وكت سِيرتِك يجيبوها أهلي كتير بريدوها... وحليل العشرة ما بتهون على الناس البعزوها... هكذا مازلنا نغني ل «سودانير» شركة الخطوط الجوية السودانية والناقل الوطني العزيز... صاحبة أجمل الشعارات التي حلقت في سموات العالم. يكفينا هماً أن «سودانير» حملت كل اسم السودان وطارت به محلقة في كل الأجواء ومن هنا نالت لقب «سودانير» ولم ولن تنله أية شركة أخرى خاصة مهما أراد الآخرون. سر عجيب ودفين غير مفهوم في الذي يجري ل «سودانير» من يا ترى وراء قتل «سودانير» وقص أجنحتها كما يقول الأخ الأستاذ طلال مدثر في المحطة الوسطى ب «الشروق».. هذه الشركة العملاقة بعمالقتها من خبراء صناعة الطيران وطياريها المتفردين... ورغم الحب العميق من السودانيين لناقلهم الوطني وخاصة العاملين عليها وما لحقهم من أبناء وأجيال يعشقونها بجنون.. لم يستطيعوا مقاومة المرض السرطاني «الشيطاني» الذي تقاذفها بلعنته حتى أوصلها نهاياتها وجعلها أشلاءً تملأ أعضاؤها مخازن وهناقر مطار الخرطوم... «سودانير» التي كانت تمثل في كل دولة بمكاتبها المنتشرة هناك حول العالم سفارات بحكم موظفيها الذين هم حقيقة بقامات سفراء يجيدون لغات العالم تحدثاً ومخاطبة وإقناعاً، ومظهرهم الدبلوماسي في زيهم وعلامات الكتف الذهبية وربطة العنق الزرقاء يحليها شعار «سودانير» الأول للطيران، وتلك البدل السوداء التي تسر الناظرين والذين كانوا يعينون في «سودانير» حينها كانوا «يفلترونهم» عائلة وأصالة وجذوراً ووطنية وعلماً وعلوماً ليصبحوا سفراء في ثوب آخر من الدبلوماسية المهنية لتحقيق شعار «سودانير» الناقل الوطني... مات منهم من مات ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً، فحب «سودانير» مازال يجري فيهم مجرى الدم حتى تجلط متأثراً بالضربات والطعنات التي ألمت ولحقت ب «سودانير»... التي وئدت وهي في قمة نشاطها وتيهها وجمالها. الآن وفي مراحلها الأخيرة التي شهدت نهاياتها اعتلى كابيناتها كل من هبَّ ودبَّ بلا طعم ولا رائحة ولا ذوق عام إلا من رحم ربي، وحتى هؤلاء أصبحوا كالغرباء وفي دهشة لم تذهب منهم حتى اليوم.. ما الذي يجري حولهم.. لا يعرفون ولا يفهمون؟ أيادٍ خفية وراء قتل «سودانير» يعلمها أصحاب الوجعة، وهؤلاء وهم لا يعلم أمرهم إلا الخالق الواحد الذي جعلها تطير محلقة بلا عمد. ول «سودانير» فضل كبير لا حصر له... لا يحصره «الوهج» ولا مساحاته الضيقة ولا يستطيع التاريخ كتابته في كل شيء وأي شيء... قدمت الكثير في خدمة البلاد والعباد.. وحملت المرضى والأسرى والأموات من أبناء السودان منه وإليه دون كلل وملل.. وهي مباركة بفهم الربح والربحية... ولم نسمع بخسارة لها وهي تفعل كل هذا إلا بعد أن «تبحلقت» فيها العيون التي لا تخاف الله في ما تنوي وتقصد... فعلت هذه الأيادي فعلتها حتى جثمت طائراتها على الأرض ولم تقلع بعد. و «سودانير» كانت تملك أسطولاً لا يستهان به جابت به كل مدن العالم بشعارها الجميل الذي تهافتت عليه شركات الطيران العالمية.. شعار يحمل في مضمونه معاني ومفاهيم ظلت تحملها أعلام ورايات الوطن... وحين تهبط في مطار من المطارات كانت تهبط معها قلوب وأفئدة المواطن السوداني أين كان، ويشعر بالاطمئنان فوطنه قد هلّ وحلّ. إن لم يكن هناك سر دفين لا نعلمه فما الذي يجعل المقدرة لشركات خاصة لا تملك إمكانات الدولة تطير وتجوب في الداخل والخارج.. و«سودانير» التي تملأ خزينة الدولة حينها تظل جاثمة على الأرض لا حول لها ولا قوة مكسورة الجناح؟.. ما هو السر وراء عجز الدولة لتعود «سودانير» بمجرد قرار رئاسي يتخذ عاجلاً لإقلاعها وإعادتها لتاريخها التليد؟... حتى لو أوقفنا كل خطط ومشروعات التنمية الأخرى واعتبرنا «سودانير» أهم هذه المشروعات والخطط التنموية بالبلاد، ناهيك أنها تمثل هيبة دولة ووطن شاسع كبير له سيادته وكلمته وقوته وسط البلاد.. ما الذي يجعل «سودانير» بلا مجلس إدارة حتى الآن ليقرر ويصادم لأجل عودتها؟!... كل ما تملكه «سودانير» الآن طائرة وحيدة لا ثانية لها من طراز الفوكرز حمولة خمسين راكباً فقط تجوب بعض المحطات الداخلية، وطائرتان أخريان مؤجرتان من الأردن لرجل أعمال أردني يدعى «خشمان» وواحدة منهما اعترضت طريقها مجموعة «صقور» جعلتها هي الأخرى جاثمة بلا حراك.. والطائرة التي سميت «شمبول» من طراز الإيربص التي تم شراؤها شراءً إيجارياً حمولة مئة وثمانون راكباً طارت هي الأخرى عائدة من حيث أتت، ولم يسأل أحد عن أسباب طيرانها بلا عودة.. ولم يسأل أحد لماذا؟ وكيف؟ وطائرة الفوكرز الثانية تحتاج فقط لما لا يزيد عن مئتي ألف دولار فقط لتعود مشاركة، ويمكن أن تعيد هذه المبالغ خلال شهر واحد فقط أو أقل... الحديث يتواصل عن «سودانير» و «شمبول» التي طارت ولم تعد.. عقب الرسائل الصادقة ليوم الجمعة غداً بإذن الله.