سؤالنا الأول الذي نطرحه بين يدي محافظ بنك السودان السيد عبد الرحمن حسن عبد الرحمن، هو أن الزيادة التي طرأت على أسعار صرف العملات أخيراً وخصوصاً الدولار الامريكي بالسوق الأسود والتي أشرت إلى انها ترجع لمضاربات وطلبات وهمية، هل من سبيل تراه إلى سد الطريق أمامها؟!..أم أنها قدر فوق طاقتكم الذهنية لا تستطيعون مجابهته ومحاصرته؟! ثم هل تصريحكم المهم هذا بوصف زيادة أسعار الصرف في السوق الأسود بأنها وهمية يكفي لحسمها عندما يمتنع الناس من الشراء بالسعر الزائد وهمياً؟! لكن من هم هؤلاء الناس؟! اذا كانوا ذوي الحاجات الماسة مثل مستوردي خام الصناعات أو من يقصدون بعض الدول للاستشفاء او الرفاهية أو غير ذلك من ضروريات الحياة وغير ضرورياتها، فيمكن أن يوفر لهم البنك المر كزي عبر البنوك ما يحتاجونه من عملة أجنبية. أما من يسعون لجمع العملة بغرض الاتجار والترويج فهؤلاء يمكن ان تردعهم الدولة كما فعلت من قبل مع زملاء لهم كان مصير بعضهم الإعدام. الآن لا نريد الإعدام.. نريد عقوبة السجن واذا رأت الدولة أن سجنهم يشكل عبئاً عليها، فإن تجار العملة يزاحمون المساجين وأغلبيتهم من الفقراء تحت خط الفقر.. وكل هذا من أجل ان نحترم عملتنا الوطنية ولا نجعلها عرضةً يعبث بها المستهترون باقتصاد البلاد.. نعم لماذا لا يشعر الانسان بهيبة الدولة إلا فقط حينما يحاول مس كرسي السلطة؟! .. هل هيبة الدولة عندنا فقط كرسي السلطة، وكل ما دونه بلا هيبة؟! أليست هيبة الدولة في المال العام وممتلكات الشعب؟ وكان أنموذجاً لذلك وآخر نموذج التلاعب الذي حدث بمكتب الوالي. وبعد ذلك «التحلل». لكن التحلل يكون إذا جاء اللص بنفسه وأعاد الأموال بعد أن أدرك ان الله سائله. لكن ان يُقبض عليه متلبساً ويوضع أمام فعلته فلماذا التحلل. وهيبة الدولة لا نجدها في كل شيء إلا في ما يمس كرسي السلطة، فمن سعى لإقامة ندوة يعرِّض نفسه للجلد لأن الندوة متعلقة بكرسي الحكم، وإن كان اصحابها ليسوا جديرين بما ليس جدير به الحزب الحاكم الآن. وإن كنت هنا أشير إلى اعضاء حزب البعث، فإن هذا الحزب قد حكم في العراق من قبل ورغم أنه كان مجرماً وقاتلاً إلا أن أموال وحقوق الشعب كانت في عهده خطاً أحمر، فلا يستطيع موظفون في مكتب وزير أن يفعلوا ما فعله بعض موظفي مكتب الوالي. ولا يستطيع أحد أن يلعب بسعر العملة الوطنية. فهناك كانت هيبة الدولة في كل شيء. لكن هنا فقط تشعر بها حينما تريد أن تمس كرسي الحكم أو النظام ولو بندوة في أصغر قرية على الحدود السودانية. وبالعودة إلى تصريح السيد محافظ بنك السودان، فهو يقول أيضاً بأن الواقع أكد انخفاض سعر الصرف الذي لم يستجب للاسعار الوهمية. لكن نقول للسيد المحافظ إن المواطن لحماية اسعار عملته الرسمية والواقعية، لا بد ان يشعر بهيبة الدولة حينما يريد ان يتلاعب بها ويلصق بها سعراً وهمياً، وهذا لا يتأتى إلا حينما تكون في يده لاغراض مهمة غير الاتجار بها. نعم لماذا يكون في البلاد الفقيرة هذي سوق سوداء للعملة تسمونها السوق الموازية؟!. إن المراقبين والخبراء الاقتصاديين من خارج الحدود يمكن ان يجيبوا على مثل هذا السؤال بأن الدولة نفسها تريد سوقين للعملة لمصلحة بعض الناس على حساب المصلحة العامة. أليس هذا فساداً تجارياً إذن يجد رعاية وحماية رسميتين؟ صلاحيات محافظ بنك السودان في حماية اسعار الصرف قد تقف في حدود تصريحات التوعية التي أطلقها أمس الأوّل في المؤتمر الثامن لمديري فروع البنك ببورتسودان. وهذا يعني أننا بالفعل نحتاج لمعارضة سياسية وطنية تعتمد على رؤى الخبراء لتعلِّم قادة البلاد ماذا يمكنهم ان يفعلوا، وتعلِّمهم كيف ينتجون الحلول للمشكلات الاقتصادية التي تواجه البلاد بتجرد وبدون محاباة لهذا أو هذي أو هؤلاء أو أولئك. نريد في هذه المرحلة معارضة اقتصادية يستعان فيها حتى بأمثال الزبير محمد الحسن وصابر محمد الحسن وعبد الرحيم حمدي.. فهل بالإمكان؟