يعتبر كثير من العلماء أن الشدة النفسية هي استجابة الجسد للتغيرات المفاجئة في المحيط، فالناس والحيوانات أيضاً، يحتاجون إلى المزيد من الطاقة كي يصمدوا أو يواجهوا أو يهربوا حين يواجههم خطر ما. إن رد الفعل الطبيعي للجسم تجاه أي وضع خطير هو تزايد ضربات القلب والتوتر العضلي وارتفاع ضغط الدم. واليوم لا يواجه الناس المخاطر نفسها التي كانوا يواجهونها في الماضي البعيد، مثل العراك مع الحيوانات المفترسه لحماية عائلاتهم، غير أن الناس يواجهون أوضاعاً تجعل أجسامهم تستجيب بصورة مشابهة، فيتزايد عدد ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم ويزداد توتر العضلات ويحدث التعرق. وهذه الاستجابات العاطفية والجسدية تساعدهم على الاستعداد لمواجهة الصعوبة من خلال زيادة تركيزهم. وبعد التغلب على التحدي، يسترخي الجسم وتعود ضربات القلب وضغط الدم وتوتر العضلات إلى وضعها الطبيعي. وهذا يعطي الجسم فرصة لاسترداد عافيته، ويجعل الشخص يشعر براحة نفسية لأنه تغلب على التحدي. ويشعر الناس بشيء من التعرق والتزايد في ضربات القلب قبل الظهور أمام الجمهور أو قبل الامتحان، وهذه ميزة تساعدهم على النجاح تدعى هذه الحالات «تحديات» أو «شدات نفسية جيدة»، أو «شدات نفسية حادة». وحين تكون الحالات التي تسبب استجابات الشدة الجسدية أو العاطفية حالات مستمرة أو حين يظن الإنسان أنها مستمرة، فإن الجسم لا يحصل على فرصة للاسترخاء. وهذا يسبب توتراً عضلياً مستمراً وهذه الحالة تدعى «شدة نفسية سيئة» أو «شدة مزمنة». أخطار الشدة النفسية: إن الشدة النفسية المزمنة التي لا تنتهي يمكن أن تؤدي إلى العديد من الأمراض، مثل ارتفاع ضغط الدم، وهذا يمكن أن يقود إلى مشكلات قلبية بما فيها النوبات القلبية، كما يمكن أن يؤدي إلى صداع الشقيقة وإلى آلام الظهر والقرحة وإلى الإصابة بالسرطان أحياناً. تربط دراسات عديدة بين الشدة النفسية وضعف الجهاز المناعي، حيث أن الجهاز المناعي مسؤول عن مقاومة الأمراض والجراثيم التي تغزو الجسم، وغالباً ما يقع الشخص الذي يعاني من شدة نفسية مزمنة، ضحية المرض جراء ضعف جهازه المناعي. وقد يحاول الناس الذين يعانون من شدة نفسية مزمنة التخفيف عن أنفسهم باللجوء إلى تعاطي الكحول أو المخدرات أو إلى التدخين، وقد يبدو أن المنشطات تخفف من وطأة الشدة النفسية، لكن مفعولها لا يدوم إلا لوقت قصير، وما يحدث في النهاية هو المزيد من التدهور، لأن الشخص يصبح مصاباً بالإدمان والشدة النفسية معاً. أعراض الشدة النفسية: قد لا تكون الحالات التي تسبب الشدة النفسية واضحة تماماً، فالانتقال إلى بيت جديد واسع حدث إيجابي وممتع، ولكنه يمكن أيضاً أن يسبب شدة نفسية غير متوقعة جراء كل التغيرات التي تحدث، وحين يقع الناس تحت تأثير شدة نفسية فقد يشعرون بما يلي: صداع توتر عضلي ارتعاش في اليدين تعب أرق حرقة في فم المعدة كما يمكن أن يشعر الناس الواقعون تحت تأثير شدة نفسية بما يلي: قلق خوف تشوش توتر سرعة الغضب عدائية عجز التركيز. وعادة ما تؤدي هذه المشاعر إلى تغيرات في السلوك مثل التكلم بفظاظة مع الآخرين، والتعرض للحوادث، والطرق بالأصابع على المكتب بطريقة لاإرادية. ولا تتشابه جميع الأعراض والمشاعر عند كل الناس الواقعين تحت تأثير الشدة النفسية. والحالات التي قد تسبب شدة نفسية عند بعض الناس قد تكون ممتعة لدى البعض الآخر، مثال التحدث أمام الجمهور، مقابلة المسؤول في العمل، مقابلات الحصول على وظيفة، فهذه أمثلة قليلة عن حالات تسبب شدة نفسية لدى بعض الناس وتكون ممتعة بالنسبة للبعض الآخر. فالشعور بكثرة المشاغل في العمل أو في البيت، يجعل كثيراً من الناس يشعرون بأنهم تحت الشدة النفسية، كما أن عدم الثقة بالمستقبل يمكن أن تسبب شدة نفسية. وعدم معرفة ما ينتظر الإنسان بعد خسارته لعمله، أو بعد أن يتزوج، أو بعد أن يرزق بولد هي أمثلة عن عدم الثقة التي يمكن أن تضر به. ومن المفيد أن نصنف مسببات الشدة النفسية ضمن ثلاث فئات: 1/ المسببات العارضة. 2/ التغيرات الكبيرة في الحياة. 3/ المشكلات المستمرة. المسببات العارضة هي أحداث مزعجة مؤقتة، ولكنها يمكن أن تولد شدة نفسية كبيرة، ومن الأمثلة على ذلك ضياع مفتاح البيت، التخلف عن موعد رحلة سفر، التعرض لغرامة بسبب مخالفة مرور. يمكن أن تشمل التغيرات الكبرى في الحياة أحداثاً إيجابية وأخرى سلبية، ومن الأحداث الإيجابية مثلاً الزواج، أو التخرج في الجامعة، أو البدء في العمل، أو ولادة طفل. ومن التغيرات السلبية موت أحد أفراد العائلة، أو الفصل من الوظيفة أو الطلاق. والمشكلات المستمرة التي تشمل الحالات التي تسبب الشدة النفسية مثل الزواج غير الموفق، أو الوظيفة غير الثابتة، أو العلاقة السيئة مع أحد أفراد العائلة أو مع أحد الزملاء، أو تراكم الديون.