في المرة الأولى عندما تجمع عدد من قيادات الزغاوة بالخرطوم في عقاب الليل وقرروا السفر لأم جرس من دون سابق ترتيب أو إحاطة لمناقشة قضايا متعلقة بالاوضاع بدارفور، اعترض بعض من رموز الزغاوة على طريقة الدعوة والاجندة المطروحة، ومن بين هؤلاء المهندس آدم الطاهر حمدون الوزير السابق والقيادي السياسي المعروف، غير ان الوفد سافر لأم جرس وكان وفداً حصرياً على قيادات من الزغاوة وبعض من قيادات الادارة الاهلية للزغاوة، ووقتها استبشرنا خيراً وقلنا يجب أن يعطى هؤلاء فرصة علهم ينجحون في رتق الأزمة وإقناع جبريل إبراهيم شقيق خليل إبراهيم الذي خلفه على قيادة حركة العدل والمساواة ومعه مني أركو مناوي، بوضع السلاح والعودة لحضن الوطن، لأن التمرد في دارفور عصبه الزغاوة وبالتالي «خلو ناس حسن برقو يشيلوا الشيلة مع جماعتهم ديل». وسادت الهمهمات مجتمع دارفور وقتها الذي انشغل بالاسباب الحقيقية وراء الاجتماع القبلي للزغاوة مع الرئيس التشادي ادريس دبي، وهو رئيس معروف ينحدر من قبيلة الزغاوة الواسعة الانتشار في تشاد ودارفور، وهمهمات أهل دارفور هذه مازالت قائمة ولم تتصدر جهة محددة بالإجابة الصريحة عليها حتى السيد الوزير دوسة الذي حاول أن يبرر في أكثر من منبر إعلامي طبيعة الدعوة وأهدافها، ولم يستطع ان يكون مقنعاً لإنسان دارفور. المهم ذهب الزغاوة لأم جرس الاولى، فاجتمعوا وانفضوا واختلفوا فيما بينهم، ومن رجالات الادارات الاهلية للزغاوة من اعترض على تجمع أم جرس على اعتبار انه قد يكون تجمعاً خصماً على الزغاوة وليس فيه إضافة لهم، وحتى ظروف النثريات كان في توزيعها «خيار وفقوس». غير أن أم جرس الأولى لم تحقق المكاسب المرجوة منها، حيث أنها لم تنجح لا في إقناع جبريل إبراهيم ولا مني أركو مناوي لترك الحرب والعودة لخيار السلام، والدليل القاطع هو الخراب الذي ساد محليات في ولاية شمال دارفور مثل محلية مليط بفعل مرتزقة مني أركو مناوي، وملتقى أم جرس يتخذ لنفسه بناية شاهقة في أرقى أحياء الخرطوم. ولكن الجديد أن مهندسي ملتقى أم جرس الذي يعقد حالياً ذهبوا هذه المرة لإضفاء المزيد من الشرعية على منبرهم وإنتاجه في ثوب جديد بإدخال كل الإدارات الأهلية في دارفور التي أسقطوها من حساباتهم في المرة الأولى، غير أن الحقيقة المرة أن ذات الإدارات الأهلية مع احترامنا لمقاماتهم المحفوظة، اجتمعوا أكثر من مرة بشأن حل مسألة دارفور، لكنهم لم يستطيعوا ان يفعلو شيئاً، وعلى رأي المثل «زامر الحي لا يطرب»، وقضية الحرب في دارفور تجاوزت منذ بدايتها المنظومة الأهلية الموجودة على الأرض. ونتساءل ما الضرورة من تشتيت جهود الحل لأزمة دارفور في أكثر من منبر وأكثر من زاوية؟.. ماذا يفعل مكتب سلام دارفور؟ أليس هو الجهة المفوضة من الدولة لإدارة ملفات السلام بدارفور سواء أكان ذلك في منابر داخلية أو إقليمية. الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها الجميع أن قيادات سياسية عريضة في دارفور ومؤثرة وإدارات أهلية لها رأي واضح في ما يجري بأم جرس والغموض الذي يكتنف هذا المنبر، وإلى أين هو يسوق قضية دارفور؟ ولمصلحة من توظف مخرجات هذا المنبر الذي بدأ منبراً قبلياً صرفاً مختلفاً عليه حتى داخل القبيلة الواحدة، ثم أن مقرراته الابتدائية لم تؤثر على الحركات المسلحة وهي المعنية بالتسوية.