ظلمت قوات الدعم السريع حتى من ذوي القربى الوطنية وحاولت جهات عديدة تشويه صورتها والتشويش عليها، ولم يمض عليها وقت طويل منذ أن تشكلت بوصفها قوات ذات كفاءة قتالية عالية، سريعة الحركة، سهلة التنقل، تجيد الحرب الخاطفة، وكان تكوينها نتيجة لمتطلبات عملياتية وقتالية لازمة، بعد تنامي وتزايد أساليب حرب العصابات التي تمارسها الحركات المتمردة في دارفور والجبهة الثورية وقوات الجيش الشعبي التابعة لقطاع الشمال بالحركة الشعبية. وخلال فترة قصيرة جداً من تكوينها أنجزت هذه القوات الكثير في العمليات بجنوب كردفان ودارفور، وحققت تحت قيادة القوات المسلحة وقيادة العمليات بجهاز الأمن الوطني والمخابرات انتصارات كبيرة في مختلف مسارح العمليات، وكسرت بالفعل شوكة التمرد في هذه المناطق، وسحقت المتمردين بنسبة 70% كما قال اللواء الركن عباس عبد العزيز قائد هذه القوات في تصريحات نشرتها الصحف أمس. ويظن كثير من الناس أن العميد محمد حمدان دقلو «حميدتي» هو قائد هذه القوات ويصنفونه قبلياً وأنه على خطأ، وكأن هذه القوات مجرد مليشيا وليست قوات نظامية، والصحيح أن حميدتي قائدها الميداني، وهو مقاتل شرس منذ عمله في قوات حرس الحدود في دارفور. وتعرضت هذه القوات خلال الفترة السابقة لهجوم سياسي وإعلامي شرس وماكر من المتمردين وشيعتهم قبل أن تتوجه لمناطق العمليات بجنوب كردفان، وشنت عليها حرب شرسة في المواقع الإلكترونية أثناء العمليات بتنسيق كبير بين معارضة الداخل والخارج، وألصقت بها العديد من التهم في ثلاث حوادث لم يتم التحقق من صحتها وصلتها بها، وهي حوادث فردية لا يمكن أن تنسب بأي حال من الأحوال لقوات تتحرك في عدة محاور وتجاوز عددها ستة آلاف مقاتل. لكن المحير حقاً أن حملة سياسية وإعلامية صوبت سهامها تجاه قوات الدعم السريع، مستغلة حادثاً فردياً في ولاية شمال كردفان، وصورت للناس أن هذه القوات تشابه يأجوج ومأجوج جاءت لتفسد في الأرض وتنشر الرعب والخراب وهي تجوس خلال الديار، وركب كثيرون تلك الموجة إلى درجة أن والي شمال كردفان مولانا أحمد هارون اتخذ موقفاً متشدداً للغاية وقاد بنفسه عملية إخراج هذه القوات من شمال كردفان تحت ضغط الحملة السياسية دون مراعاة للحقيقة وما جرى على الأرض والتثبت من الوقائع قبل إطلاق الأحكام.. ومولانا أحمد هارون عليم ويدرك بيقين لا تلجلج فيه حقائق هذه التجربة الفريدة منذ نشوئها حتى منتهاها وأهميتها ونجاحاتها. وكل ما نسب وعلق بثياب هذه القوات قابل للتحقيق والتقصي والتحري من صحته، لأن هذه القوات عندما غادرت إلى مسرح عمليات آخر في دارفور لتطارد فلول الجبهة الثورية والحركات المتمردة التي تسللت إلى دارفور، ومرت بعدة مناطق وولايات، لم يسمع عنها أية تجاوزات، واستقبلت من مواطني المحليات والقرى والولايات التي مرت بها استقبالات حاشدة وكبيرة، وكانت تقام لها مناسبات تكريمية تنحر فيها النوق العتاق، تقديراً لدورها في استباب الأمن ونشر الطمأنينة في المناطق التي كانت فيها ومرت بها. ومن لا يعرف السبب وراء كل ذلك لا يمكنه تقييم الوضع الحالي لهذه القوات تقييماً صحيحاً، فخلال وجودنا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لمتابعة المفاوضات حول المنطقتين مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية، كانت كل بيانات قطاع الشمال وأحاديث أعضاء الوفد المفاوض من المتمردين، تزخر بتعريض وتحريض ضد هذه القوات، وتجأر مرَّ الشكوى من الدور الذي قامت به قوات الدعم السريع في جنوب كردفان، ولم يخلُ اجتماع عقده وفد التمرد مع رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى أو مع المبعوثين الدوليين أو المنظمات الحقوقية الدولية من طرح موضوعات تتعلق بهذه القوات، وتوجيه التهم ضد الحكومة باستجلاب «جنجويد» من خارج السودان للقتال في جنوب كردفان!! وتم تكرار ذات الأسطوانة المشروخة السابقة التي تم تدويرها في أزمة دارفور، ويتطابق الغرضان السياسي والأمني عند قطاع الشمال مع جيوب التمرد في الداخل من أجل إبعاد هذه القوات وتشويه صورتها وتصويرها كأنها جسم من خارج القوات النظامية ومجموعة من المتفلتين المارقين.