كل أنحاء البلاد بعد ان فشلت الحكومة في نزع سلاح المجموعات والمليشيات والمنظمات التي مارست كل أنواع الارهاب من اغتيالات واختطاف للشخصيات طال حتى رئيس الوزراء علي زيدان ووصل مرحلة احتلال منابع النفط وموانئ التصدير والهجوم على السفارات والوزارات ومراكز الشرطة والقوات المسلحة، واذا كانت ليبيا بعد كل هذه الظروف الاقتصادية والمهددات الأمنية قد فازت بالبطولة بينما خرج منتخبنا الوطني من المراحل الأولية فان هذا يعني ان الكرة السودانية ضعيفة ومتخلفة ولا تملك امكانيات التنافس الافريقي من قوة وسرعة ومهارات وقدرات تنظيمية وتكتيكية بدليل ان منتخبنا لم يتمكن من الوصول للنهائيات الافريقية لأكثر من 30 عاماً، ولم ينل شرف الفوز بالبطولة الافريقية الا مرة واحدة في العام 1970م وظل منذ ذلك الوقت يواصل الخروج من التصفيات أو المراحل الاولية للنهائيات كما حدث بغانا التي خرج من دورها الأول بعد ثلاث هزائم لم يحرز فيها هدفاً شرفياً واحداً. وحتى الأندية التي نصرف عليها عشرات المليارات سنوياً لتسجيلات المحليين والاجانب والمعسكرات والمرتبات لم تحقق انجازاً يذكر سوى وصول الهلال مرتين لنهائي الاندية وفوز المريخ بكأس مانديلا 89 اي قبل 25 عاماً لينافس المنتخب الذي فاز ببطولته اليتيمة قبل 44 عاماً، واذا استمر معدل الفوز بالبطولات بهذا المستوى فان الكرة السودانية لن تحقق الفوز بأية بطولة افريقية قبل مائة عام على أقل تقدير وليس هذا تشاؤماً أو يأساً ولكنه قراءة واقعية لكرة تدار بالعشوائية وتعتمد على اللاعب الجاهز بكل عيوبه وسلبياته، ويعتقد كل المسؤولين فيها ان مدارس الكرة والمراحل السنية اهدار للمال ومضيعة للوقت وليس لها اي دور في تطوير اللعبة والارتقاء بها ولذلك فان تفكير معظم القيادات التي دخلت هذا المجال ينحصر في الانجاز السريع لتحقيق الشهرة والمكانة والمصالح الخاصة وليس خدمة اللعبة بالخطط والبرامج التي تحتاج لسنين طويلة لتخريج اللاعبين المؤهلين بدنياً وفنياً والقادرين على امتاع الجماهير وتحقيق الانجازات الخارجية التي تشرف الوطن.. خلاصة القول ان الكرة السودانية ستظل تدور في دوامة التخلف والتراجع الى الأبد ما دامت القيادات الادارية مشغولة بالصراعات والخلافات وتصفية الحسابات، والصحافة الرياضية تروج لمبيعاتها بالمعارك الشخصية والانحياز السافر للأندية بالاستفزازات والمكايدات والكوادر التدريبية محلك سر دون ان تسعى لتطوير قدراتها بالمشاركة في الدورات والاطلاع على كل جديد في عالم اللعبة، والحكام الذين يهدرون جهود الاندية بالأخطاء والانحياز، والجماهير التي زرعوا في دواخلها العصبية والتطرف اصبح كل همها خسارة المنافس وتدميره وليس رؤية فريقها قوياً ومنتصراً. فالكرة لم تعد وسيلة للمتعة والترفيه بقدر ما أصبحت وسيلة للمكايدات وتصفية الحسابات والتنفيس عن هموم الحياة ومشكلاتها..