لم يكن أكثر المتشائمين يتصور أن الحزب الذي بدأ مسيرته عبر مبادئ إسلامية تمثلت في «الصيام الجماعي كل خميس، والانخراط في الكتائب الجهادية لأفراده، والزيارات الاجتماعية لمنسوبيه، والتضحية بالنفس والمال لقياداته، وغيرها من أعمال الخير والبر» لم يكن يتخيّل أن الحزب الكبير مجرد أن يغرق في عسل السلطة تتلاشى هذه المبادىء، وتتصارع فيه التيارات من أجل أطماع السلطة، ويتهدّم البناء الذي أفني فيه رموزه الكبار زهرة شبابهم من أجل حزب يسود العالم الإسلامي، غير أن الحزب قبيل أن يكمل العقد الأول من استيلائه على السلطة فقد مهندسه الأول، فحزب الجبهة الإسلامية سابقاً والمؤتمر الوطني حالياً، لم يكن الانشقاق الأول الذي حدث في العام «1999م» والذي قضي بخروج عَرابهُ حسن الترابي من التنظيم، لم يكن كافياً لإصلاح مسيرته، وهاهو اليوم يواجه تيارات متصارعة من داخله أقعدت من مسيرته وشلت حركته.. ومهما حاول منسوبوه القول بغير ذلك فإنه يظل فقط «للاستهلاك السياسي».. وتيارات مثل «المؤتمر الشعبي المستقلين الإصلاح الآن»، كل هذه المسميات تتبع لحزب واحد هو «المؤتمر الوطني» ومن يدري ربما غدت تيارات مثل «تصحيح المسار لا حوار مع البرلمان كفاية مهازل»، ربما تطفو على السطح وتصبح لافتات لأعضاء حزب منشق عن الحزب الأصل ثم تخوض انتخابات «2015م» منفصلة. وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس الحزب «رئيس الجمهورية» إلى الحوار مع الأحزاب الأخرى يفتقد الحزب هذه الجرأة بداخله لكي يتحاور مع المنشقين منه، «ففاقد الشيء دائماً لا يعطيه».. وبالولاية الشمالية أراد حزب المؤتمر الوطني عقد مؤتمراته القاعدية لشعب الأساس البالغ عددها «585» شعبةً بمحليات الولاية السبع، غير أن التحديات الماثلة أمام الحزب تجعل من هذه المؤتمرات معارك ربما تكون نتائجها قاسية على منتسبي الحزب الواحد. وعطفاً على ما سبق فقد شهدت قرية «سوري» التي تبعد «45» كيلو متراً جنوبدنقلا، والتي يبلغ عدد سكانها حوالى ألفي نسمة شهدت أحداثاً مؤسفة كان ضحيتها المواطن «عبيد إدريس» الذي فاضت روحه في ميدان الحدث، وتعود تفاصيل الأحداث بحسب رواية معتمد القولد أمير فتحي محمد أحمد «للصحيفة» بقوله إن السلطات بالمحلية كانت بصدد عقد مؤتمر لشعبة الأساس لحزب المؤتمر الوطني بالقرية عصر «الجمعة الماضي» وسمحت بدخول الأعضاء التابعين للحزب للمدرسة، بينما رأت مجموعة معينة الاعتداء على المؤتمرين لإلغاء المؤتمر وعلى رأس المجموعة العضوين المجمدين بالحزب «عبد الوهاب أبو، وأحمد حامد» حيث أرادوا إفشال المؤتمر بأية طريقة، وعلى إثر ذلك قام الأفراد التابعين للعضوين بالاعتداء على قوات الشرطة بالحجارة، فيما تعاملت معهم الشرطة بالمهنية المطلوبة وقامت باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، وشاءت إرادة الله أن يتوفى المواطن «عبيد» والذي يبدو أنه يعاني من حساسية متأثراً بالغاز المسيل للدموع، مضيفاً أن المؤتمر تم عقده بينما كانت هذه الأحداث عقب إجراء المؤتمر، موضحاً أنه تم التحفظ على مثيري الشغب والتحقيقات متواصلة معهم، وأوضح معتمد القولد أن أهل المتوفي حركوا شكوى ضد الجماعة التي هاجمت المؤتمر باعتبارها هي من تتحمل مشاركة ابنها في الأحداث.. وتشهد قرية سوري منذ يناير من العام الماضي أحداثاً مؤسفة بعد القرار الذي قضي بحل اللجان الشعبية حيث رفضت اللجنة حيثيات القرار باعتبار أن اللجنة منتخبة وأن القرار يكرس للشمولية ومنذ ذلك التاريخ لم تهدأ الأحداث بهذه القرية التي تشهد صراعاً عنيفاً بين السلطات بالمحلية من جهة والمؤيدين للجنة الشعبية السابقة من جهة أخرى، كما شهدت القرية قبل يومين استلام محطة هيئة المياه بقوة الشرطة عندما رفضت اللجنة السابقة تسليم الهيئة للجنة الجديدة. الجدير بالذكر أن مؤتمرات شعب الأساس بالشمالية بدأت منذ الأول من أبريل الجاري والتي ستستمر حتى يونيو المقبل وتوجد بالولاية الشمالية حوالى (585) شعبة أساس.